المرجعية حين أوقفت النزيف
حسن الحيدري
في لحظات كانت البلاد فيها تقف على حد السكين وعناوين الأخبار تزدحم بصور السقوط والانهيار حدث شيء لم يتوقعه اكثر المتشائمين ولا حتى أشد المتابعين قلقا عودة روحية سياسية اجتماعية يمكن وصفها بكلمات منوعة في معجم المواقف . عندما تمدد تنظيم داعش في 2014 بسرعة مريبة دخلت مدن عديدة في دوامة الخوف والفراغ كانت الحسابات السياسية مرتبكة والناس بين صدمة وذهول في تلك الأيام تصور البعض أن السقوط سيستمر جنوبا وأن الطريق مفتوح نحو السماوة وربما أبعد كانت بعض التحليلات تتحدث بأن التنظيم قد يدفع باتجاه العمق الجنوبي للضغط والابتزاز وأن الفوضى ستتمدد من الانبار الى تخوم الفرات الأوسط
لكن في اللحظة الحاسمة. النداء غير المعادلة و صدرت فتوى المرجعية بخطاب واضح وبسيط لكنها كانت أشبه بصفارة انطلاق جديدة لم يكن مجرد اعلان تعبئة بل إعادة تشكيل للعزيمة الوطنية وبعث حياة جديدة في مجتمع كان قد وصل الى حافة اليأس
هذه الفتوى كانت الريمونتادا الحقيقية قلبت ميزان القوى وأعادت الروح للشارع وجمعت المتفرق وقصمت ظهر التنظيم نفسيا ومعنويا قبل الانكسار العسكري طرطوس السماوة خط القتال الأخير الذي لم يحدث
في سرديات الناس قيل إن هدف التنظيم بعد الموصل والأنبار هو الوصول إلى طرطوس السماوة وهو التعبير الشعبي عن الطرف الصحراوي الواسع للسماوة باتجاه الحدود كان خط تفكير داعش دائما يقوم على استغلال الفراغ الصحراوي والضغط عبر الممرات الضعيفة لكن ذلك لم يحدث ولم يتمكن التنظيم من الاقتراب ولم يفتح منفذا لأن البيئة تغيرت خلال ايام بعدالفتوى . متطوعون من الجنوب والوسط انطلقوا بلا تردد والعشائر أعلنت استعدادها للقتال والاجهزة الأمنية استعادت توازنها الدعم اللوجستي تشكل بشكل شعبي عابر للمحافظات والاهم لم يعد التنظيم يواجه دولة مرتبكة بل مجتمع نهض واقفا كيف أصبحت الريمونتادا عنوان مرحلة لأنها لم تكن مجرد خطوة دينية بل اعادة ثقة بين الدولة وشعبها و تحول تاريخي من الخوف الى المواجهة فضلا عن توليد قوة جديدة ظهرت لاحقا في معارك التحرير من جرف الصخر الى تكريت الى الانبار الى الموصل سيناريو ايقاف انهيار كان متوقعا وتحويله الى صعود وانحسار لخلايا سرطانية وعلاج مناعي اعلنت عنه مراكز بحوث النجف الاشرف ليسيطر على اورام خطيرة شائت صفحات التاريخ ان لاتنتشر ولتحير بها مراكز بحوث ام دي اندرسون اسميتها ريمونتادا المرجعية لأنها قلبت النتيجة من بلد شبه منهار الى قوة هجومية طردت داعش من كامل الارض بروحية مقاتل لايملك قوت يومه حينها توقف الخطر قبل وصوله ربما لم يصل التنظيم الى اطراف السماوة لكن الجميع يعرف ان الطريق كان مفتوحا لو لم تصدر الفتوى ولهذا اصبحت تلك اللحظة حدثا مفصليا لحظة انتصار قبل التفكير بتحويل المعركة من الانكسارات المتسارعة الى سلاح يشترى ببضع اغنام يعتاش منها من يؤمن بان حفنة تراب الوطن تساوي مابقي من الحياة .