لا شرف في سلام تصنعه القنابل
أمل الجبوري
ما إن استفقت على وقع الأخبار المتعلقة بالهجمات العدوانية، غير القانونية وغير الأخلاقية، التي شنتها الدولة الصهيونية على إيران، حتى عادت بي الذاكرة إلى ذات الصدمة التي ألمّت بي وأسرتني في عام 1981، حين شنّت إسرائيل هجومًا استباقيًا على المفاعل النووي العراقي، ودمّرته تقريبًا بالكامل. إن ما نشهده اليوم لا يختلف في جوهره؛ إذ تمارس الدول التي قسّمت منطقتنا منذ أكثر من قرن، تحت شعارات “التحرر” و”التمدّن”، أبشع أشكال الهيمنة الإمبريالية. هذه القوى، عبر أذرعها ودولتها التي أنشأتها في قلب منطقتنا، لا تزال تمعن في تفكيكنا، وضربنا، وتفريقنا.
من يشمت بما تعرض له الشعب الإيراني الجار، من حكومات أو شعوب في منطقتنا، عليه أن يدرك أنه سيكون عرضة للمصير ذاته، إن عاجلًا أو آجلًا. إن الأخلاق العربية والإسلامية التي نشأنا عليها، لا تُجيز الاصطفاف مع الظالم، بل تدعونا للوقوف إلى جانب المظلوم، مهما بدت المصالح مغرية أو العداوات طاغية.
ورغم أنني عراقية، وأدرك تمامًا حجم الأذى الذي ألحقته بعض السياسات الإيرانية بالعراق، خصوصًا بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، فإنني اليوم أُعلن تضامني مع إيران وشعبها، بوصفي شاعرة وإنسانة، وأدين هذا العدوان الوحشي الذي لا يعرف سوى لغة القوة والعنف والمكر. منذ النكبة وتطهير فلسطين عرقيًا، لم تذق منطقتنا العربية، ومعها الجارتان تركيا وإيران، طعم الاستقرار. إن الاصطفاف مع القوى الظالمة، تحت وهم “الردع” أو “التحالف”، ليس سوى مشاركة في حفر قبورنا بأيدينا.
أما السلام القائم على الإذلال والخضوع، فوصمة عار ستلاحقنا، وتلاحق تاريخنا، وأطفالنا، وأحفادنا.