المرْأة فِي وجْههَا الثَّاني
مُحمَّد خُضَير الأنْباري
تعبيرُ مجازيَ يشيرُ إلى أنَ المرأةَ هيَ الوجهُ الآخرُ للإنسانية، وهيَ عبارةٌ قالها (المفكرُ الجزائريُ مالكْ بنْ نبي) تستخدمُ منْ أجلِ التأكيدِ على أهميةِ دورِ المرأةِ في بناءِ المجتمع، كونها، عنصرا مهما ، لا يمكنُ تجاوزه، مثلما أنَ للإنسانِ وجها ثانيا، لوجههِ الأول، فكذلكَ المرأةُ تكملُ الإنسانَ والمجتمع، لذلكَ منْ ضرورياتِ الحياة، تواجدُ كلا الجنسين معا، الذي خلقهما الله- سبحانهُ وتعالى- (المرأةُ والرجلُ ) .
تعدّ المرأةُ العمودَ الساسي في بناءِ الأسرة، ضمنَ المجتمعِ الذي نعيشُ فيه، ، وتمثلَ نصفُ المجتمع، وبدونها لنْ يكونَ رجلٌ ناجحٌ في حياته.
لقدْ كتبَ الكثيرَ منْ الأدباءِ والفلاسفةِ عنْ المرأةِ ودورها المكملِ لدورِ الرجل، بل، أحيانا يفوقُ عملَ الرجلِ في المجتمع.
بخصوصِ " الوجهِ الثاني " أوْ الجانبِ السلبي، كما يطلق، فهوَ ليسَ صفةً خاصةً بالمرأةِ وحدها، فالرجلُ أكثرُ سلبيا منها. أنَ الوجهَ الثانيَ للمرأة، في الأدوارِ التي تؤديها، هوَ جزءٌ منْ الطبيعةِ الإنسانيةِ عندَ الرجلِ والمرأةِ معا. قدْ يتمثلُ في: الغيرة، العناد، التردد، أوْ العاطفةِ المفرطةِ ، وأحيانا، ْ المرأة، التي تتعلقُ بالإيقاعِ بالرجال، وخاصةَ السياسيينَ ذوي النفوس الضعيفة، كما نقرأها في بعض كتبِ التاريخ، أو القصصِ والروايات، ونشاهدها في الأفلامِ السينمائية.
في جانبٍ آخر من صورتها، يلمس بعض الرجال نتائج علاقتهم بالمرأة في أوصاف مثل: معزول، مهموم، مديون، حزين، مسجون، مجنون. ورغم كل هذه المفردات الثقيلة، تُسمّى المرأة في النهاية بــــ "الجنس اللطيف".
انقسم الفلاسفة في رؤيتهم للمرأة بين الإيجاب والسلب. فعلى الصعيد الإيجابي، منحها بعضهم أوصافًا تعكس مكانتها المتعددة؛ فديكارت رآها الفكرة، وماركس اعتبرها الآلة، وهيغل وصفها بـ القانون، بينما رآها مونتسكيو الفضيلة، وفرويد عدّها العاطفة، أما نيتشه فشبّهها بـ النعيم.
أما في الجانب السلبي، فقد بدت الصورة أكثر قتامة؛ إذ وصفها سقراط بأنها الجحيم، ورأى نيوتن، أنها الجاذبية بما تحمله من سحر يجذب ويقيّد، بينما اعتبرها شكسبير الجنون، أما شوبنهاور، فذهب إلى حد وصفها بأنها، منبع كل شر.
هنالكَ مثلٍ الشعبيِ مشهورٍ (وراءَ كلِ رجلٍ عظيمٍ امرأةَ ") بحثٍ عنْ تفسيرهِ، ووجدتْ تفسيرينِ له. أولهما: يشيرَ إلى أنَ وراءَ نجاحِ الرجلِ وتألقهِ في الغالبِ تكونُ هناكَ امرأة، قدْ ساندتهُ ودعمتهُ في حياته. ثانيهما: وراءَ كلِ رجلٍ عظيمٍ امرأةً " فيفهمُ بطريقةٍ مختلفة: أحيانا يقالُ على سبيلِ المفارقة، أيْ أنَ وراءَ سقوطِ الرجلِ أوْ تعثرهِ أوْ معاناتهِ أيضا تكونَ امرأة، إما بسببِ خلافاتٍ زوجيةٍ أوْ مشاكلَ عاطفيةٍ أوْ قراراتٍ متأثرةٍ بها. للمثلِ وجه إيجابيٍ يبرزُ دورَ المرأةِ الداعمِ للرجلِ في نجاحه، ووجهَ سلبيٌ يوحي بأنَ المرأةَ قدْ تكونُ سببا في تعثرِ الرجلِ أوْ عذابه.
يقال إنَ رجلاً أعلنَ عنْ جائزةٍ كبيرةٍ لمنْ يجرؤُ على عبورِ نهرٍ مليءٍ بالتماسيح. ترددُ جميعِ الرجالِ وامتنعوا عنْ خوضِ المغامرة، خوفا منْ المصيرِ المحتوم. وبينما كانوا متجمعينَ على الضفة، دفعتْ امرأةً فقيرةً زوجها فجأةِ إلى النهر، ليجد نفسهُ في مواجهةِ التماسيحِ منْ غيرِ خيارٍ للعودة. أمامَ هذا المأزقِ لمْ يكنْ أمامهُ سوى السباحةِ بكلِ ما أوتيَ منْ قوة، حتى بلغَ الضفةَ الأخرى بسلام، لينالَ الجائزةَ الموعودة. وعندما استلمَ الجائزة، سلمها لزوجتهِ ، التي كانتْ السببَ في دفعهِ إلى خوضِ التجربة، وهكذا أصبحَ عظيما، هلْ يمكنُ أنْ يتخلى الرجلُ عنْ المرأة؟
يحكى أنَ الشاعرَ أبا الطيبْ المتنبي، خرجَ على غيرِ عادتهِ في بعضِ الأبياتِ الشعرية:
وقالَ البيتانِ التاليانِ منْ الشعرِ عنْ المرأة:
لا السيفُ يفعلُ بي ما أنتَ فاعلةٌ ولا لقاءَ عدوى مثلٍ لقياكَ
لوْ باتَ سهمُ منْ الأعداءِ في كأريدهْ ما نالَ سهمٌ منيَ ما نالتهُ عيناكَ