الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رؤية أممية لمستقبل العراق

بواسطة azzaman

رؤية أممية لمستقبل العراق

علي حسين الكعبي

 

في مشهد سياسي لافت، قدم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، الدكتور محمد الحسان، واحدة من أكثر الكلمات تأثيراً خلال مشاركته في منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط 2025 في محافظة دهوك. كلمة قصيرة في ظاهرها، لكنها حملت رسائل سياسية وتنموية عميقة، ووضعت أمام القادة العراقيين تصوراً واضحاً لما يجب أن تكون عليه المرحلة المقبلة.الحسان لم يكرر الخطابات التقليدية التي غالباً ما تُلقى في المنتديات، بل رسم ملامح رؤية جديدة قائلاً إن “المعركة المقبلة في العراق لن تكون سياسية، بل معركة للبناء والتنمية وبناء الإنسان”.هذا التحول في جوهر الخطاب الأممي يؤشر إلى رغبة واضحة في إعادة تموضع النقاش الوطني بعيداً عن الصراع السياسي، ونحو أولويات تنموية طال انتظارها، وربما أن الحسان فضل الحديث عن الاقتصاد والتنمية والوئام الاجتماعي ليبتعد عن الدخول في مفرزات الانتخابات التي جرت مؤخراً وذلك في حد ذاته دهاء دبلوماسي. بدت لهجة الحسان أكثر وضوحا وانسجاما مع توجهات الامم المتحدة والقانون الدولي وهو يتساءل عن سبب بقاء آلاف النازحين في المخيمات رغم انتهاء الحرب على داعش منذ سنوات.أمام قادة سياسيين ومسؤولين وصناع قرار، وضع الحسان إصبعه على جرح إنساني عميق، داعياً إلى معالجات جذرية تعيد كل عائلة إلى منزلها “الذي اقتلعت منه”، في دعوة صريحة لتحمل الدولة مسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية، وذلك بعد سنوات من مثل هكذا إرضاع دون حل واهتمام. ولم يخفِ الحسان احترامه للهوية الكردية وللتنوع في العراق، حين قال مبتسماً:

لو كنت أجيد اللغة الكردية لألقيت كلمتي بها”.

عبارة بسيطة لكنها حملت دلالات كبيرة: احترام للتعدد اللغوي والثقافي في بلاد الرافدين، وتأكيد على أن العراق الفيدرالي يقوم على الاعتراف بالآخر لا تهميشه، لكنه مع ذلك أكد إصراره على هويته العربية حينما تحدث بالعربية وهويته العربية.

في جزء آخر من حديثه، ذكر الحسان بأن الفيدرالية ليست شعاراً بل أساس دستوري لبناء شراكة وطنية متوازنة بين جميع المكونات.هذه الإشارة جاءت في توقيت حساس، لتؤكد أن احترام الدستور هو القاعدة التي يبدأ منها الاستقرار، وهذا الكلام ليس موجها لطرف بعينه بل لكافة الأطراف. اللافت أيضاً أن الحسان انتقل من السياسة والإنسان إلى الاقتصاد، ليطرح توجهات عملية نحو الاقتصاد المعرفي باعتباره رافعة لإعادة بناء الاقتصاد العراقي على أسس حديثة تتلاءم مع التحولات العالمية، حيث أشار بصورة غير مباشرة إلى ان تركيز الدول، بما القريبة الشقيقة من العراق لاسيما دول مجلس التعاون، بان نحو الاقتصاد المعرفي والذكاء الاصطناعي الذي من شأنه ان يغير المجتمعات، كأن لسان حاله يقول ان على العراق ان يركز على التعليم النوعي. كلمة الحسان لم تكن مجرد حضور بروتوكولي، بل كانت رسالة مستقبلية مفادها أن العراق يمتلك فرص حقيقية للانتقال إلى مرحلة جديدة إذا أعاد ترتيب أولوياته، وبدأ من حيث يجب أن يبدأ: تمكين الشباب، دعم المجتمعات، إعادة المهجرين، وحماية التعددية.وبهذا الخطاب المتوازن أمام القادة السياسيين، نجح الحسان في تقديم رؤية أممية أكثر قرباً من المزاج العراقي وأكثر واقعية تجاه تحديات الدولة، مؤكداً أن الأمم المتحدة ستبقى شريكاً أساسياً في دعم الاستقرار وبناء السلام الدائم.


مشاهدات 58
الكاتب علي حسين الكعبي
أضيف 2025/11/24 - 3:25 PM
آخر تحديث 2025/11/25 - 1:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 60 الشهر 18002 الكلي 12679505
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير