رحلة عشر ساعات تكشف وجوه اليمن وتستعيد بريق بغداد

صدرت عن دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع في بغداد نوفيلا «1997» للكاتب والمخرج اليمني حميد عقبي، وهي عمل سردي مكثّف يعتمد على تقنية 50 فصلًا × 100 كلمة، ما يمنح النص إيقاعًا بصريًا خاطفًا يشبه المونتاج السينمائي.

تبدأ الرواية منذ اللحظة الأولى لوصول الراوي إلى مطار صنعاء قادِمًا من بغداد بعد إنهاء دراسة الفنون، ليصل لمحطة سيارات البيجو، ثم داخل سيارة أجرة في طريق جبلي ومتعرج خطر جدًا يستغرق من أربع إلى ست ساعات نحو الحديدة. خلال الرحلة، تظهر ومضات براقة من حياته في بغداد: الجامعة، الأصدقاء، تجارب الخوف والمغامرة، والحنين لمدينة شكّلته فنيًا وإنسانيًا.

تتحول السيارة إلى عالم مصغّر يضم السائق الصنعاني هاروني، ومجموعة الركاب من التهميين : الفلاح المظلوم، الجدة وحفيدها “المبروك”، ووالد التوأم المريضة. تتداخل حكاياتهم مع الطريق الوعر، فتتولد مشاهد عالية التوتر: انزلاق خطر على حافة الجرف، احتجاز طويل عند نقطة تفتيش تنتظر مرور قافلة سيارات فخمة رئاسية مستوردة حديثًا، ثم ظهور الضباع، ولحظات هلوسة كابوسية تجعل القارئ في منطقة رمادية بين الواقع والخيال.

من خلال هذه الرحلة، يقدم عقبي يمن التسعينيات كما رأته الشخصيات لا كما يحكم الراوي عليه:

يمنٌ متعب، مثقل بالفساد، وممزق بصراعات سياسية صغيرة، وسلطة تبدو خليطًا من الجهل والعنف والنهب. وما يحدث اليوم، كما يشعر الركاب، ليس إلا حصادًا مرًّا لعقود طويلة من الانحدار.

الرواية لم  تقدم خطابًا سياسيًا مباشرًا،كونها تركت الشخصيات تعبّر عن خوفها وغضبها وسخريتها، لتشكل معًا قراءة عميقة لمشهد اجتماعي وسياسي مضطرب.

هذا العمل الروائي «1997» واحد من أعمال عقبي المشهدية، حيث تمتزج الصورة السينمائية باللغة المكثفة لتقديم نصّ يلتقط روح اليمن، ويستعيد في الوقت نفسه ظلال بغداد التي لا تغادر ذاكرة السارد.

وقد كتب عقبي سبع روايات بتقنية 50 فصلًا × 100 كلمة، فيما اعتمد في أعمال أخرى بنية 50 فصلًا × 200 كلمة، و25 فصلًا × 250 كلمة، و30 فصلًا × 300 كلمة، ليؤسس ما يشبه مختبرًا مفتوحًا لتطوير “الرواية القصيرة المكثفة” في الأدب العربي. ومع صدور «1997» يرتفع رصيده الروائي إلى خمسة وعشرين عملًا منشورًا.