الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ملامح النظام الانتخابي الجديد بموجب قانون التعديل رقم (4) لسنة 2023

بواسطة azzaman

ملامح النظام الانتخابي الجديد بموجب قانون التعديل رقم (4) لسنة 2023

احمد طلال عبد الحميد البدري

 

صدر القانون رقم(3) لسنة 2023 قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات رقم رقم (12) لسنة 2018 ، وهذا التعديل تضمن مخالفة تشريعية بينة حيث الغى قانون انتخابات مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 في المادة (25) منه ، في حين ان القانون يجب ان يلغى بقانون يحل محله وليس بقانون تعديل يخص تعديل قانون اخر ، كما نصت المادة (1) منه على سريان هذا القانون – اي قانون التعديل الثالث –على انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية ، وبالتالي فأن تحديد الملامح الرئيسية للنظام الانتخابي الجديد يقتضي المزج بين قانون التعديل الذي الذي تضمن احكام موضوعية جديدة وبين قانون مجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 الذي ورد عليه ، ويمكن ان نحدد ملامح النظام الانتخابي الجديد بالمحاور الاتية :

1.         الدائرة الانتخابية الكبيرة  : عد القانون الجديد المحافظة دائرة انتخابية واحدة ، وبخلاف قانون انتخابات مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 الملغي الذي اخذ بنظام الدوائر الانتخابية الفرعية (الصغيرة او المتوسطة ) ، وهذا يفسر رغبة الاحزاب السياسية في الرجوع الى نظام التمثيل النسبي الذي يتلائم مع الدوائر الكبيرة بمستوى المحافظة ، ولكن الوحدة الجغرافية بمستوى المحافظة ايضاً تثير اشكاليات عملية تتمثل في كون المحافظات ليست بمساحة جغرافية واحدة فهنالك محافظات كبيرة كالموصل والبصرة وهنالك محافظات تتكون من احجام سكانية ضخمة كمحافظة بغداد ، وهذا الاتساع الجغرافي وضخامة الحجم السكاني يحول دون بناء علاقات بين المرشح والناخبين وبالتالي يتم الاعتماد على القواعد الحزبية للتصويت ، لذا يعد هذا النظام هو المفضل من الاحزاب السياسية ، حيث نصت المادة (12) من القانون على ان المحافظة بحدودها الادارية الحالية دائرة انتخابية واحدة لانتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات .

2.         كوتا النساء : تمثيل النساء في البرلمان مبدأ دستوري نصت عليه المادة (49/رابعاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 حيث جاء فيها (يستهدف قانون الانتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لاتقل عن الربع من عدد اعضاء مجلس النواب ) ، الان الدستور لم يحدد طريقه تحقيق هذه النسبة وترك تنظيمها لقانون الانتخابات ، وبالرجوع لقانون انتخابات مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 الملغي نجد انه حدد مقعد واحد للنساء في كل دائرة انتخابية ، في حين ان القانون الجديد اوجب ان لاتقل نسبة النساء من مرشحي القائمة عن الربع (25%) ، الا انه اشترط تسلسل معين لورود المرشحات بأن توجد ( امراة بعد كل ثلاثة رجال ) ، وعاد ليحدد كوتا النساء في كل محافظة بحدود الربع فاصبح مقاعد النساء على مستوى العراق (83) مقعد ، غايته المشرع تاكيد كوتا النساء بحدود الربع دون زيادة او نقصان، فاذا تحققت المقاعد بالمنافسة تنتفي الحاجة للاستبدال من خلال حجب مقعد الرجل الفائز وتخصيصه للمراة استناداً للكوتا .

3.         كوتا الاقليات : ان الدستور لم يتضمن نصاً صريحاً يحدد عدد المقاعد لما يعرف بـ ( كوتا الاقليات ) التي وردت في المادة (13) من قانون انتخابات مجلس النواب الملغى ، وعلل البعض ان المشرع قد استند للمادة (125) من الدستور لتقرير كوتا الاقليات والتي نصت على ان ( يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان والكلدان والاشوريين وسائر المكونات الاخرى وينظم ذلك بقانون ) ، ومؤكد ان الانتخاب والترشيح من الحقوق السياسية ،  الا انه يلاحظ على النص المذكور انه يشير الى القوميات وليس للاديان في حين ان كوتا الاقليات التي وردت في القانون منحت مرة على اساس الديانة كالمسيحيين والصابئة المندائيين ومرة على اساس القومية كالكرد الفيليين ، لذا نرى ان هذا النص غير موفق من حيث الصياغة التشريعية ، كما انه يشكل اخلالاً بمبدأ المساواة الذ ينصت عليه المادة (14) من الدستور ، ذلك ان الدستور قد كفل للجميع الحق بالانتخاب والترشيح هذا من جانب ، ومن جانب اخر ان كوتا الاقليات من شأنها تتعارض مع مبدأ التمثيل على اساس نسبة السكان ، ولاسيما ان الفقرة (ثانياً) من المادة(13) سابقة الذكر قد اعتبرت هذا الكوتا منفصله عن الاستحقاق الانتخابي في حالة مشاركه المواطنين من الاقليات في القوائم الوطنية الاخرى ، حيث نصت هذه الفقرة على ان ( تمنح المكونات الاتية حصة (كوتا) تحتسب من المقاعد المخصصة على ان لايؤثر ذلك على نسبتهم في حالة مشاركتهم في القوائم الوطنية وتكون على النحو الاتي .....) ، ورغم ان المحكمة الاتحادية العليا قد اشارت في قرارها بالعدد (11/ اتحادية/2010) الى كوتا الاقليات ، الان القرار المذكور لايمكنه خلق نص دستوري جديد يخل بالمساواة المفترضة التي كفلها الدستور، بمعنى اخر ان تحقيق العدالة للفئات المظلومة او المهمشة او الاقليات لايمكن ان يخل بالدستورذاته الذي تكفل برفع هذا الحيف عنهم ، وهنا تكمن البراعة والحكمة في وضع النصوص الدستورية، اما القانون الجديد ، فقد اكتفى بنص المادة (9/ب) منه على منح المكونات (كوتا) من العدد الكلي للمقاعد في مجلس النواب على ان لايؤثر ذلك على حصتهم في حال مشاركتهم في القوائم العامة وحدد المقاعد بنص القانون فمنح المكون المسيحي (5) مقاعد توزع على محافظات ( بغداد ، نينوى ، كركوك، دهوك ، اربيل) واعطى مقعد واحد للمكونات الاخرى ( الايزيدية ، الصابئة المندائية ، الشبك ، الكرد الفيلية) في المحافظات التي يتواجدون فيها ، الا انه يلاحظ ان القانون اعتمد نظام الاغلبية للمكونات الصغيرة والذي يتعمد الترشيح والانتخاب الفردي ويكون الفائز من يحصل على اعلى الاصوات ، الا ان الدوائر الانتخابية اختلفت من مكون لاخر فعلى سبيل المثال يكون العراق دائرة انتخابية واحدة بالنسبة لمقعد الصابئة المندائيين ، وكردستان دائرة انتخابية واحدة بالنسبة لمقعدي المسيحيين في اربيل ودهوك .

4.         اعتماد نظام القائمة المفتوحة : حيث اعتمد النظام الجديد نظام القائمة المفتوحة الذي يتوافق مع نظام الدوائر الانتخابية الكبيرة على مستوى محافظة بخلاف القانون الملغي الذي اعتمد نظام الترشيح الفردي ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة ، وهذه القائمة تضم اسماء المرشحين سواء كانوا ينتمون لحزب واحد او عدة احزاب ، او عدد من المستقلين يأملون التصويت لهم لشغل بعض او كل المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية دون التقيد بتسلسل المرشح بالقائمة ، وقد حدد القانون الجديد عدد المرشحين بالقائمة الواحدة بما لايزيد عن ضعف عدد المقاعد المخصصة في الدائرة الانتخابيه التي يتنافسون على مقاعدها على ان تخصص نسبة (25%) من القائمة للنساء كما بينا ، وفي القائمة المفتوحة يتم التصويت غالباً على الولاء للحزب السياسي مع تفضيل مرشح ضمن القائمة ان كان الناخب يعرفه.

5.         اعتماد معادلة سانت ليغو : ان هذه المعادلة الحسابية تضمن تحويل النسب المئوية وفق نظام التمثيل النسبي الى عدد يمثل المقاعد ، وهذا ورد في المادة (7) من القانون الجديد التي نصت على تقسيم الاصوات الصحيحة لكل قائمة على الاعداد التسلسلية ( 1,7 ، 3، 5 ، 7) ...الخ وبعدد مقاعد الدائرة الانتخابية ويتم اختيار اعلى النوانتج حتى استنفاذ جميع مقاعد الدائرة الانتخابية ، ان المعادلة الاصلية التي تنسب لعالم الرياضيات الفرنسي (سانت ليغو) وضعت اساساً لحماية تمثيل الاحزاب الصغيرة من خلال تقسيم الاصوات للقوائم المشتركه في التسابق الانتخابي على ارقام فردية ( 1،3،5،7، ...الخ ) ، الا ان ان اضافة كسر للرقم (1) كما ورد في القانون (1,7) تؤدي حسابياً الى زيادة نسبة اقصاء الاحزاب الصغيرة وبالمقابل اتساع فرص الاحزاب الكبيرة ، لذا يشكل العودة لهذه النسبة ارتفاع لحضوظ الاحزاب والكتل السياسية الكبيرة التي تراجعت في ظل قانون انتخابات مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 الملغي الذي اخذ بنظام الترشيح الفردي ونظام الاغلبية ، حيث يكون الفوز للمرشح الذي يحصل على اعلى الاصوات .

مما تقدم ذكرنا اهم ملامح قانون الانتخابات الهجين الذي يمثل ارتداد عن المبادىء الواردة في قانون انتخابات مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 الذي ولد تحت الضغوط الشعبية و تضمن نصوص من شأنها زيادة فرص المستقلين والاحزاب الصغيرة في التمثيل النيابي ، واثر الخسارة الكبيرة التي منيت بها بعض الاحزاب الكبيرة في ظل انتخابات عام 2021 وفوز بعض النواب المستقلين الممثلين لبعض الحراكات الشعبية والذين اخفقوا في الحفاظ على استقلاليتهم لاحقاً ، تم تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية بمناورة سياسية مخالفه لاصول التشريع حيث تم تعديل القانون الخاص بالهيئات المنتخبة في المحافظات والاقضية والغي قانون الانتخابات التشريعية بنص ورد في قانون تعديل قانون اخر والحقت الانتخابات التشريعية بقانون انتخابات المحافظات والاقضية وهذا امر يثير الاستغراب من الناحية التشريعية ... والله الموفق .

 

 


مشاهدات 68
الكاتب احمد طلال عبد الحميد البدري
أضيف 2025/11/03 - 3:32 PM
آخر تحديث 2025/11/04 - 5:10 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 142 الشهر 2471 الكلي 12363974
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير