دولة العراق من وجهة نظر مواطن
سامي الزبيدي
أنا مواطن عراقي أعيش في وطني وطن آبائي وأجدادي فهو بيتي الكبير الذي تربيت فيه وشربت من مائه العذب عندما كان عذباً وأكلت من خيراته عندما كانت خيراته تكفي كل العراقيين ونفيض بها على أشقائنا, في وطني كان هناك قانون ونظام وامن وأمان ولا مكان في وطني للفاسدين والسراق والقتلة والمجرمين والاهم لا مكان للعملاء والخونة , وبعد الاحتلال الأمريكي لوطني تغير كل شيء فالمواطنين صاروا غرباء في وطنهم والغرباء والعملاء وأدلاء المحتل صاروا حاكمين ومسؤولين وسياسيين متنفذين وبدل الانتماء للوطن والوطنية صار الانتماء للحزب والطائفة والعشيرة هو معيار هؤلاء السياسيين الذين صار همهم السلطة والنفوذ وسرقة أموال البلاد والعباد فضيعوا الوطن وفرطوا بأراضيه ومياهه وآبار نفطه الحدودية التي استولت عليها دول الجوار وبدلا من ان يبنوا دولة تحفظ كرامة العراقيين وتصون حرياتهم وتحميهم وتحمي حدود العراق وتصون ترابه ومياهه أسسوا دولة طوائف ومكونات من خلال عملية سياسية أمريكية غلافها الديمقراطية وجوهرها الطائفية والمحاصصة الحزبية والفساد والسرقات ونهب ثروات البلاد فتقاسموا المناصب في الدولة والحكومة وفق المحاصصة الحزبية والطائفية وتقاسموا كذلك أموال الدولة والشعب وابعدوا الكفاءات العلمية والإدارية والفنية والقانونية والتعليمية الخبيرة والمجربة والنزيهة عن كل مناصب الدولة والحكومة تحت ذريعة الاجتثاث واغتالوا خيرة الأطباء وكبار ضباط الجيش والطيارين وهيمن المتخلفون والمزورون وأنصاف المتعلمين من أعضاء الأحزاب المتنفذة على كل مناصب الدولة والحكومة وهم لا يملكون مقومات ومؤهلات هذه المناصب ولا أية مؤهلات علمية أو ادارية فعمت الفوضى البلاد واستشرى الفساد في كل وزارات ومؤسسات الدولة وصارت أموال العراق وثرواته نهبا للأحزاب المتسلطة وقادتها وأعضائها فهم قادة مافيات الفساد ورؤوسه الكبيرة حتى عجزت كل المؤسسات التي تم تشكيلها لمحاربة الفساد النجاح في عملها وباءت كل المحاولات للقضاء على الفساد أو حتى تحجيمه بالفشل ونتيجة للفساد والسرقات الكبرى لأموال الدولة وهيمنة الفاسدين والفاشلين من السياسيين على وزارات الدولة ومؤسساتها وعلى كل مقاليد الأمور في الدولة والحكومة والحكومات المحلية للمحافظات عم الخراب والدمار كل مدن العراق وعلى رأسها العاصمة بغداد وعم الخراب كل مفاصل الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والصحية والتعليمية والعلمية والثقافية حتى أصبح الفساد ثقافة وسرقة المال العام شطارة ومما زاد الطين بله انتشار الفتاوى الدينية التي جعلت من المال العام مال مجهول المالك يحق للجميع الأخذ منه .
منابر متخصصة
كما يبيح سرقة ثروات العراق خصوصا النفط فهو أنفال يحق لجميع المسلمين الأخذ منه دون أية محاسبة , كما انتشرت الخرافات من خلال منابر متخصصة تنشر الأكاذيب والخزعبلات والخرافات مدعومة سياسيا ودينيا وتروج بطريقة وأخرى للفساد والجهل وتجتر أحداث تاريخية تلامس عقول البسطاء والسذج من العامة تؤجج الصراع الطائفي بين مكونات الشعب المتآخية كما انتشرت الأمية والجهل والفقر والأمراض والمخدرات التي دمرت شباب العراق بعد ان سيطرت أحزاب متنفذة وميليشيات مسلحة على عملية إدخالها وحماية ناقليها وتجارها حتى أصبح العراق من البلدان المنتجة والمصدرة لهذه الآفة الخطيرة فضيعوا شباب الوطن بالمخدرات والبطالة , كما دمر الفاشلون والفاسدون الصناعة وأغلقوا كل مصانع العراق التي كانت تصدر منتجاتها للخارج ليستورد العراق ابسط حاجاته من دول الجوار بمبالغ كبيرة جدا كما دمروا الزراعة ومنعوا تزويد المزارعين والفلاحين بالأسمدة والمعدات والأدوية والبذور حتى أصبح العراق يستورد حتى الخضروات من دول الجوار, أما سيادة العراق فهي لعق على السنة السياسيين فقط فدول الجوار تسرح وتمرح داخل الأراضي العراقية بل بعضها أسس قواعد عسكرية داخل محافظات العراق ومدنه وبعضها تقصف مدن ومناطق العراق تحت ذرائع شتى وقادة البلد وساسته لا يعرفون غير الاستنكار والشجب ودول أخرى تجاوزت عل حقول نفطنا الحدودية وسيطرت عليها وزيادة على ذلك استغلت باقي الحقول الحدودية من طرف واحد معتبرها حقول مشتركة وهي حقول عراقية بحتة وأخرى تمنع صيادينا من الإبحار في خور عبد الله بعد ان باعه حفنة من ساسة الزمن الأغبر للكويت وراحت إيران وتركيا تقطع مياه نهري دجلة والفرات وروافدهما لتتصحر أراضي بلد الرافدين, والسؤال المهم بعد كل هذا الذي حصل ويحصل في وطني هل العراق دولة ذات سيادة وبالمعني الحقيقي للدولة ودولة كباقي دول المنطقة والعالم؟هذا السؤال يتداوله العراقيون على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية ومنذ اثنين وعشرين سنة أي منذ الاحتلال الأمريكي للعراق وتشكيل أول حكومة عراقية الى آخر حكومة وهي حكومة الإطار التنسيقي برآسة محمد شياع السوداني وقبل الإجابة على السؤال لنستعرض مفهوم وتعريف الدولة وهل ينطبق على عراق ما بعد الاحتلال الأمريكي ؟ للدولة تعاريف عديدة سأختار المهم منها ,والتعريف الأكثر قبولا هو ان الدولة مساحة من الأرض تمتلك سكان دائميون وإقليم محدد وحكومة قادرة على المحافظة والسيطرة الفعالة على أراضيها وإجراء العلاقات الدولية مع الدول الأخرى وتعريف آخر مهم هو ان الدولة مساحة من الأرض تم الاعتراف بها دوليا ويعيش عليها مجموعة من السكان الذين تنظمهم سلطة اجتماعية وسياسية واقتصادية , وللدولة مقومات محددة لابد من توفرها كي تكون دوله وهي مساحة من الأرض ومعها المجال الجوي والمياه الإقليمية ان وجدت ومجموعة من السكان المقيمين عليها وسلطة سياسية حاكمة تتمثل بالحكومة التي تتعامل بسياسة داخلية معينة مع شعبها من خلال الاستغلال الأمثل للموارد وتوفير الأمن للدولة من أية اعتداءات خارجية أو اضطرابات داخلية وسياسة خارجية تمارسها مع باقي الدول , ومقومات الدولة هي التي تهمنا في هذا البحث لأنها ستقودنا لأسئلة عديدة أهمها هل حافظت كل الحكومات التي تم تشكيلها بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 على مساحة ارض دولة العراق ؟الجواب كلا بالطبع فدول الجوار سيطرت على العديد من مناطق العراق وأراضيه الحدودية وبتواطؤ مع الحكومات العراقية المتعاقبة فالكويت استولت على أم قصر والقاعدة البحرية فيها ومعها العديد من آبار النفط العراقية .
حقل مجنون
كما تنازل ساسة العراق (الأشاوس) على خور عبد الله التميمي العراقي للكويت مقابل بضعة ملايين من الدولارات تسلمها من الكويت من يسمون أنفسهم ساسة العراق الجدد الذين اقسموا بالله وبالشعب إنهم سيحافظون على ارض العراق ومياهه لكنهم نكثوا(أيمانهم ) وخانوا وطنهم وشعبهم وباعوا ارض العراق ومياهه للكويت دون خجل أو وجل , أما إيران فقد سيطرت على العديد من أراضي العراقي الحدودية خصوصا التي يتواجد فيها النفط فقد سيطرت على العديد من آبار النفط في محافظة ميسان في الفكه والطيب وأجزاء من حقل مجنون في البصرة واستغلت باقي الحقول النفطية المشتركة من طرف واحد دون تدخل كل الحكومات العراقية المتعاقبة وإيران تقصف المناطق العراقية ومحافظة اربيل بحجج واهية والدولة العراقية تعترض فقط وإيران تقطع مياه الأنهار العراقية التي تنبع من أراضيها وتحول مجرى قسم منها الى داخل أراضيها في مخالفة صريحة للاتفاقيات الدولية للأنهار المشتركة والدولة وحكوماتها لا تفعلان أي شيء ,أما تركيا فقد احتلت العديد من الأراضي العراقية .
وأقامت عليها قواعدها العسكرية المنتشرة في نينوى واربيل والسليمانية ودهوك في انتهاك صارخ للسيادة العراقية وهي تقصف قرى ومناطق عراقية وتقتل مدنيين عراقيين والدولة العراقية وحكومتها في سبات مجرد شجب واستنكار إضافة الى أن تركيا قد قللت كثيراً إيرادات مياه دجلة والفرات الداخلة الى العراق مما تسبب في تصحر الأراضي الزراعية في العراق , ومنذ الاحتلال الأمريكي للعراق الى أيامنا هذه والمجال الجوي العراقي تحت سيطرة الأمريكان وما يسمى بقوات التحالف الدولي كما ان القواعد العسكرية الأمريكية منتشرة في مناطق عدة من العراق منها قلب العراق بغداد في مطار بغداد وهناك قاعدة عين الأسد في الانبار وقاعدة حرير في اربيل في انتهاك صارخ لسيادة العراق , هذا على الصعيد الخارجي وهو بإيجاز شديد أما عن الشأن الداخلي فالحديث طويل وذي شجون فالدولة تكاد تكون غائبة في العديد من المجالات خصوصا الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ففي مجال الأمن هناك فصائل مسلحة تستلم تجهيزاتها وأسلحتها وعجلاتها ورواتب منتسبيها من الدولة العراقية لكنها لا تأتمر بأوامر الدولة بل بأوامر خارجية وتنفذ فعالياتها العسكرية دون الرجوع للدولة والحكومة في اغرب قضية أمنية , وكل الأحزاب والكتل السياسية العراقية التي شكلت الحكومات السابقة والحالية ومجالس النواب لها ميليشيات مسلحة وهذا يخالف الدستور العراقي وهذه الميليشيات فوق القانون وفوق الدولة فهي تقتل وتغتال وتستولي على أراضي وأملاك المواطنين بالقوة دون ان تتخذ الدولة والحكومة أية إجراءات ضدها لأنها أقوى من أجهزة الدولة الأمنية والجادرية والعرصات والبوعيثة والطارمية والتاجي والموصل وسامراء شاهد على ذلك , أما أجهزة الدولة الأمنية فحالها حال بقية مؤسسات الدولة والحكومة بوزاراتها ودوائرها التي ينخرها الفساد وتهمين عليها الأحزاب وفق المحاصصة الحزبية والطائفية المقيتة وبعض قادتها وضباطها من ضباط الدمج , ويبقى الفساد والمخدرات والبطالة والفقر التي وصلت نسبها الى أرقام مخيفة وسوء الخدمات وفقدان الأمن أهم ما يعانيه الشعب في وطني ,أما الخدمات التي تقدمها الدولة فهي في خبر كان فالتعليم في العراق أصبح في ادني مستوياته وخرج العراق من التصنيف العالمي لمستوى جودة التعليم لان المسؤولين على العملية التعليمية والتربوية من أعضاء الأحزاب الحاكمة الذين لا يملكون الخبرة والتجربة والكفاءة والمهنية في هذا المجال الحيوي والأمر ينطبق على الخدمات الصحية التي أصبحت في الحضيض أما الخدمات البلدية في اغلب المحافظات فأموالها قد سرقت من قبل كبار الفاسدين من السياسيين والكهرباء أوضح مثال , أما السلاح المنفلت وسلاح العشائر فالدولة عاجزة عن وضع حد له وجرائم القتل والنزاعات العشائرية مستمرة وتعكر صفو الأمن , أما القانون في العراق فلا يطبق إلا على الفقراء وحقوق المواطنين مسلوبة فالمواطن يعتقل ويسجن دون مذكرات قضائية والمعتقلين بكذبة مخبر سري والمغيبين خير دليل أما السياسيون ورجال الميليشيات وعرابيهم فهم خارج تغطية القانون ونور زهير وباقي سراق الامانت الضريبة مثال حي والقضاء يطلق سراح السراق من السياسيين لكبر سنه أو لصغر سنه في حالة غريبة , وبسبب الأحزاب الفاشلة والفاسدة التي هيمنت على العراق وشعبه منذ 2003 والى أيامنا هذه أصبح العراق يتصدر المراكز الأولى المعيبة والمخزية فالعراق من أكثر الدول فساداً وسرقاتِ للمال العام ومن أسوا الدول في العيش واقلها أماناً ومن أكثر البلدان تلوثاً ومن أكثر الدول التي فيها ميليشيات مسلحة وسلاح منفلت ومن أكثر الدول التي ينتهك فيها القانون وتنتهك فيها حقوق الإنسان وحرياته وفق تقارير منظمات دولية متخصصة ومن أكثر الدول من حيث أعداد المهاجرين خارج البلد والمهجرين والنازحين والمغيبين في الداخل وفي طليعة الدول المستهلكة والمصدرة للمخدرات و شعبها من أكثر دول المنطقة فقراً وأمراضاً رغم ثروات البلد الكبيرة التي يسرقها ويتنعم بها الفاسدون والسراق من السياسيين والمسؤولين وعلى حساب معاناة الشعب و بعد كل هذا يبقى العراقيون يسالون هل العراق دولة؟ وأين هي الدولة؟ الإجابة عند الدولة .