كلمات على ضفاف الحدث
تصفّح بسيط لحلم ماركس وما بعده
عبد اللـه عباس
كان والدي رحمه الله مع اباء الراحلين جميعا ‘رجل امي تعلم بمساعدة بعض اصدقائه كتابة اسمه واسم ابوه بذلك فقط سهل على نفسه والمحاسب الموزع لراتبه الشهري معرفة مكان اسمه في قائمة الرواتب ‘ رغم ذلك كان معجب باسماء نجوم الفكر اليساري الثلاثي : ماركس و انكلس و لينين و يعتبر النجم المختار والزعيم الاول ماركس منقذ كل الفقراء في العالم ‘ فكان ذلك في العهد الملكي وسلطة نوري سعيد المعروف بعدوانيته تجاه من كان يسمى ذلك العصر (حاملي افكار مستوردة) اما بعد انقلاب تموز 1958 و ظهور المد الشيوعي مستغلين خطابات الزعيم ووعوده للكادحين و قطع جذور الاقطاع و...ألخ ‘ فأصبح ابي من المنظرين (الشعبين –ان صح التعبير) كان يقوم بصياغة الجمل بمستوى فكره ويروى ما كان يسمعه من الرفيق المسؤول للجنة المحلية للقصبه التي كنا نسكنه ...!!! و يمدح الشيوعين و يتمنى من الزعيم ان يستجيب للشعارالذي رفعوا فى حينه ( الحزب الشيوعي للحكم مطلب عظيمي ) فكان هذا الموقف من والدي يسبب لنا مشاكل مع الناس الاخرين عندما تصرف اليسارين بتعصب مع الاخرين من غير اليسارين مثلا القوميين ‘ فكنا نقول له : قول لنا انت ماذا تعرف عن المسائل الفكرية التي يختلف الناس حوله وتاتي بمشاكل لنفسك وانت تدخل في بعض تفاصيله الصعبه حتى على المتعلمين ؟ ‘فكان رده علينا بقدر فهمه هو لوضع : الشيوعيين مع الفقراء ويعملون لتحقيق افكار الرفيق ماركس لصالح الفقراء والكادحين ...!!! وعندما حصل ازمة بين الزعيم والشيوعيين نتيجة احداث كركوك و الموصل و بغداد الدموية كان ابي يشتم الانكليز الذين يحركون الناس ضد الرفاق ويشوهون افكار الرفيق ماركس ويخلقون مشاكل بين الزعيم والشيوعين هو نصير طبقة الكادحين ....!!!!
اقتحمت هذه الذكريات (المؤلمة) لايام لاننسى انه دخلنا في وضع فتح الباب لكل المشاكل والجروح كان شعبنا يتحملها لان (وهذه حقيقة ) عندما نقرأ تفاصيل (غير مزورة ) لمرحلة قبل 14 تموز وانقلاب الاغبياء كان واضحا انهم يعملون بأخلاص للعراق لمعالجته بموضوعيه والفهم الواقعي لوضع العراق تاريخا و موقعه المهم ووضع المنطقة .
الادارة الامريكية
وانا مصر ان اخطاء وتسرع اليسارين عموما وقيادة الشيوعين على وجه الخصوص يتحملون نتائج كل ماحصل بعد ان ادى ظهور صراع العساكر الى فتح باب الخراب للعراق الى ان اوصلنا الى ذلك اليوم المشؤوم 9 نيسان حيث نرى كل قوى الشر في المنطقة وبتحريض وتخطيط واشراف الادارة الامريكية يعملون لمنع مهما حصل ان تعود الارادة الوطنية العراقية لبناء دولة وطنية الهدف الاسمى منها لكل العراقيين .
اعود الى سبب تذكيري و فتح باب الحديث عن ظهور الفكر اليسار للرفيق ماركس في منطقتنا عموما والعراق خصوصا وماحصل اولا من الانتكاسات الهائلة و المرعبة كذلك في قاعدة ذلك الفكر في عمق الستار الحديدي كان يحمي ويقوى الفكر اساسا ...!!وانتشرت حمى الانتكاسه ليشمل نسبة 80 بالمئة من قاعدة الفكرعلى وجه المعمورة وباقيه للان فقط الشعلة الماركسية في كوبا و الصين و كوريا الشمالية لتقول : أغرب شيء في عموم هذا الحدث اننا لم نرى ولم نسمع ان الماركسية كفكر انتشر وتوسع في العالم بهدف الثورة الاشتراكية التي يقودها المضطهدون وان هناك المخلصون لهذا الفكر سيكونون في موقف مدافع عنه وعن تاريخه و المكاسب الذي قدمه المخلصين للفكرالاشتراكي الى الانسانية عموما ‘ وأغرب شيء حتى لم نرى ونسمع انه وبشكل يضمن الامل يلجأ المخلصين للفكرة ان يستغلون ادعاءات الغرب الرأسمالي بالديمقراطية والتبادل السلمي للحكم ويفتحون في هذا الطريق مسار لفكرهم بان يبنون الاشتراكية التى حلم به المضطهدون وان يتم توزيع مكاسب الجهد الجماعي لكل وبالعداله.
كلما افكر بما حدث لحلم (الاشتراكية العادلة) وانتكاستها المفجعة في أيلول 1991، عندما أعلن رسمياً عن تفكك الاتحاد السوفيتي بعد استقالة ميخائيل غورباتشوف من رئاسة الاتحاد السوفيتي ‘ اصاب بالفزع : كيف حدث هذا ؟ قبل الحدث اتذكر احد الصحف اومجلة لبنانية في اواخر الستينيات (قبل غورباتشوف بكثير) نشر تخطيط كاريكاتير يظهر الساحة الحمراء في موسكؤ مسيره عمالية هائلة لمناسبة يوم العمال العالمي الاول من ايار وفي السماء صورة ماركس بلحيتة البيضاء يقول للمشاركين في المسيرة : ياعمال العالم ..أعذروني ..!!!
هل الصراع البشري تحت عناوين براقة : حضارة ‘‘ حقوق الانسان ‘‘ رفاهية ‘‘ حرية الاختيار ) كلمات براقة ضمن صراع يبدو انه يطول كثيرا ... ولكن للان يبدو ان ( الوحش ) المنتصر لحد الان الرأسماية ‘ وبدا هذا الرجل الذي حلم يوما بتغيير العالم قد صار تاريخا لا يرغب أحد في تذكيره.