الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المسنون والمستحقّات المؤجّلة 

بواسطة azzaman

نقطة ضوء
المسنون والمستحقّات المؤجّلة 

محمد صاحب سلطان


سعادة حقيقية إحتوتنا، ونحن نلتقي بكوكبة من زملائنا الصحفيين الرواد، هؤلاء الذين أفنوا أعمارهم من أجل إعلاء كلمة الحق المنحازة للشعب ولا غير، ضمتنا وإياهم قبل أيام حدائق المركز الاجتماعي للمتقاعدين في أربيل، لمناسبة اليوم العالمي للمسنين، وهذا المركز، كرس بطبيعة توجهه وأهدافه النبيلة لخدمة المتقاعدين من مختلف التخصصات، وهم يلتقون ويتبادلون الأحاديث والذكريات، في حلقات إنسانية بمناظر نادرة الحدوث في غيره من الأماكن، يتناقلون الخبرات والتجارب والحكايا، كل بحسب تجربته في الحياة وما مرت عليه من أحداث، والنتيجة التي خرج بها، وفي ذلك اللقاء، طلب أحد الزملاء من الحاضرين- بغية تنشيط الذاكرة- كتابة موضوع عن الوفاء والمحبة، شريطة أن يقول كل منا جملة تكمل فكرة من سبقه في الحديث، وذكرنا بأن المحبة الصادقة، ليست أقوالا فحسب بل أفعال أيضا،  فعندما تحب شخصا أو تكون أنت محبوبا من شخص ما، فعليك أن تسعى لإسعاده بشتى الطرق ،فرد عليه الآخر ،ليس عليك إسعاد كل الناس، ولكن عليك أن لا تؤذي أحدا، وبادر الثالث، أكرم من تحبون بكلمات جميلة وأفعال أجمل، فلا تدري من سيختاره الموت أولا، فوالله إن الشوق لهم بعد الممات لا يطاق... وعلق رابع، أرواحنا خلقت لفترة من الزمن وسترحل، فهي دنيا فانية لا جنة خالدة، عسى الغد يكون أجمل من اليوم، وعسى أيامنا كلها خير.. وهنا ذكر خامسهم مقطعا تاريخيا، من حكمة تناقلتها الأجيال، عندما سئل حكيم عن الطهارة فقال: أغسل قلبك قبل جسدك، ولسانك قبل يديك، وأحسن الظن بغيرك.. وهكذا، تنوعت الرؤى وتعددت الآراء، مثل سلسلة مترابطة الأطراف، أكدت على حسن التعامل، وكيفما تزرع تحصد، وإن المدخلات الصحيحة تفضي إلى مخرجات صحيحة، فمن زرع خيرا يحصد خيرا، ومن زرع شرا يجني شرا، ناهيك عن إن الكلمة الطيبة، قد تفعل فعلها في نفوس الآخرين ،الذين باتت تؤثر عليهم المنغصات والهموم أكثر مما تتجاذبهم المواقف الأخرى، وهم بالنصح والإرشاد والتوجيه السليم، نجدهم سرعان ما يعودون إلى مسارهم الصحيح والمعتادين عليه..
وعند العودة إلى أجواء الحوارات المفعمة بالصدق والطيبة التي تخللتها أحاديث من زرعوا البسمة في الوجوه، ومن عبدوا لنا الطريق لكي نستمر ونتواصل، ونتجاوز هموم الحياة ومشقتها،  نرى إن المجتمع، ما زال مقصرا بحقهم، فهم يستحقون إهتماما أكبر، وينبري أن تقدم المؤسسات الصحية والمجتمعية، كامل الرعاية لهم، ليس منة من أحد بل هي واجب لمستحقات مؤجلة، وياريت ما شاهدناه ولمسناه في أربيل، أن تعمم تجربته على باقي المحافظات العراقية،  فالتجربة مفيدة تجعل من المتقاعد، يتأكد بأن سنواته السابقة لم تذهب سدى، من خلال توفير مستلزمات الراحة له، سواء أكانت في معالجة أمراض شيخوخته، أو الاهتمام بحياته العامة وكيفية قضاء يومه بعيدا عن المنغصات، كما إنه بالامكان الاستفادة من الخبرات الجمة التي يمتلكها هؤلاء من خلال تواصل مؤسساتهم معهم، بغية الإستعانة الإستشارية، وأخذ نصائحهم في معالجة معيقات العمل وكيفية تجاوزها، فهم خير معين وخير سند لتلك المؤسسات، التي بات بعضها يشكو من قلة الخبرة ومن ضعف واضح في جودة الإنتاج، وحسن الإدارة وكيفية التعامل مع جمهورها الداخلي والخارجي، صحيح إن الركون إلى التكنولوجيا كحالة بديلة لإدارة العمل، أعانت الكثير في تجاوز النقص، ولكن يبقى للعقل الإنساني قدحه المعلى، وواجب كل صاحب خدمة عامة، أن يستشير ويستأنس بآراء ذوي الشأن، ولا يتصور بإن السلوك الفردي بالإدارة من دون إستشارة يمكن أن يوصله إلى بر الأمان؟، وصدق مثلنا الشعبي القائل (الماعنده چبير.. يحط عمامته ويستشير)!.


مشاهدات 208
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/10/11 - 2:02 AM
آخر تحديث 2025/10/11 - 12:25 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 339 الشهر 7142 الكلي 12146997
الوقت الآن
السبت 2025/10/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير