على الخشبة .. وخلف الكواليس

فاتح عبدالسلام

 هناك حراك سياسي كثيف، وألعاب سياسية متقنة تجري في اعقاب كل انتخابات في العراق، وذلك من اجل الاتفاق مجدداً على ما هو متفق عليه منذ اليوم الأول لقيام حكومة في النظام العراقي الجديد بعد العام2003.

 تبدل بعض الوجوه والمسميات والاحجام لا يعني انّ هناك تغييرا، فالقدر لايزال على نفس النار الهادئة تارة والمستعرة تارة أخرى مستندا الى ثلاثة أطراف لا غير.

الجديد الذي كان العراقيون يأملون حدوثه هو أن يمتلىء هذا «القدر» بكل معاني التكاتف الوطني الدستوري الموالي لمسمى واحد هو العراق بعيدا عن الانحيازات لاي من الأطراف التي تحمل «قدر» الوضع.

بلا شك هناك خلافات داخلية في اخراج الدورة الجديدة، وتلك مهمة تحتاج الى مخرجين مهرة لاسيما ان القصة المروية هي ذاتها ومعروفة قبل ان تبدأ. ويمكن تلخيصها بثلاث صور. الصورة الأولى هي توافقات جديدة عبر وجوه تجيد ترحيل كل المشكلات الأساسية في بنية النظام السياسي ولا تكون حجر عثرة امام ذلك الترحيل لفترة مقبلة، لكي يضمنوا أن يسير المركب كما كان سائراً في الدورات الخمس أو الست السابقة، المهم الا يغرق.

الصورة الثانية، هي انّ هناك إيرادات نفطية تأتي الى الخزينة العراقية عبر البنك الفيدرالي الأمريكي، ويقابلها استهلاك مريع للإيرادات الداخلية عبر استنزاف الفساد المتعدد في أغطيته ومسمياته العلنية والسرية. وهذه المعادلة بين نفط معلوم الكمية والثمن من جهة وبين أموال داخلية عبر موارد مساعدة مبددة خارج الخزينة ولا تصل اليها الا في حدودها الدنيا، هي التي يجري التوافق على استمرارها، ليس بالقول والصوت العالي، وانما بالإيحاء وشعور كل طرف بنيات الطرف الآخر.

الصورة الثالثة هي القابلية العالية لجميع الأطراف على تمثيل الأدوار، والظهور بوجوه تنسجم مع ضرورات المرحلة على الصعيد القومي أو المذهبي أو الشخصي، غير انّ المخيف هو ما يجري العمل به في كواليس المسرح التي ليس بالضرورة تشهد حركة نفس اللاعبين الذين يظهرون في ادوارهم الرسمية المعروفة على الخشبة.

 هذه هي الحكاية، كل الحكاية، هناك مضيعة للوقت من اجل الوصول الى نتيجة ثابتة منذ  ما قبل الانتخابات، لكن الخوف الذاتي في قلوب بعضهم المهزوزة في محيط تضربه رياح عدم الثقة، يجعلهم يمدون ويمطون بالمَشاهد من دون أي إضافة ذات قيمة.