فم مفتوح .. فم مغلق

رأس الحكمة عقل اللّسان

زيد الحلي

تكمن أهمية الكلام المسؤول في دوره الكبير في التواصل والتأثير الإيجابي على الفرد والمجتمع، فهو أداة لبناء العلاقات وتعزيز الفهم، بينما يكون الكلام الواهن المغلف بالإساءة الى الاخرين ، سلاحاً هداماً يحمل كل صور المحرمات كالغيبة والنميمة. وليس في ما اشير اليه ، بعد متابعات يومية لشاشات التلفاز، ما يبتعد عن الحقيقة المرة التي نعيشها حاليا مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، حيث لم يجد المواطن  في الحوارات واللقاءات والندوات التي يعقدها «بعض» السياسيين، بارقة امل في تأكيد وحدة المجتمع  بلغة صادقة ، شفافة ، ونبذ التطرف والغلو، فأقوالهم طغت عليها لغة (الانا) وغابت لغة (نحن)..!

ان هؤلاء لم يدركوا ان المطالبات بالأحقية الضيقة ،على حساب الفضاء العام، بالصراخ والعصبية المفتعلة  في الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، هو قارب شهرة مؤقتة، بينما هدوء الحوار والمنطق الحقيقي هو شاطئ السلامة والاخوة.

ان بلوغ القوة الداخلية وعكسها على أنفسنا وحياتنا اليومية ضرورة قصوى، وبات لزاما على القوى السياسية ومؤسساتها السعي  الى كبح كل ما هو سلبي في احاديث ممثليها في الاعلام وفي مناقشات الغرف المغلقة ، فذلك يسهم في لملمة الجراح ، وتعزيز الاواصر الشعبية .. فالإحساس بالمناعة والاحترام  للوطن واطيافه  يكسبنا نوعا من القوة الذاتية المحملة بأغصان الود.

لا شك، ان المواطن عندما يستمع الى احاديث وآراء  القوى السياسية، فأنه يرنو الى افق  يعيد اليه قوته الداخلية وإلى طمأنة نفسه، وانه انسان  يستحق العيش من دون إرهاق مزمن من خوف مسيطر عليه منذ بدء يومه وتوجهه لعمله، حتى عودته الى احضان عائلته،  فليس بخاف على احد، ان ملاحظة الخوف النفسي الذي يصاحب المواطن في مسيرته اليومية، وعدم القدرة على التغلب على أي موقف يواجه ، دلالة على وجود  مؤشر يبين ضعف القوة الداخلية للإنسان، وهي من أكثر الملاحظات التي لا يمكن مراوغتها وتجاهلها، لما لها من تأثير محبط وانعكاس على الفرد والمجتمع.

ايها السادة الذين تتحدثون يوميا باسم من تمثلون من احزاب وقوى سياسية، انتبهوا الى ما يصدر منكم  ، فالمواطن يعيش ، صراعا داخليا مع نفسه مع اي متغير في السياسة ، فتراه يظهر غير ما يبطن، ويبتسم، ووجدانه باك، فقد بات القلق لازمة يومية في سلوكه، نتيجة تلاطم امواج التصريحات المتباينة، واختلط عليه الخيط الاسود من الخيط الابيض، وبات والقلق صنوان لا يفترقان.

وصدق من قال ان الكلمة  التي تخرج من القلب تلامس القلوب جميعا، أما الكلمة التي تخرج من اللسان فلا تتجاوز الآذان!

Z_alhilly@yahoo.com