الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة لكتاب سعد البزاز.. كرد في المسألة العراقية أم عراقيون في المسألة الكردية؟

بواسطة azzaman

قراءة لكتاب سعد البزاز.. كرد في المسألة العراقية أم عراقيون في المسألة الكردية؟

شيرزاد نايف

 

قبل أكثر من عشرين عامًا، ألف الكاتب والإعلامي العراقي سعد البزاز كتابه الأكراد في المسألة العراقية، وهو كتاب تناول القضية الكردية من منظور تاريخي وسياسي، مع تحليل دقيق لتفاعلات القوى المحلية والإقليمية ودور الكرد في العراق.

فعن صمود الكرد وإدارة الذات

كأحد أبرز محاور كتاب البزاز هو قدرة الكرد على الصمود رغم الضغوط التاريخية والسياسية والاجتماعية. فقد توقع أن تجربة الإدارة الذاتية في إقليم كردستان، إذا أُعطيت لها الحقوق الدستورية والإدارية اللازمة، يمكن أن تتحول إلى نموذج ناجح للإدارة المحلية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. اليوم، بعد مرور عقود على هذه التوقعات، يمكننا أن نرى كيف أثبت الكرد جدارتهم في إدارة شؤونهم الداخلية، سواء في تطوير التعليم، تحسين البنية التحتية، أو جذب الاستثمارات. ما كتبه البزاز عن قدرة الكرد على مواجهة التحديات الصعبة أصبح حقيقة ملموسة، ويعكس تحليله الواقعي الذي تجاوز النظريات السياسية إلى ممارسة الحياة اليومية.

أما عن تدخلات القوى الإقليمية والدولية فلم يغفل البزاز الدور الإقليمي والدولي في تحديد مصير الكرد. فقد توقع أن تكون القضية الكردية محورًا للصراعات بين الدول الكبرى ودول الجوار مثل تركيا وإيران وسوريا، وهو ما تحقق بالفعل. رغم هذه الضغوط، لم تنجح هذه التدخلات في كسر إرادة الشعب الكردي، بل زادت من تصميمه على الحفاظ على هويته وإدارة شؤونه بحرية نسبية. إن قراءة هذه التوقعات بعد عشرين عامًا تبرز دقة تحليلاته وفهمه العميق للواقع الإقليمي والدولي وتأثيره على مسألة الكرد.

المسألة الكردية

في احد محاور  الكتاب يصف العلاقة بين الكرد وبقية العراقيين. حيث أن العنوان المدمج للمقال يشير إلى أن المسألة الكردية ليست منعزلة عن باقي العراقيين، بل هي جزء من النسيج الوطني والعلاقات السياسية الداخلية. البزاز أشار إلى أن فهم تعامل العراقيين مع الكرد يشكل مفتاحًا لفهم الاستقرار أو الانقسام في العراق. ومن منظور شخصي، أرى أن تعامل بعض القوى العراقية مع الكرد في الماضي كان غالبًا قائمًا على المصالح أو الاستراتيجيات السياسية، مما أحيانًا أدى إلى توترات، وأحيانًا أخرى إلى تعاون مثمر. هذا التفاعل بين الكرد وبقية العراقيين يؤكد ما كتبه البزاز عن أن الحلول المستدامة تحتاج إلى تفاهم وشراكة حقيقية بين جميع الأطراف.

من رؤيتي الشخصية بالنسبة لي ككاتب كردي، وبعيدا عن المجاملات التي ربما سيتكهنها بعض القراء _ و لديهم الحق لان العصر هذه الأيام يشير إلى ذلك _  ان فتح كتاب البزاز نافذة واسعة لفهم تحولات الكرد والسياسة العراقية بشكل عام. قراءة تحليلاته جعلتني أقدّر حجم الصمود والتحدي لدى شعبي، وأدرك مدى صدق تحليلاته السياسية. الكتاب لا يقدم مجرد سرد تاريخي، بل يوفر رؤية تحليلية تساعد على فهم ما يمكن أن يحدث في المستقبل إذا تم احترام حقوق الكرد، سواء على المستوى المحلي أو ضمن السياسة العراقية العامة.

واخيرا إن قراءة كتاب سعد البزاز اليوم تمثل فرصة ذهبية للتأمل في تجربة الشعب الكردي، وفهم التحديات التي واجهها وما زال يواجهها. كما تبرز أهمية التحليل الدقيق والصادق الذي يتجاوز الزمن ليصبح مرجعًا حقيقيًا لكل من يرغب بفهم المسألة الكردية في العراق. تجربتنا الحالية تشير إلى أن صمود الكرد، قدرة إدارتهم لشؤونهم، وتفاعلهم مع بقية العراقيين، كلها عناصر أكدت صحة تحليلات البزاز.

وفي المستقبل، يبقى السؤال: هل ستستمر هذه التفاعلات في بناء عراق مستقر وعادل لجميع مكوناته؟ الكتاب يقدم لنا إطارًا للتفكير، والتأمل، وربما الخطة لفهم هذا المستقبل.

 

 

 


مشاهدات 67
الكاتب شيرزاد نايف
أضيف 2025/08/31 - 3:46 PM
آخر تحديث 2025/09/01 - 3:16 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 87 الشهر 87 الكلي 11417960
الوقت الآن
الإثنين 2025/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير