هل جهل الموظف بالقوانين يعفيه من المسؤولية ؟
عماد يوسف خورشيد
الثابت أن القانون بعد اكمال مراحل إعدادهِ واقرارهِ من قبل السلطة التشريعية، يتم نشره في جريدة الوقائع العراقية ويكون بذلك نافذَا. وكذلك الحال مع الانظمة والتعليمات، فكل ما يُنشر في هذه الجريدة يكون حجة على جميع أفراد المجتمع العراقي، ويفترض القانون علم كافة الناس به، ولا يُؤخذ بعذر عدم العلم بصدور القانون. وان ما تقدم يجد اساسه في قانون النشر في الجريدة الرسمية رقم 78 لسنة 1977 المعدل النافذ تحديدًا في المادة 6 والتي نصت على انه "لا يُعتد بالجهل بمضمون ما يُنشر في الوقائع العراقية".
فإذا كان ما تقدم يُطبق بحق المواطنين عامة، وافتراض العلم بالقانون وعدم الاعتداد بالجهل به، فمن باب أولى أن يطبق ذلك بحق الموظف وأن يعلم بالقوانين التي تصدر، فهو مرآة الدولة ووظيفته الأساسية تقديم أفضل الخدمات للمواطنين، ولا يكون ذلك إلا وفق قواعد قانونية عامة مجردة يعلم بها الموظف.
ومن خلال الاطلاع على التطبيقات القضائية، لمعرفة التفسير القضائي للنص القانوني اعلاه؛ لاحظنا حكمًا للمحكمة الإدارية العليا العراقية، بالعدد 373/ قضاء الموظفين/ تمييز/ 2018 بتاريخ 23/9/2020، والتي جاء فيها بأنه "لا يصح الدفع بالجهل بأحكام القوانين والأنظمة والتعليمات الصادرة لتنظيم الأعمال التي يتولاها الموظف، أو الاستناد إلى هذا السبب لإلغاء الحكم، خصوصًا وأن المعترض هو موظف".
مقترح وتوصية: نشير إلى أن كل ما تقدم يُدرَّس لطلبة القانون في كليات القانون، والادارة والاقتصاد، لكن عدم وجود ذلك في اغلب الكليات قد يسبب ضررًا للتخصصات الاخرى، لذلك نقترح اضافة هذا الموضوع في مقرر "اخلاقيات المهنة" التي تدرس في اغلب الكليات. وفضلا عن ذلك ، لحين اقرار ما تقدم، نأمل من كافة مؤسسات الدولة عقد دورات وندوات بشكل مستمر وتوضيح ما تقدم للموظفين حديثي التعيين تجنبًا للوقوع في الخطأ وألا يُعاقَبوا، لأن المنطق السليم يفرض علينا أن الإجراء الوقائي أفضل للدولة ويقلل من الأضرار من الإجراء العلاجي بعد وقوع الخطأ والتقصير، فالخطأ المرتكب قد تكون تكلفته باهظة ماديًا ومعنويًا على الدولة والموظف والمواطن، وهذا ما لا يقبله أي عاقل.
خلاصة القول، إن الموظف مُكلَّف بخدمة عامة يقدم الخدمة تحت مسمى الوظيفة العامة، والأخيرة تسير وفق مبادئ الدستور والقوانين والأنظمة والتعليمات والأوامر الإدارية، ولذلك لا بد للموظف أيًا كان تخصصه أن يكون متابعًا وقارئًا للقوانين التي تنظم سير مهامه في مكان وظيفته، وأن يكون مُلمًا وفاهمًا لأصول عمله الفني والإداري والقانوني.
الجامعة التقنية الشمالية/ كلية البوليتكنك كركوك