الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أزمة إقتصادية خانقة في غزّة وغضب شعبي من إستقطاعات قسرية على الرواتب

بواسطة azzaman

بين السلاح وإعادة الإعمار.. المطالبة بالحياة أولاً

أزمة إقتصادية خانقة في غزّة وغضب شعبي من إستقطاعات قسرية على الرواتب

 

رام الله - لارا احمد

تشهد الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة تدهورًا غير مسبوق، في ظل شح السيولة، وارتفاع معدلات البطالة، وتراجع القدرة الشرائية إلى أدنى مستوياتها. ومع تصاعد الضغوط المعيشية على المواطنين، ظهرت في الآونة الأخيرة تقارير وشهادات محلية تفيد بقيام عناصر تابعة لحركة حماس بالوقوف قرب أجهزة الصراف الآلي، وفرض اقتطاع يتراوح بين 30 إلى 40 بالمئة من رواتب الموظفين فور قيامهم بسحبها.

غضب واستياء

هذه الممارسات، التي يصفها كثيرون بالقسرية، فجّرت موجة واسعة من الغضب والاستياء بين سكان القطاع، الذين يرون فيها اعتداءً مباشرًا على مصدر رزقهم الوحيد في واقع اقتصادي بالغ القسوة. فكل شيكل أصبح مسألة حياة أو موت بالنسبة لآلاف الأسر، التي تعتمد على الرواتب لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتها اليومية من غذاء ودواء ومستلزمات أساسية.

ويؤكد مواطنون أن هذه الاقتطاعات تتم دون أي إطار قانوني واضح أو إعلان رسمي، ما يعمق الشعور بالظلم ويفقد الناس ما تبقى لديهم من إحساس بالأمان المالي. كما يرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس عمق الأزمة المالية التي تمر بها الحركة، في ظل تراجع الدعم المالي، وتضييق الخناق على مصادر التمويل، واستمرار الأوضاع السياسية والأمنية المعقدة في القطاع.

من الناحية الاجتماعية، لا تقتصر آثار هذه الاقتطاعات على الجانب المادي فقط، بل تمتد إلى البعد النفسي والمعنوي. فالكثير من الموظفين باتوا يشعرون بالعجز والإهانة، بعد أن أصبحوا مضطرين للتنازل عن جزء كبير من رواتبهم فور استلامها، دون القدرة على الاعتراض أو الرفض. وقد انعكس ذلك في حالة من الاحتقان الشعبي، ظهرت في أحاديث الناس وفي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتعالى الأصوات المطالبة بوقف هذه الممارسات فورًا.

في ظل هذه التطورات، تبدو الحاجة ملحة إلى حلول حقيقية تخفف العبء عن المواطنين بدلًا من تحميلهم مزيدًا من الأعباء. فاستمرار هذا النهج لا يهدد فقط الاستقرار المعيشي، بل ينذر أيضًا بتداعيات اجتماعية خطيرة في مجتمع يعيش أصلًا على حافة الانهيار الاقتصادي. وفي واقع يعتبر فيه كل شيكل مسألة بقاء، تبدو هذه الاقتطاعات بمثابة ضربة قاسية لكرامة الناس وحقهم في العيش بحده الأدنى.

وتتصاعد في قطاع غزة أصوات متزايدة من المواطنين الذين أنهكتهم سنوات الحصار والحروب، مطالبين حركة حماس بالتخلي عن سلاحها وتسليمه إلى جهة فلسطينية مسؤولة، بما يفتح الطريق أمام استكمال مراحل اتفاق وقف إطلاق النار وبدء عملية إعادة إعمار حقيقية تعيد للقطاع شيئًا من مقومات الحياة. هذه المطالبات لم تعد همسًا أو آراء فردية، بل تحولت إلى حالة غضب شعبي متنامٍ، يعكس حجم المعاناة والرغبة العارمة في الاستقرار والعيش بسلام.

يرى كثير من سكان غزة أن تمسّك حماس بسلاحها، ورفضها تسليمه في إطار وطني جامع، يعرقل بشكل مباشر استكمال بنود الاتفاق، ويدخل القطاع مجددًا في دائرة المراوحة السياسية التي يدفع المواطن ثمنها باهظًا. فبين دمار المنازل، وانهيار البنية التحتية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، لم يعد لدى الغزيين ترف انتظار حسابات سياسية أو صراعات نفوذ، بل بات همّهم الأول هو استعادة الأمن والحد الأدنى من الحياة الكريمة.

مصلحة سياسية

ويؤكد مواطنون أن استمرار هذا النهج يعكس تغليبًا للمصلحة السياسية على المصلحة الوطنية، ويجعل سكان القطاع رهائن لقرارات لا يشاركون في صناعتها. فالغضب اليوم لا يرتبط فقط بالدمار المادي، بل يتصل أيضًا بالإرهاق النفسي، وانعدام الأمل، والشعور بأن مستقبل غزة معلّق على قرارات قوى لا تعبّر بالضرورة عن تطلعات الناس البسطاء.

في المقابل، يطالب الشارع الغزي بهيئة فلسطينية مسؤولة وموحّدة تتولى إدارة المرحلة المقبلة، بعيدًا عن السلاح والصدام، وقادرة على قيادة عملية إعادة الإعمار بشفافية وكفاءة، وبما يضمن تدفق الدعم الدولي وتحويله إلى مشاريع حقيقية تخفف من معاناة السكان.

إن رسالة الغزيين اليوم باتت واضحة: يريدون الهدوء، وإعادة بناء بيوتهم، ومستشفياتهم، ومدارسهم، وإحياء ما تبقى من نسيجهم الاجتماعي الذي مزقته سنوات الصراع. وبين استمرار الجمود السياسي أو فتح صفحة جديدة عنوانها الإعمار والحياة، يصرّ كثيرون في غزة على أن الخيار يجب أن يكون واضحًا: الحياة أولاً، قبل أي اعتبار آخر.

 


مشاهدات 39
أضيف 2025/12/03 - 5:18 PM
آخر تحديث 2025/12/04 - 3:21 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 109 الشهر 2426 الكلي 12786331
الوقت الآن
الخميس 2025/12/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير