الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رحيل البنفسج

بواسطة azzaman

رحيل البنفسج

هدى جاسم

 

لم تفارقها الابتسامة والشعور بالرضا في اصعب الظروف.. مشاعرها كانت تتسم بالبساطة ولم تعرف لماذا يتوغل الانسان في حزن عميق والحياة مازالت لم تقل كلمتها الاخيرة بعد .. اول مرة هبط شلال دموعها عندما قرر القدر ان تبدء والدتها رحلتها الابدية ، عندها فوجئ الجميع بان تلك المرأة تعرف كيف تحزن وكيف تبكي عند الفقد ، مرت السنوات وعادت الابتسامة وعاد معها الشعور بالرضا حتى استوقفها المرض اللعين ، هنا كانت المفاجأة الكبرى ، استقبلته بكل الرضا ، لم يشغلها سوى اولادها تنظر اليهم بكل حب وهي تعلم دون ان يعلمها احد بان المرض في مراحله الاخيرة تعلم انها ستغادر الى عالم اكثر فضاء مما نحن فيه .

ذات يوم وهي تصارع وجع العملية وبعدها جلسات الكيمياوي قالت بهمس يشبه صوت الندى « الحمد لله هذا الدواء لايسبب لي اي وجع « .

الجميع كان يعلم انها تكذب ،لكنها مصره على زرع الامل في قلوب من حولها  ، الاطباء المعالجون كانوا بلا صوت وهم يكشفون انتشار المرض بين اجهزتها الرقيقة ولا يجيبون على اسئلة محبيها وعيونهم تقول كل شئ لأن الرحلة الابدية قد تبدء في اية لحظة .

لم تنقطع ابتسامتها ولم ينقطع املها بان الحياة تختبئ خلف ورد البنفسج ومهما كانت الرحلة فان الوصول سيكون عبقا من تلك الرائحة التي احبتها وزرعتها على كل اسوار بيتها . في صباح لايشبه صباح اخر امتلأت اركان المنزل برائحة الورد على الرغم من ذبوله على اسيجة الدار ، وبابتسامتها المعتادة تؤضات لصلاة الفجر الرمضاني الاول ، طوت سنواتها واودعت سر عشقها لاولادها في خزانة ذاكرة من حولها وقالت « الله اكبر « نطقت الشهادة ومالت براسها نحو اليمين بين اصابع ولدها الكبير دون ان تشعر بالم كعادتها حتى في الوداع .

«مهداة لرائحة البنفسج العابقة منذ سنوات طويلة ولم ترحل» .

 

 

 


مشاهدات 33
الكاتب هدى جاسم
أضيف 2025/05/15 - 1:37 AM
آخر تحديث 2025/05/15 - 4:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 286 الشهر 18171 الكلي 11012175
الوقت الآن
الخميس 2025/5/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير