الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة سريعة لطائر السعد بين ضفتين


قراءة سريعة لطائر السعد بين ضفتين

رياض جميل

 

كتاب طير السعد بين ضفتين هو سيرة ذاتية للفنان المسرحي المغترب سمير عبد الجبار سعيد ،يطرق فيها ابواب الذاكرة الموصودة ليطلعنا بأسلوب بسيط ، شفاف و مفهوم ، بعضا من عوالم الطفولة والصبى والمسؤولية، و عن انعطافات متكررة قادته الى ما هو فيه الان ، واصطحبت حياة الطفل و الصبي الذي اسماه والده «سعد «، و عرفوه أصحابه وأقاربه وجيرانه ومن حوله في مدينته كربلاء بذات الاسم ، ولكن بقدرة قادر تحول سعد إلى سمير كمن يحول موجة مذياع قديم! . قادته انعطافات حياته ولأول مرة ، بعيدا عن كربلاء و عن محيطه العائلي لتستقر به على كرسي الدراسة في معهد الفنون الجميلة في العاصمة بغداد . دخل سمير المعهد  وتحديدا في قسم الدراسات المسرحية وهو عن غير فهم ولا دراية في منهجية دراسة فن التمثيل والمسرح . دخل كي يكون معلما ، لكنه تخرج منه فنانا مبدعا وشخصية  محبوبة بين زملائه واصحابه ، حتى قاده تخرجه من معهد الفنون الجميلة من ضفة نهر دجلة في بغداد الى ضفة نهر السين في باريس، مدينة الثقافة والمسرح والجمال كي يكمل دراسته المسرحية . وهناك وبعد ان عمل في مسارح مختلفة، شاءت ارادته ان يحط الرحال في ربوع مسرح (الشمس ) ورغم المعاناة والعوز  استطاع طير السعد ان يحمل السعد والأفراح لسمير . فقد اجتاز اختبار مسرح الشمس بتفوق ، ودخله كممثل وعضوا فعال ومبدع  فيه  

جرأة غير معهودة

 في كتابه الجديد الصادر حديثا والمترجم للفرنسية، يكشف سمير سيرته الذاتية بجرأة غير معهودة في أدب السير الذاتية ، وبدون ادنى تردد جعلنا نغوص في اجواء عائلته الفقيرة ، عندما يسعى رب البيت فيها  لتلبية الحاجات الضرورية القصوى والحد الادنى للعيش .

كان والد سمير ، عبد الجبار سعيد يعمل في احدى مدارس مدينة كربلاء ك(فراش ) يتقاضى راتباً محدوداً جدا آنذاك ، في بلد يقال عنه بلد الماء والخصب والنفط !

مما جعله يسعى وبكل الوسائل لتوفير لقمة تكفي افواه عائلته الكبيرة ،  فكان تشغيل الطفل سعد واحدة من تلك الوسائل ، كانت عائلة عامل الغبار والرمال (الفراش ) عبد الجبار سعيد وزوجته (الملاية) فخرية كبيرة العدد . تلك العائلة التي وطنها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم على بساط صحراء كربلاء في بيت صغير ، طغت عليه صراعات ومناكفات الأبوين لكنهم كانوا متمسكين بامل تحسن الحال . يطلعنا الكاتب عن قلوب مأهولة بالمحبة والنكد ، عن قلوب طابعها  الحزن والسرور معا  ، والتناحر والود ،بيت كمثل ملايين البيوتات العراقية ،ممتلىء بالتضامن والتوتر والصراعات والعوز والجوع ، ومن رحم كل تلك الأجواء ولد سعد او ربما طائر السعد ،كما يحلو لسمير تسميته ، ولد بين احضان الجدة الحنون الملاية هدية ، ورعاية الخال  .

في كتابه يأخذنا المؤلف ايضا وبعيدا عن العائلة وصخب الأجواء هناك لجامع النصف منارة ، لخلوته مع الذات ، خلوة تعارفه مع اول كتاب قرأه ، وهو كتاب (الـعبرات) للمنفلوطي  ، ليصور لنا بإسلوب كوميدي الحب الخجول والسريع للصبي سعد ثم ينتقل بنا وبنفس الشفافية وروح الدعابة لحب تحت الدخان! .

دخل الطفل سعد للمدرسة الابتدائية ومن ثم المتوسطة ، وفيهما وجد التعليم والاهتمام بالتلاميذ مبنيا على أسس الفوارق الطبقية ،حيث وجد نفسة مجبر على خدمة إلزامية يقدمها ابن (الفراش) لابن المدير !! فضلا عن التعذيب بالضرب والفلقة لاتفه الاسباب ، ولكن وفي خضم تلك المعاناة أسعفته انعطافات حياته فوجد من يغيثه للخروج من الغرق في بحر درس الرياضيات وأعانه على اجتياز امتحان البكلوريا للصف الثالث المتوسط . حيث قاده نجاحه إلى معهد الفنون الجميلة . اصبح سعد يحمل اسم سمير رسميا واشتهر به بين زملائه وزميلاته ، وصار عليه تحمل كاهلين ، كاهل سعد الذي عايشه حتى دخوله معهد الفنون الجميلة ثم طار واختفى سريعا كخيط دخان بين طيات الذاكرة والنسيان وكاهل سمير الذي اشيع عنه بانه كان اسماً لاخيه المتوفي والذي لا بد من إنجاح مسيرته . وبعد شعور بالاغتراب بين سعد وسمير و سعي طويل واصرار وجودي توحد الاسمان بشخص الفنان المسرحي المجتهد سمير عبد الجبار سعيد .


مشاهدات 16
الكاتب رياض جميل
أضيف 2025/12/01 - 5:41 PM
آخر تحديث 2025/12/02 - 12:29 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 61 الشهر 849 الكلي 12784754
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير