التضليل الرقمي وأخلاقيات الإعلام.. معركة الوعي في عصر الفضاء المفتوح
الأحساء - زهير بن جمعة الغزال
في ظل التحولات العميقة التي يشهدها العالم اليوم، أصبحت بيئة الاتصال أكثر تعقيداً وتشابكاً من أي وقت مضى، حيث تتداخل التقنيات الحديثة مع أنماط الاستهلاك الإعلامي، وتتشابك الحقائق مع الشائعات، بينما يتقدم الذكاء الاصطناعي ليعيد تشكيل طريقة صنع المحتوى ونقله واستقباله. وفي هذا المشهد الرقمي المتسارع، تتزايد الحاجة إلى وعي مجتمعي ناضج قادر على التمييز بين الحقيقة والادعاء، وإلى إعلام محترف يحافظ على مصداقيته وقيمه المهنية وسط منافسة شرسة ومحتوى غير منضبط يغمر الفضاء العام.ومع اتساع منصات التواصل وتحوّل الفرد إلى صانع محتوى ومُرسل للمعلومة، لم تعد مسؤولية حماية الوعي مسؤولية المؤسسات وحدها، بل أصبحت مهمة مشتركة تتقاطع فيها الأدوار بين المجتمع والإعلام والجهات البحثية والهيئات المهنية. وفي الوقت نفسه، تبرز ظواهر خطيرة مثل التضليل الإعلامي، المعلومات الموجهة، المحتوى المفبرك، والصور والفيديوهات المزيفة، التي تستغل الثغرات التقنية وتستهدف استقرار المجتمعات، الأمر الذي يشكّل تهديداً مباشرًا للأمن الفكري وللسلم الاجتماعي، ويؤثر بعمق على أنماط التفكير واتخاذ القرار.
كما تشهد المنطقة العربية تحديات مضاعفة في ظل الصراعات الإقليمية والتجاذبات الفكرية وصعود خطاب التطرف بأشكاله المختلفة، مما يجعل دور الإعلام أكثر حساسية وأكثر أهمية في آن واحد، إذ يبرز دوره ليس فقط كأداة لنقل الأخبار، بل كحاجز وقائي يحمي الجمهور من الانجرار خلف حملات التحريض أو التشويه أو صناعة الكراهية، ويسهم في صناعة وعي مستنير قائم على التوثيق والتحليل واحترام الوقائع.وفي ضوء هذه التحديات، تأتي الآراء البحثية والمهنية لتضع أطرًا واضحة لفهم طبيعة المشهد الإعلامي الجديد، وتحدد مسؤوليات الإعلاميين والمؤسسات، مؤكدة أهمية الالتزام بالأخلاقيات المهنية، وتطوير أدوات التحقق، وتعزيز ثقافة الوعي الرقمي، بما يضمن حفظ دور الإعلام كمؤسسة حيوية تدافع عن الحقيقة وتخدم مصالح المجتمع.
تطرف ايدولوجي
أكد العميد متقاعد والخبير الأمني عبدالله بن محمد بن سلطان القحطاني، أن التطرف الإيديولوجي بالعالم العربي هو ظاهرة معقدة ومتعددة الجوانب، موضحاً أنه يتمثل في تبني أفكار أو معتقدات متشددة دينية أو سياسية أو فكرية، قد ترفض الآخر وتسعى إلى فرض الرأي ولو بالقوة.وأشار، إلى أن هذه الظاهرة يغذيها عدد من العوامل، من بينها الظروف الاجتماعية الصعبة، وسوء التعليم، والخطاب الديني المتشدد، لافتاً إلى أن هناك جماعات وحركات وبعض الأنظمة ترى نفسها الوحيدة. وأضاف أن التطرف الاجتماعي والفكري يرفض التعدد الثقافي والفنون وتميّز المرأة وتمكينها، إلى جانب تأثير الحروب والتدخلات الأجنبية ودعم بعض الجماعات المتطرفة من قبل بعض القوى الدولية.
وذكر القحطاني، أن هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى العنف والإرهاب والانقسام إلى طوائف، وتشويه الدين الإسلامي عالمياً، وهجرة العقول والكفاءات، وإخفاق التنمية والاستقرار في المنطقة.
وفي سياق متصل، بيّن أن التطرف الرقمي أصبح من أخطر الصور الحديثة للتطرف، حيث يُعد فضاءً خصباً لانتشار الأفكار المتشددة عبر خوارزميات التفاعل وفقاعات الرأي بشكل سريع وسهل، مما يخلق فقاعات فكرية تغذي الكراهية والتطرف. وأكد أن التطرف الإيديولوجي عالمي ولم يعد مقصوراً على منطقة محددة.
وشدّد القحطاني، على أن مواجهة هذا الخطر تستدعي الاهتمام بالتعليم، ونشر ثقافة التسامح، وتمكين الشباب والشابات من المشاركة، ووجود خطاب ديني وسطي، إلى جانب تفعيل الجهود الدولية والمحلية لمحاربة الجماعات المتطرفة فكرياً وأمنياً، وضرورة وجود وسائل إعلام أخلاقية وواعية وآمنة.
وأضاف أن التربية، والحوار، والعدالة الاجتماعية، والرقابة الذكية على الفضاء الرقمي وفق الإمكانيات المتاحة تمثل أدوات رئيسية للحد – بإذن الله – من هذا التطرف الإيديولوجي في العالم العربي.
ودعا القحطاني قائلاً: نسأل الله أن يحفظ وطننا وولاة أمرنا وكل الدول العربية والإسلامية، وأن يعم السلام العالم ويختفي التطرف بكل أنواعه.»
أكد الدكتور محمد بن سليمان الأنصاري، أستاذ القانون الدولي العام في جامعة جدة، أن التضليل الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُعدّ أحد أخطر العوامل التي تُسهم في تغذية التطرف الإيديولوجي في المنطقة العربية. وأوضح أن المعلومات المضللة أو المجتزأة تُستغل لتأجيج مشاعر الغضب، وتعميق الإحساس بالظلم، وبناء سرديات عدائية تُقسّم المجتمعات على أسس دينية أو طائفية أو سياسية.
منصات رقمية
وأضاف، أن خوارزميات المنصات الرقمية تسهم بشكل كبير في توسيع نطاق انتشار هذا المحتوى المضلل، مما يخلق فضاءات مغلقة تعيد إنتاج الفكر المتطرف وتُشرعن العنف أحيانًا، فيتحول الفضاء الرقمي إلى بيئة خصبة لنمو التطرف الإيديولوجي وتكريس الانقسام المجتمعي.
وأشار الدكتور الأنصاري، إلى أنه وفي مواجهة هذا التحدي، يمكن لأخلاقيات المهنة الإعلامية أن تلعب دورًا حاسمًا في الحد من المخاطر الأمنية المرتبطة بالتضليل، وذلك من خلال الالتزام بالتحقق الدقيق من المصادر قبل النشر، وتجنّب الخطاب التحريضي، واحترام الخصوصية والكرامة الإنسانية. كما أكد أهمية تصحيح الأخطاء بشكل علني وتعزيز الشفافية والمصداقية كجزء من مسؤوليات العمل الإعلامي.وشدد على أن الإعلام المهني والمسؤول لا يقتصر دوره على نقل الأخبار، بل يسهم في حماية وعي المجتمع من الانزلاق نحو التطرف، ليصبح أداة لبناء الاستقرار الاجتماعي وتعزيز التماسك، لا وسيلة لتأجيج الانقسام.
يشير الدكتور نواف بن حلاف الظفيري، أستاذ القانون الدولي العام المساعد بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز، إلى أن التضليل الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي يساهم بدرجة كبيرة في تعزيز التطرف الإيديولوجي في المنطقة العربية، وذلك من خلال ضخ كمٍّ هائل من المعلومات الزائفة والمحرّفة التي تُوجّه الرأي العام نحو مواقف متشددة تُبنى على العاطفة والانقسام.
وأوضح أن انتشار المحتوى غير الموثوق يُضعف الثقة بالمصادر الرسمية، ويخلق بيئة فكرية خصبة لتنامي الكراهية وتبرير العنف باسم الهوية أو الدين أو السياسة، مستغلًا ضعف الوعي الإعلامي وقصور مهارات التحقق لدى الجمهور.
وبهذا يصبح التضليل الإعلامي أحد أخطر أدوات التطرف في العصر الرقمي، ليس فقط من خلال نشر الفكر المتطرف، بل عبر إعادة تشكيل الوعي العام ذاته.
وفي المقابل، أكد الدكتور الظفيري، أن أخلاقيات المهنة الإعلامية تمثل خط الدفاع الأول ضد هذه المخاطر، إذ تقوم على الصدق، والدقة، والموضوعية، والالتزام بالمسؤولية المجتمعية. وأضاف أن التحقق من الأخبار قبل نشرها، وتجنّب الإثارة المضللة، يعززان الثقة بين الإعلام والجمهور، ويجعلان من الإعلام شريكًا فاعلًا في بناء الوعي وحماية الأمن الفكري.
وشدد على أن تبنّي المؤسسات الإعلامية لنهج مهني منضبط لا يحمي فقط مصداقية الصحافة، بل يسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي، والحد من توظيف الفضاء الرقمي كمنبر للتطرف والتضليل.
يؤكد العميد الركن متقاعد بالقوات البرية عبدالله مظهور الغضيب، أن التقنية لعبت دوراً كبيراً في انتقال التأثير الإعلامي من الحلقة الضيقة إلى الفضاء الواسع، مما أسهم في التوهج الإعلامي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي واستغلالها بين الطرح النافع والضار.
وأوضح، أن أصحاب الفكر الضال والمتطرف استغلوا هذه المنصات ووجدوا ضالتهم في نشر أفكارهم وتنفيذ أجنداتهم تحت شعارات تتغير حسب متطلبات المرحلة، مؤكداً أن الكثير من الشعارات التي ظهرت تحمل في باطنها التطرف رغم أنها تبدو في ظاهرها من أدوات الحضارة والانفتاح. وأضاف أن جماعة الإخوان المسلمين كانت من أكثر الجهات استغلالاً لهذه الوسائل، حيث وجدوا في التنوع والتلون وسيلة فعالة لنشر الفكر الإخواني الملوث بالإرهاب والتطرف.
وأشار الغضيب، إلى أنه في الماضي كانت هذه الجماعات تسيطر على الورقة والقلم، أما اليوم فهي تستغل مواقع التواصل لسرعة نشر أفكارها، والتي للأسف وجدت قبولاً لدى الكثير في العالم العربي، خصوصاً بين فئة الشباب والمراهقين.
وفي المقابل، بيّن أن الإعلام العربي كان متفاوتاً في صدّ الفكر المتطرف، مرجعاً ذلك إلى سيطرة فئات معينة على مراكز القرار الإعلامي في عدد من المؤسسات. ورغم ذلك، فقد تمكن الإعلام من التصدي للكثير من الأفكار المتطرفة وكشفها ومحاربتها بالوعي والتوعية داخل المجتمع.
كما أشاد الغضيب، بدور مركز اعتدال العالمي في المملكة العربية السعودية، الذي ساهم بشكل كبير في نشر التوعية ومحاربة الفكر المتطرف، وأصبح بمثابة هيئة عالمية لكشف التطرف ومحاربته. وأضاف أن مركز الفكر الحربي في وزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية، والذي يضم أكثر من 45 دولة عربية وإسلامية، قدم مساهمة مهمة في محاربة التطرف والإرهاب، الأمر الذي دفع دولاً أوروبية وغربية لطلب الانضمام إليه، نظراً لدوره البارز في نشر البحوث والدراسات المتعلقة بمحاربة الفكر المتطرف والتحذير منه.
ويشير، بالتأكيد على أن المطلوب من الإعلام العربي حالياً هو التركيز على المساهمة الفعّالة في زيادة حجم الوعي، والتعاون مع الجهات المعنية في ما يتعلق بفضح أصحاب الأجندة المتطرفة، وكشف شبهاتهم، والتحذير من أساليبهم السلبية، مع التركيز بشكل خاص على فئة الشباب، واستغلال المناسبات الرياضية والترفيهية في نشر الوعي ومحاربة التطرف والمتطرفين.
أكد البروفيسور تركي بن عبدالمحسن بن عبيد، الباحث في قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف، أنه في عصر الثورة الرقمية أصبح الإعلام أداة حاسمة في تشكيل الوعي الجماعي والرأي العام، إلا أنه يواجه في الوقت ذاته تحديات أخلاقية عميقة تتعلق بالالتزام بمبادئ المهنة مقابل مخاطر التضليل الذي يهدد الديمقراطية والاستقرار الاجتماعي.
وأوضح أن التضليل الإعلامي يُعرف بأنه نشر معلومات مضللة عمدًا أو غير عمدًا، مما يؤدي إلى تشويه الحقائق وتعزيز التحيزات، مشيراً إلى أنه وفقًا لدراسات حديثة يُعد من أبرز التهديدات للصحافة، حيث ينتهك مبادئ أخلاقية أساسية مثل الدقة والنزاهة. وبيّن أن هذه الدراسة تهدف إلى تحليل أخلاقيات المهنة الإعلامية كإطار وقائي، مع استكشاف مخاطر التضليل وتأثيراته، مستندة إلى مواثيق دولية وأبحاث علمية، عبر منهج تحليلي وصفي يربط بين المجالين في السياقين العربي والعالمي.
وأكد البروفيسور، أن أخلاقيات المهنة الإعلامية تشكل الركيزة الأخلاقية لضمان مصداقية الإعلام كمؤسسة اجتماعية، إذ تعتمد على مبادئ أساسية مستمدة من مواثيق دولية مثل «إعلان ميونيخ (1971)» و«مدونة جمعية الصحفيين المهنيين (SPJ)» ومن أبرز هذه المبادئ، الدقة والصدق، حيث يُلزَم الإعلامي بالمصداقية والموضوعية وتجنب تلفيق المعلومات أو تحريفها، مع التحقق من المصادر لتقليل الضرر إلى أدنى حد، كما أن الحياد والموضوعية، من خلال تجنب الانحياز الشخصي أو الإيديولوجي، واحترام التعددية والتسامح وفق مبادئ «الالتزام بالحقيقة والدقة والموضوعية والحياد، وحماية الخصوصية والكرامة الإنسانية، عبر منع انتهاك الحياة الشخصية أو الشرف، مع التركيز على تقليل الضرر الناتج عن النشر.
وأشار، إلى أن هذه الأخلاقيات تطورت تاريخيًا منذ القرن التاسع عشر مع ظهور الشرائع الدولية لمواجهة الرقابة، وأصبحت في العصر الرقمي تشمل الشفافية الرقمية، مثل الإفصاح عن التمويل أو استخدام الذكاء الاصطناعي. وفي السياق العربي، تُعزَّز هذه المبادئ من خلال مؤسسات مهنية مثل نقابة الصحفيين المصرية التي تؤكد المسؤولية الاجتماعية.
وبيّن البروفيسور، أن التضليل الإعلامي (Misinformation/Disinformation) يعني نشر معلومات كاذبة أو مضللة سواء عن قصد (ديسإنفورميشن) أو عن طريق الخطأ (ميسإنفورميشن)، ويشمل الشائعات والأخبار المفبركة والتلاعب بالصور والفيديوهات العميقة (Deepfakes) وأظهرت دراسة علمية حديثة أن الشائعات والأخبار الكاذبة هي الأكثر انتشارًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يعزز تأثيرها السلبي على الرأي العام. وفي السياق الرقمي، يتفاقم التضليل بسبب سرعة الانتشار، واستخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى مزيف، كما في حالات التدخل في الانتخابات، ويُميز الباحثون بين التضليل العمدي الرامي للضرر، وغير العمدي الناتج عن التحيزات الخوارزمية، وفي المنطقة العربية، أظهرت الدراسات أن شبكات التواصل تسهم في نشر أفكار مضللة تهدد أمن الأفراد والمجتمعات.
وأضاف، أن التضليل يشكل مخاطر متعددة الأبعاد تتجاوز الفرد إلى المجتمع، فعلى المستوى الاجتماعي يؤدي إلى فقدان الثقة في الإعلام، ويعزز الاستقطاب والفتن، كما ظهر في الشائعات الصحية خلال جائحة كوفيد-19، وأكدت الدراسات العلمية أن التضليل يؤثر على الرأي العام بنسبة تصل إلى 40% في الانتخابات، حيث يستغل للتلاعب بالناخبين.
أما على المستوى السياسي، فإن التضليل يهدد الديمقراطية من خلال نشر الدعاية، كما أشارت تقارير إلى «البحر الغارق في التضليل» الذي يغرق المجتمعات، وعلى المستوى الاقتصادي، يؤدي إلى خسائر في قطاع الأعمال نتيجة الأخبار المزيفة، بينما تعزز الروبوتات (Bots) الانتشار الآلي للمعلومات المضللة، وفي الشرق الأوسط، تسبب التضليل في تأجيج النزاعات، مما يجعله كما وصفته الدراسات بوق الفتنة.
وأكد البروفيسور أن التضليل يمثل انتهاكًا مباشرًا لأخلاقيات المهنة، لما يشكله من إخلال بمبدأي الدقة والنزاهة، مما يطرح إشكالات أخلاقية في العمل الصحفي. وأوصى بتعزيز التدريب على مهارات التحقق من المعلومات، وإدراج مخاطر التضليل ضمن مناهج التعليم الإعلامي، إضافة إلى تبني آليات مثل الشراكات مع منصات التحقق (Fact-Checking)، والالتزام بالشفافية في البحوث الأخلاقية المتعلقة بالتضليل. وعلى المستوى العالمي، أكدت الأبحاث أهمية «التطعيم (Inoculation)» ضد المعلومات المضللة عبر التوعية المبكرة.
وشدد البروفيسور تركي بن عبدالمحسن بن عبيد، على أن أخلاقيات المهنة الإعلامية تمثل الدرع الأساسي لمواجهة مخاطر التضليل الذي يهدد أسس المجتمعات الديمقراطية، مؤكداً أن الالتزام بالمبادئ الأخلاقية يعزز مصداقية الإعلام وقدرته على مواجهة التحديات الرقمية.
ودعا إلى تعزيز الشرائع الدولية وتطوير برامج تدريبية تركز على الذكاء الاصطناعي والتوعية، لضمان إعلام يخدم الحقيقة ولا يشوهها، قائلاً إن الالتزام الأخلاقي ليس خيارًا بل ضرورة لاستدامة الإعلام كأداة للتقدم الاجتماعي.
قال اللواء الركن المتقاعد عبدالعزيز علي الجنيدي، إن الإعلام ونشر المحتوى الثقافي والتعليمي وتحصين الفرد والمجتمع من الإرهاب والتطرف كانت في السابق تنحصر في الصحافة والإذاعة والتلفزيون، حيث كانت المعلومة تصل إلى البيت والمدرسة والجامع بيسر وسهولة، حتى تطورت التقنية وأصبح الواقع يتجاوز مفاهيم الوسطية والتسامح وحسن الخلق.
وأضاف أن الساحة الإعلامية تشهد حالياً وسائط رقمية متعددة ومتطورة، من بينها المنصات الإعلامية والإنترنت والفيسبوك والسناب شات والإنستغرام والتيك توك، مبيناً خطورة هذه الوسائط عند استخدامها عبر الذكاء الاصطناعي في الكذب وترويج الشائعات ودعم التطرف والإرهاب. وأوضح أن القيادات الأمنية والإعلامية تدرك خطورة ذلك، وتعمل على نشر المعلومات وتثقيف المجتمع لحماية الشباب والمجتمع.
وأشار الجنيدي إلى وجود مواقع متخصصة لتفنيد الكذب والإرجافات المختلفة المخصصة والموجهة للنشء، ومنها مكافحة الإشاعات والفساد، إلى جانب نشر أرقام للتواصل مع الجهات الحكومية والأمنية المختصة بمكافحة الإرهاب والمخدرات والتطرف وتشويه العلماء والقادة.
ولفت إلى أن هناك في الوقت نفسه مواقع تعمل على تغذية التطرف والإرهاب وإفساد الشباب عبر ترويج المعلومات المضللة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وأكد أن المملكة العربية السعودية تتصدر بتميزها في مكافحة الفساد والإرهاب والتطرف، وهي عضو رئيس في منظمة العمل المالي (فاتف) المختصة بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال، كما أن المملكة عضو تنفيذي في الرابطة الدولية لهيئات مكافحة الفساد (IAACA) وعدد من المنظمات الدولية واللجان المتخصصة في مكافحة الإرهاب وغسل الأموال.
وبيّن أن ما نحتاجه حالياً هو دورات توعية موجهة للمنزل، أي للأسرة والأب والأم، ثم المدرسة ثم المسجد، لمحاربة التضليل الإعلامي الرقمي وحماية القيم الإسلامية والأخلاقية لمجتمع المملكة العربية السعودية، في ظل اجتماعات لقيادات معادية تعمل على توجيه ومخاطبة الرأي العام بأجندات كاذبة وتضليل إعلامي كامل موجه للشباب بهدف زعزعة استقرار وأمن دول مجلس التعاون الخليجي.
وأوضح اللواء المتقاعد أن الجهات المعنية تقوم حالياً بمتابعة المحتوى الإعلامي المضلل وتعمل على تحقيق الأمن الوطني من خلال تفنيد الأكاذيب وتعزيز الثقافة الرقمية ورفع مستوى الوعي المجتمعي وتوضيح تأثير الشائعات على الأمن الوطني، وبالتأكيد المملكة، ولله الحمد، تتصدر دول العالم في الأمن السيبراني، وتمتلك الكفاءات والخبرات القادرة على حماية المجتمع من التضليل الإعلامي الرقمي.