الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تكلّموا تُعرفوا... الكلمة مرآة العقل والروح

بواسطة azzaman

تكلّموا تُعرفوا... الكلمة مرآة العقل والروح

حنان طالب الابراهيمي

 

جامعة الكوفة/ كلية الآداب/ النجف الأشرف

 

   الكلمة هي روح المعاني, وترجمان القلب, ورسالة العقل, ووحي الضمير, وفيض الخاطر, وهي عنوانٌ لصاحبها؛ بل هي تعبيرٌ وتعريفٌ عن الذات, فمن سنن الحياة أنّ الإنسان يُعرف بكلامه, ويُفهم بمنطقه, فالكلام لا يكون بمجرد النطق؛ وإنّما يجب أن يكون تعبيراً عن الذات بالحكمة, فالإنسان يكشف عن نفسه من حديثه وفكره وطريقة تعبيره, فمن لا يظهر علمه وأخلاقه لا يعرف قدره. يقول الإمام علي (عليه السلام) : ((المرء مخبوء تحت لسانه, فإذا تكلّم ظهر)), يبين لنا الحديث الشريف إن الإنسان الحقيقي لا يُعرف من مظهره وسكوته؛ بل من حديثه وهي دعوة إلى أن يُظهر الإنسان ما لديه من فكر, لا ليتباهى؛ بل ليُعرف.

   فطريقة كلام الإنسان تعكس ما في داخله من نية وعقل وثقافة, فليس من العقل أن يكتم الخير أو العلم أو الرأي النافع؛ بل عليه أن يعبّر بوعي ومسؤولية, وفي هذا المضمار يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام): (( اللسان ترجمان العقل)), فالكلمة إن خرجت, فهي مسؤولية, وقد تبني بها أو تهدم بها.

في وضعنا الراهن نلحظ كثيراً من أبناء المجتمع وخاصة (الشباب) يفتقدون حرية التعبير عن أنفسهم, ونتيجة لذلك تضيع الكثير من الفرص عليهم, ذلك يجعل شخصيته مجهولة على المجتمع, لربما يكون يمتلك علماً ومعلومات نافعة, ربما يكون شخصية يجذب لها الانتباه من الغير, والسؤال الذي يطرح نفسه, لماذا نجد مثل هذه الشخصيات في المجتمع؟ ... وذلك يرجع إلى أسباب عديدة, أولى هذه الأسباب هي (الأسرة) فبناء شخصية الإنسان تبدأ منها, متى ما أعطت الأسرة الأهمية وحرية التعبير الكافية للأبناء, كان ذلك محفزاً قوياً لبناء شخصية قوية تمتلك لباقة الكلام وثقافة التعبير, وبعد الأسرة (البيئة) فالإنسان ابن بيئته يؤثر ويتأثر بها, وذلك يشمل الشارع والمدرسة والجامعة ومكان العمل وغيرها, وهناك الكثير من الأمثلة الواقعية التي تجسد الموضوع, وأكثر الأمثلة التي يلفت إليها النظر وتحتاج إلى معالجة ومراجعة, ما يحدث في المدارس والجامعات, للأسف هناك كبت ظاهر عن حرية الكلام والتعبير, فمثلا نجد الطالب يخاف ويتراجع عندما يُطرح عليه سؤال ما, يتردد من الإجابة كونها صحيحة أم خاطئة, والسبب وراء ذلك هو حدية التعامل من البعض, فيجب أن يكون المجال مفتوحاً لمختلف الإجابات حتى لو كانت خاطئة, لأنّ ذلك يشجّع الطالب على الكلام وإظهار ما عنده من معلومات, وهذه مسألة مهمة جداً يجب الانتباه لها من المراحل الأولى للدراسة وحتى آخر مرحلة.

ومن الأمور التي يجب ذكرها في هذا المضمار, يجب أن يكون الكلام جميلاً طيباً يزينه الخلق والأدب, فبه تُعرف معادن البشر, فالكلمة الطيبة تبني القلوب وتقرّب الأرواح, وحب الناس قوة, وأهل الأرض من بني آدم يحبون الإنسان الصادق الحساس الذي يهتم بهم وبكلامهم, فالكلمة الصالحة الطيبة تصنع تاريخاً وتقود أجيالاً, فأنتم أيها الآباء الله الله بأبنائكم, وأنتم أيها المعلمون رفقاً بطلابكم, وأنتم أيها المسؤولون لطفاً برعاياكم, فاحذروا كلماتكم, فربّما كلمة تزرع في ذاكرة أحدهم, ويعاد صداها الف مرة نُقشت في قلبه, فإذا تكلّمنا فلابد أن يكون لهذا الكلام معنى وأثراً جميلاً, وإذا سكتنا لابد أن يكون لهذا السكوت معنى.

تكلّم بصدق... تتبين مكانتك

تكلّم بحكمة... تُحترم

تكلّم لتُصلح, لا لتفسد

وتذكر دائماً, الكلمة مرآة النفس ولسانك عنوانك...

 

 


مشاهدات 265
الكاتب حنان طالب الابراهيمي
أضيف 2025/05/26 - 3:51 PM
آخر تحديث 2025/06/06 - 4:48 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 350 الشهر 5234 الكلي 11139888
الوقت الآن
الجمعة 2025/6/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير