العراق يدعو إلى إنشاء صندوق عربي لترصين الفضاءات الإعلامية
خبراء يحذّرون من خطورة تزايد حملات التزييف الرقمي
بغداد - قصي منذر
حذرت مؤسسة بغداد للتواصل والاعلام الرقمي، من مخاطر تزايد حملات التزييف الرقمي، التي تستهدف المؤسسات والشخصيات العامة، مع قرب اطلاق شبكات الجيل الخامس فايف جي. وقال رئيس المؤسسة، صفد الشمري، في بيان، تلقته (الزمان) امس ان (المزايا التي تطرحها شبكات الجيل الخامس، تفرز تحديات جديدة تتعلق بالأمن الرقمي، وسمعة المؤسسات والأفراد، لما تقدمه من دعم لأدوات التزييف الرقمي بجودة ووتيرة لم تكن ممكنة سابقاً)، وشدد الشمري على (ضرورة الاستعداد المبكر لمواجهتها عبر استراتيجيات شاملة تشمل الجوانب التقنية والتنظيمية والمجتمعية)، مبيناً ان (هذه الشبكات تشكل نقلة نوعية في عالم الاتصالات، لما توفره من سرعات النقل الفائقة التي تصل إلى عشرات غيغابايت في الثانية، ما يجعل البث المباشر والمكالمات اللحظية أكثر دقة وسلاسة، فضلاً عن دعمها الحوسبة على الحافة، الامر الذي ينتج عنه تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي القوية قرب المستخدم، أو على الأجهزة نفسها، بدل الاعتماد الكلي على السحابة البعيدة)، وأضاف الشمري ان (هذه القدرات التقنية تمكن من إنتاج بث الفيديو والصوت المزيف في الزمن الحقيقي، أو تعديل مكالمات الفيديو اللحظية لاستبدال الوجوه والأصوات للشخصيات المستهدفة، ويزداد الأمر خطورة عند دمج هذه القدرات مع كثافة الأجهزة المتصلة عبر إنترنت الأشياء، من قبيل الكاميرات الذكية والشاشات، ونظارات الواقع المعزز، ما يتيح نشر المحتوى المزيف على نطاق واسع وبطرق يصعب كشفها على الفور)، بحسب ماذكر، وحذر البيان من (تحول الامتيازات التي تقدمها شبكات الجيل الخامس، نسبة الجيل الرابع المعمول بها حالياً في العراق، الى بيئة خصبة لنشر التزييف الرقمي على نطاق لم يسبق له مثيل من المكالمات المباشرة إلى بث الأحداث الهامة، وحتى الفيديوهات التفاعلية التي قد توحي بالواقع لكنها في الحقيقة مفبركة)، داعياً الى (اتخاذ تدابير على المستوى الوطني، مثل تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، لكشف التزييف في الفيديو والصوت، واعتماد التوقيع الرقمي وبصمة للمحتوى، بما يضمن تتبع أصل المحتوى وتاريخه، ومراقبة الحوسبة على الحافة، لمنع استغلال البنية التحتية لنشر محتوى ضار، الى جانب إصدار تشريعات واضحة تجرم إنتاج واستخدام الزييف الرقمي العميق في العراق، لاسيما في حالات الابتزاز أو التضليل السياسي)، وطالب الشمري (بوضع سياسات صارمة على وسائط التواصل الاجتماعي، لإزالة المحتوى المشبوه بسرعة وتنبيه المستخدمين، ومشاركة وسائل الاعلام بمسؤولياتها المجتمعية عبر توعية المستهلك، حول كيفية التحقق من المحتوى قبل مشاركته، وتدريب المؤسسات الإعلامية على استخدام طرق التحقق متعددة الطبقات وفرق استجابة سريعة لأي شائعة تنتشر عبر الشبكة، فضلاً عن التعاون مع المؤسسات الأكاديمية، لتطوير مختبرات بحثية متخصصة في كشف التزييف الرقمي، وتبادل المعرفة والخبرات مع مزوّدي الشبكات والشركات التقنية، لضمان تطوير أدوات مواجهة فاعلة). على صعيد متصل، طرح العراق خلال الايام الماضية، مبادرات تتعلق بمسارات الاعلام والتحول الرقمي، ضمن مشاركته باعمال ملتقى الاعلام العربي المنعقد في لبنان، في اطار جهود تنظيم الفضاء الرقمي. واكد رئيس هيئة الاعلام والاتصالات، نوفل أبورغيف، في كلمة خلال الملتقى، ان (الإعلام العربي يواجه لحظة تحوّل فارقة، تتطلب تعاوناً مشتركاً يحفظ التوازن بين الحرية والتنظيم الواعي).
تنظيم مؤسسي
مشيراً الى ان (التنظيم المؤسسي يعد السبيل الأمثل لترصين الفضاءات الإعلامية وتعزيز دورها وفق معادلة متوازنة تحفظ العلاقة بين الدولة والمجتمع والإعلام)، واستعرض ابورغيف (عدداً من المبادرات التي أطلقتها الهيئة في إطار مسؤولياتها، تشمل مشاريع الاتصالات في المناطق النائية، والأتمتة والتحول الرقمي، بما يتماشى مع البرنامج الحكومي لبناء مسارات رقمية رشيدة تعزز سيادة الدولة، وتسهم في ردم الفجوة الرقمية)، على حد قوله، داعياً الى (تبني ميثاق عربي للإعلام التنموي، وإنشاء صندوق عربي لدعم المحتوى الواعي)، وتابع ان (هذه الخطوات تمثل استثماراً في الوعي المجتمعي). ويسعى العراق مؤخراً لتبنّي مسار تنموي جديد، يهدف إلى إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن مؤسساته الحكومية والخاصة، وتنفيذ برامج تدريبية لتأهيل الملاكات الوطنية على استخدام هذه التقنيات الحديثة. وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود الجهات المسؤولة، لمواكبة التحول الرقمي العالمي، وتعزيز كفاءة الأداء المؤسسي، ودعم الابتكار في مختلف القطاعات الخدمية والإنتاجية. واكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون الذكاء الاصطناعي والاتصالات، حسن الخطيب، في تصريح تابعته (الزمان) امس (إعداد برامج متقدمة لتعزيز الذكاء الاصطناعي في الجامعات، وتنفيذ دورات لتطوير مهارات موظفي الدولة والقطاع الخاص بهذا المجال)، وأضاف ان (العراق اتخذ خطوات فعلية في مجال التحول الرقمي والاتصالات، لكنه لايزال بحاجة إلى المزيد من التقدم الفعلي).