الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
اسبينوزا بين الإيمان والإلحاد (2)

بواسطة azzaman

اسبينوزا بين الإيمان والإلحاد (2)

حارث سلمان حساني

 

ان اساس الفلسفة عند الفيلسوف الهولندي باروخ يكمن  في انه استند على ( المنهج الهندسي) في اثبات طروحاته الفلسفية لما يتميز به هذا المنهج من دقة وموضوعية وعلمية وواقعية بعيدا عن الخيال والخرافات ..

كان  منهجه يقوم على اساس علمي واقعي .. ف( الفكرة الصحيحة في نظره تستمد في صحتها من ذاتها كما هي ( القاعدة في علم الهندسة ) والرياضيات .. وهي فلسفة عملية وليست نظرية .. وهي في رايه الطريق الى السعادة واسلوب حياة تطهير العقل من الخرافات وصولا الى الهدف الاسمى ( الاخلاق ) وله كتاب بهذا المعنى والاسم  (الاخلاق ) ..

وان كان اسبونيزا اشتهر بهذا المنهج  في الكتابة الفلسفية لكنه ليس اول من سلكه اوربط بينه وبين  الكتابة الفلسفية فقد سبقه فورفوريوس وبرفلس جزئيا حيث كان طريقة شائعة في الشرح والبرهان لفلاسفة العصورالوسطى وفي عصره ايضا سبقه اخرون في مقدمتهم ديكارت وذلك لدقة العلوم الرياضية في صياغة الافكار الفلسفية .. وبذلك فان اتباع اسبونيزا  للمنهج الهندسي في كتابي ( مبادىء الفلسفة الديكاراتية والاخلاق ) ليس بدعة او لم يكن مطروقا من قبله بل هو طريقة اصيلة في التعبير والوصول الى اليقين  والبرهنة على القضايا باسلوب رياضي .. اي بافضل الطرق المباشرة باعتماد التعاريف والبديهيات والبراهين  ليتجنب الغائية  في التفكير  اي باعتماد  العلمية في الخطاب الفلسفي  وهو الاسلوب  السائد في عصره .. 

وسائل المعرفة

اخرون من الباحثين والفلاسفة يرون في اسبونيزا انه ( اول من سلك هذا الاسلوب او اصطنعه عمدا لتحقيق اغراض خاصة او تجنب اضرار معينة كان يمكن ان يجلبها عليه التعبير المباشر)  وهو اسلوب خاص به اويرتبط ويعبرعن افكاره  ... ومما يؤخذ على هذا الراي انه ليس شرطا ان ما ينطبق على الهندسة والرياضيات يمكن ان ينطبق على الفلسفة او غيرها من وسائل المعرفة والتفكير ، فيما يرى اخر ( ان هذا الاسلوب  في الفلسفة يعقد الامر على القارىء وقد يخفي الراي الحقيقي عليه بهذه الطريقة  الملتبسة او ربما يفهمها قارىء دون اخر يصعب علية  فهم الفكرة  ) .. فيما يؤخذ على هذا الراي انه  يستخدم لغرض اثبات نتيجة معينة وضعها مقدما اي انه يضع الاستدلالات وفي ذهنه النتيجة مقدما وترتب بموجبها .... وهذا الراي ينال من اسبونيزا لانه يظهره بصورة ( ( المخادع ) على حد  تعبير احد الفلاسفة وهو خلاف ما عرف فيه من ( صراحة في الراي بعيدة عن مزاجه العقلي ونزاهته الذهنية)  على حد تعبير اخر ..

ويرى اصحاب هذا الراي ان الفلاسفة طالما استخدموا الرياضيات لبناء حجج تخدم فرضياتهم واطروحاتهم الفلسفية فقد  استخدم فلاسفة  زوايا المثلت الداخلية ومجموعها 180 درجة في تعريفه  لخدمة مواقفهم المختلفة مثل ديكارت      واسبينوزا..  فديكارت يعتبر وجود الله هو خاصية تكمن في جوهره كما هي خاصية المثلث تكمن في تعريفه ؟

والحقيقة الاولى التي لا يشك بها وهي انه يفكر فهو موجود ( انا افكر اذا انا موجود ) .. وهناك حقائق مثل الاعداد والاشكال الهندسية لا يشك بامرها لانه يعرفها واضحة وبارزة ويضيف عليها صفة الكمال لكنه كائن  كامل  ولا يمكنه ان ياتي بفكرة الكمال بنفسه لذلك يعتقد ان الكمال كائن اعطاه فكرة الكمال .. هذا الكائن هو الله .. لكن هل هو موجود ؟ الكينونه تدل على ان هناك جوهر .. الكمال ..ويعتبر ديكارت ان وجود الكائن هو خاصية لجوهره .. وهذه الخاصية لا يمكن الا ان تكون صحيحة على حد راي احد الفلاسفة .

وفي  الفصل الاخير من كتابه الاخلاق اشار اسبينوزا  الى ان طريق الاخلاق لا يمكن ان يمر الا عبر معرفة الكون والعالم .. وديكارتية سبينوزا  تكمن في شكه المنهجي وقادته الى ابعد نقطة في شق طريق الحرية الفكرية عبر توهين التفكير الخرافي مبتدئا بعلاقة  الله والطبيعة معتبرا كل ما موجود في الطبيعة جوهر ، والله هو هذا الجوهر الواحد للوجود وعدا ذلك فهو صفات لهذا الجوهر ..هنا يلتقي مع ديكارت في صفة الجوهرية .


مشاهدات 38
الكاتب حارث سلمان حساني
أضيف 2025/09/16 - 3:03 PM
آخر تحديث 2025/09/17 - 12:49 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 52 الشهر 11664 الكلي 12029537
الوقت الآن
الأربعاء 2025/9/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير