الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الديمقراطية بين الشكل والمضمون

بواسطة azzaman

الديمقراطية بين الشكل والمضمون

حسن عاتي الطائي

 

يمكن القول إن الديمقراطية عملية حية تتألف من عنصرين متلازمين لا يجوز الإستغناء عن احدهما..العنصر الأول : وجود مؤسسات ولوائح وآليات لا بد منها لنجاح العملية الديمقراطية وهي تتمثل بوجود سلطتين تشريعية وتنفيذية وقضاء مستقل .. العنصر الثاني :  المردود الإيجابي المطلوب من تلك العملية الديمقراطية الذي يجب أن يتحقق على أرض الواقع وهو تحقيق العدالة الإجتماعية بين مختلف الطبقات والشرائح التي يتكون منها المجتمع.. ولهذا يجب أن يكون هناك تلازم ديناميكي بين الشكل والمضمون، بين ما تفرزه صناديق الإنتخابات الحرة النزيهة من نتائج وبين ما يتحقق من مطالب وحقوق تأخذ بيد المجتمع نحو التقدم والإزدهار ..إن المنظومة الديمقراطية القائمة على التبادل السلمي للسلطة بين الأحزاب والقوى المشاركة في العملية السياسية من خلال إجراء انتخابات حرة وشفافة التي لا تستهدف في النهاية تحقيق العدالة الشاملة بين فئات المجتمع دون تمييز بين فئة وأخري بما يؤدي إلى دفع عجلة التطور إلى الأمام ولا تحقق الأهداف العليا للجماهير التي هي في الأساس تحقيق الإستقلال الوطني بشقيه السياسي والإقتصادي ورفض التبعية بكافة اشكالها لأي جهة أجنبية وحرية الوطن والمواطن وضمان مشاركة الشعب في إدارة شؤون بلده فإنها ستكون منظومة سلطوية فاشلة مهما ارتدت من ملابس ديمقراطية زاهية ومهما رفعت من شعارات براقة.. إن الديمقراطية ليست مجرد إجراء انتخابات بين قوى سياسية تتنافس عبر صناديق الإقتراع للحصول على أكبر عدد من المقاعد بما يمكنها من الوصول إلى سدة الحكم وإنما هي وسيلة مشروعة لتحقيق غاية نبيلة يتطلع إليها المواطنون كافة بمختلف توجهاتهم وطوائفهم..إن على السلطة المنتخبة أن تكون ديمقراطية بالفعل وليس بالأسم، أن تكون مجسدة لآمال الجماهير وملتزمة بأهداف وثوابت الوطن والمواطن دون إزدواجية في التعامل مع الفئات التي يتشكل منها المجتمع انطلاقا من إن السلطة هي سلطة الشعب كله وليست سلطة حزب أو فرد أو فئة من الفئات وليست ملكا صرفا لأحد..إنها سلطة القانون الذي تسري أحكامه العادلة على الجميع دون استثناء.. إن الديمقراطية الحقيقية ستجعل المواطنين يشعرون بقوة أنهم أبناء وطن واحد وأن عليهم حمايته والإرتقاء به مثلما سيخلق لديهم ثقافة واحدة وقيما وتقاليد ديمقراطية جديدة وسلوكا جماعيا يدفعهم بإتجاه الوحدة والقوة..إن المجتمع الذي تسوده المبادئ والتقاليد الديمقراطية سيتقبل بسهولة مبدأ التداول السلمي للسلطة وتعدد الأحزاب السياسية التي ستعمل بدورها ( إذا كانت ديمقراطية حقا ) على تعميق وتجذير مبادئها وقيمها وتقاليدها في المجتمع..وبهذا نستطيع أن نقول إن الديمقراطية ليست مجرد شكل من أشكال الحكم دون مضمون كما إنها ليست مجرد مواد دستورية لا حياة فيها وإنما هي شكل ومضمون في آن واحد لا يمكن ولا يجوز الفصل بينهما ..

 

 

 


مشاهدات 50
الكاتب حسن عاتي الطائي
أضيف 2025/11/11 - 7:42 PM
آخر تحديث 2025/11/12 - 5:19 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 161 الشهر 8198 الكلي 12569701
الوقت الآن
الأربعاء 2025/11/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير