المجتمع .. والمجرم
مؤمل المنشود
وجد بعض الباحثين أن المجرمين في بعض البلاد تكثر فيهم دمامة الوجه أو العاهة فاستنتجوا من ذلك أن الدميم يميل بطبعه الى الاجرام لأنه , على زعمهم , يمثل نكسة بيلوجية نحو الطبيعة الحيوانية الأولى , ان هذا الاستنتاج مغلوط من أساسه .
فليس هناك مجرم ميال بطبعه الى الجريمة , الاجرام اكتسابي في أغلب الأحيان , وسببه اجتماعي .
ان الدميم ليس مجرما بالطبيعة كما يقول بعض المترفين ,انما هو قد وصفه المجتمع منذ طفولته بالاجرام من أجل دمامته المكروهة , فنشأ مجرما , أي أن المجتمع كره هذا الطفل وأذاه فاصبح مضطرا على الجريمة سائرا في سبيلها أراد ذلك أم كره .
فاذا أدين الدميم وذهب الى السجن , تعود هناك أفانين الجريمة حيث يتلقنها من زملائه في السجن , وهكذا يتخرج من السجن أستاذا في الجريمة أو حاملا لشهادة الدكتوراه فيها , واذا أراد أن يتوب لم يتب الناس عنه , فهم يطالبونه عادة بشهادة حسن السلوك في أي عمل شريف يريد أن يعمل به .
انه مضطر اذن على أن يكون مجرما . لقد وسمه المجتمع بطابع الجريمة , فهو لايتصور نفسه الا كما يتصوره المجتمع , وتجده لذلك يبحث عن اقران له يماثلونه في المصير , فيؤلفون عصابة منظمة تتعاطى الاجرام وتتخذه حرفه لها . وفي جو العصابة هذه يكتشف المجرم نفسه مرة وأخرى , اذ هو يخلق فيها من جديد بنفس جديدة لها كرامتها ومنزلتها في مجتمع العصابة الصغيرة , وذلك بعد أن فقد الكرامة التي بخل المجتمع الكبير بها عليه ...... هكذا يصنع المجتمع بيده قاتليه ! .