مكتبة كربلاء المركزية
لطيف القصّاب
منذ أن زرتُها “ مطالعًا” عام 1988 ما فارقتها قط، ولا أظنني سأفارقها أبدًا...
كلُّ شيء فيها يُذكّرني بمكتبة الكرخ في الصالحية، أدراج المكتبة...الرفوف...رائحة الكتب... لكنّ شيئا في مكتبة كربلاء أكاد أجزم بأنّه لا نظيرٌ له في بغداد بل في العراق كلّه؛ ذلك هو طرازها المعماري، كيف لا والمكتبة هدية الفنّان العظيم (محمد مكية) لمدينة كربلاء العظيمة.
كنت حينها ما أزال طالب طب لكنني ولشيء يتعلق بمزاجي الغريب أو الخاص كنتُ مكبًّا على قراءة الفلسفة والأدب لاسيما الرواية والشعر في أفياء هذه التحفة المعمارية...
أغلب موظفي المكتبة يعرفونني، وغالبًا ما أشترك مع بعضهم بحوارات ثقافية، وغيرها بدءًا بمدير المكتبة الأستاذ (محمود ) وانتهاءً بالعمّ ( أبو حميد)؛ أجمل أيقونات مكتبتنا النفيسة!
اليوم في تمام الساعة التاسعة تقريبًا دخلت المكتبة، وكالعادة كان في استقبالي ( السيد سلام) أحد أشهر أمناء المكتبة، هذا الرجل الذي تجمع شخصيته بين البشاشة والسخاء، وآخر ما تكرّم به عليّ شخصيًّا هو تخصيصه لمكان ( ستراتيجي) للمصادر التي أرجع إليها في كتابة بحث أكاديمي جديد عن تعريب و”ترجمة” أسماء الأعلام...
لكنني هذا اليوم لم أشعر برغبة في القراءة أو الكتابة، وأظن أن بعضًا من طلبة السادس الإعدادي الموجودين في المكتبة شاركوني هذا الشعور، والسبب الرئيسي المباشر يكمن في حرارة الجو اللاهبة ، ومازاد في تعقيد الأمور هو انقطاع التيار الكهربائي الذي استمرّ حتى وقت مغادرتي المكتبة...
بالمناسبة المكتبة الرائعة هذه تحتاج إلى صيانة تليق بـ (عظمتها)، لاسيما من جهة الخدمة الكهربائية، وما يتعلق بها كبعض المراوح الكهربائية المتوقفة عن العمل منذ أمد بعيد ، وبالإمكان تصليحها أو تبديلها بمبالغ زهيدة للغاية...
اليوم تشرّفت بلقاء السيد المحافظ في موقع تربوي كربلائي مهم. كنّا معًا أو “سويةً” أنا وصديقي العتيد الدكتور عماد الظالمي الذي اقترح عليّ -بعد أن قصصتُ عليه حكاية المكتبة- أن أطلب من السيد المحافظ (شفويًّا) الاهتمام أو زيادة الاهتمام بالمكتبة المركزية!
وقد عزمتُ على ذلك فعلًا، ونويتُ أن أضع في أذن ( أبي حمزة) همسةً تتصل باقتراح الدكتور عماد بخصوص ظروف المكتبة لكنني فضلّت في اللحظة الأخيرة أن أكتب مقالًا قصيرًا عن هذا الموضوع؛ لأن الهمسات في وقتنا هذا قد تأخذها التأويلات إلى معانٍ نحن جميعًا في غنىً عنها!