الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشرق الأوسط .  من يرسم الخارطة الجديدة ؟

بواسطة azzaman

الشرق الأوسط .  من يرسم الخارطة الجديدة ؟

ادهم ابراهيم

 

بعد ان تحولت المعارك والنزاعات في المنطقة من الحروب بالوكالة إلى المواجهة المباشرة بين اللاعبين الإقليميين. اصبحنا على اعتاب مرحلة جديدة وعالم مضطرب يموج بتحولات جيوسياسية . وهنا يقف الشرق الأوسط عند مفترق طرق حاسم وخطير .

هل سنكون نحن العرب — حكوماتً وشعوبًا — من يحدد ملامح هذه المرحلة، أم سنترك الآخرين يرسمون لنا حدودًا جديدةً مليئةً بالألغام؟

نحن لا نطمح إلى شرق أوسط تُخطّط له عواصم غربية، أو تفرضه جماعات متطرفة عابرة للحدود، بل إلى شرق أوسط نصنعه بأيدينا، بما يضمن أمننا ويحمي مستقبل أجيالنا.

فالتاريخ اثبت أن السكوت عن مشاريع خارجية للعبث في شؤون المنطقة يقود إما إلى صراعات اهلية، أو إلى إعادة إنتاج الأزمات القديمة بأدوات معاصرة.

ومع ذلك، فإن الطريق نحو شرق أوسط مستقر ومزدهر سوف لن يكون مفروشًا بالورود، بل يواجه تحديات جدّية، لا يمكن إنكارها .

ولعل التحدي الأكبر يكمن في القوى التي تعمل على استمرار الفوضى في المنطقة كأداة نفوذ، لدول كبرى او اقليمية ، او لحركات إسلاموية ما زالت تعيش على أوهام الماضي، وتحاول إحياء مشاريعها الأيديولوجية المتطرفة. كل هذه الأطراف لها توجهاتها ومشاريعها ، وهي تخشى من شرق أوسط جديد يدار بمنطق السلام والتنمية ، لا بمنطق الإقصاء والتحريض بدعوات متطرفة .

تسعى هذه القوى إلى تأجيج المظالم القديمة، وتغذية النزعات الطائفية والعرقية والمناطقية، مستندة إلى آلة دعائية فعالة، تستغل الانقسامات، وتنكأ الجراحات المفتوحة، لتحول دون أي مشروع يهدف إلى رأب الصدع، وبلورة رؤية جامعة لمستقبل زاهر .

إن الدعوة لرسم ملامح شرق أوسط جديد واعادة تشكيل المنطقة ليست جديدة ، الا انها قد استجدت بشكل ملحوظ بعد الحرب الاخيرة على غزة وماتلاها من صراعات لتغيير البيئة الاستراتيجية في المنطقة، وهي بالاساس نتاج صراع إرادات بين أطراف عديدة :

الدول الكبرى، التي ترى في المنطقة ساحة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية ومسرحًا للصراع غير المباشر.

القوى الإقليمية التي تسعى للهيمنة، وتوسيع نفوذها،  أو على الأقل لإعادة تموضعها للشروع بدور جديد .

المنظمات والحركات غير الرسمية، التي تحاول التأثير على الرأي العام وصناعة القرار من تحت الطاولة .

كلّ هذه الأطراف تسعى — بدرجات مختلفة — إلى مصادرة حقّ العرب في تقرير مصيرهم. لكنّ اللحظة الحاسمة تتطلب قرارات عاجلة قبل فوات الأوان.

وعلى العرب الخروج بمشروع موحد ، او تصور واضح لمستقبل المنطقة بعيدا عن الانانية والتفرد .

اننا لا نسعى إلى وحدة عربية شاملة

، فذلك ليس عمليًا في ظل الفوارق السياسية والاقتصادية والثقافية . أو تقليد النموذج الأوروبي، بل إلى حدّ أدنى من التوافقات التي يجب أن تحكم المستقبل،  يتخذ من السلام العادل والدائم أولوية آنية ، لا كشعارات مؤجلة ، بل الاجماع على مسائل ملحة ، اولها القضية الفلسطينية التي كانت ومازالت الخاصرة الضعيفة للعرب ، لايجاد حل عادل لها ، سواء عبر دولة مستقلة، أو اتحاد مع الأردن، أو نموذج المواطنة المتساوية.

وإنهاء الصراعات في ليبيا والسودان  لأنها بيئات خصبة للتطرف.

في خضم مايجري حاليا من مواجهات ساخنة، واجتماعات عديدة لرسم شرق اوسط جديد يتجاوز حدود سايكس-بيكو فان الامر يتطلب تصمیم مشروع عربي واحد لا يحتمل المزايدات والمزاجيات، بل يستند إلى التوافق بين القادة والشعوب، ويقطع استمرار إرث سبعين عامًا من الشعارات دون نتائج .

ان الشرق الأوسط الجديد لن يولد من رحم المؤتمرات والاجتماعات الدولية والإقليمية وحدها. إنه مشروع يجب ان يبدأ من داخلنا، من إدراكنا أن مصلحتنا المشتركة تتجاوز الحسابات الضيقة، وأن استقرار كل بلد عربي لا يكتمل إلا باستقرار جواره .

ان تحقيق السلم الاهلي والازدهار الاقتصادي يقوم على الشراكات، لا  المحاور؛ على العمل الوطني، لا الدعايات الدينية او الطائفية ؛ على تعزيز البنية التحتية والعلم ، لا الاستثمار في التطرف والغلو والعمالة .

لم يعد هناك وقت للانتظار. فإما أن نكون شركاء في صناعة تاريخنا ، أو نُترك مجددًا على هامشه .

الشرق الأوسط الجديد ليس وعدًا... بل قرارًا يجب ان نتخذه عاجلا" قبل ان يسبقنا الطوفان ، ويعاد رسم حدودنا بما لايتوافق مع أهدافنا ومستقبل اجيالنا .

 

 

 

 

 


مشاهدات 42
الكاتب ادهم ابراهيم
أضيف 2025/07/14 - 1:34 PM
آخر تحديث 2025/07/15 - 4:23 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 129 الشهر 9131 الكلي 11162743
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/7/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير