حصر السلاح بيد الدولة مشكلة بدون حل
سامي الزبيدي
طالما سمعنا من كل الحكومات التي تعاقبت على الحكم في العراق أنها جادة في عملية حصر السلاح بيد الدولة وذكر هذا الأمر المهم كل رؤساء الوزارات الذين تعاقبوا على السلطة التنفيذية في البلاد في برامجهم الحكومية وسمعناها من السياسيين المتنفذين وقادة أحزاب السلطة ووزراء الوزارات الأمنية لكن كل هؤلاء لم يستطيعوا تحقيق ذلك حتى أصبحت عملية حصر السلاح بيد الدولة أشبه بأكذوبة أو قضية مزايدات سياسية وبدلا من حصلا السلاح فعليا بيد الدولة نجد ان ما يحدث هو العكس فالسلاح المنفلت الخارج عن سيطرة الدولة ازدادت أعداده وأنواعه وتوسعت وازدادت الجهات والتشكيلات التي تمتلكه بل أصبحت هناك ميليشيات وفصائل مسلحة ومنظمة لها قدم في الدولة والعملية السياسية وقدم خارجها تصعب على الحكومة التعامل معها ونزع سلاحها, ومما زاد الأمر تعقيدا ان السلاح المنفلت حالياً الذي تمتلكه الميليشيات والفصائل المسلحة التي ازدادت أعدادها وقواتها وتنظيماتها الحالية وقوة وتنوع أسلحتها حتى أصبحت توازي أسلحة الدولة بل تتفوق عليها أحياناً يضاف إليها سلاح العشائر التي تمتلك بعضها بالإضافة الى الأسلحة الخفيفة والمتوسطة الأسلحة الثقيلة ناهيك عن العصابات المنظمة ومافيات المخدرات وسلاح المواطنين فأصبحت عملية حصر السلاح بيد الدولة صعبة ومعقدة جدا وتحتاج الى قرار جريء وعمل كبير وخطير كي تتمكن الحكومة والدولة من خلاله تجريد العناصر المسلحة مهما كانت تسمياتها وأحجامها وقوتها سلميا من أسلحتها وربما تتطور الأمور الى مواجهات مسلحة بين الحكومة والعناصر المسلحة إذا امتنعت عن تسليم أسلحتها طوعاً والانخراط في المجتمع كتنظيمات سياسية أو اجتماعية كما يحدث في لبنان مع حزب الله اللبناني الذي رفض قرار الحكومة تسليم سلاحه للدولة وهنا تكمن صعوبة المهمة التي تسببت الحكومات المتعاقبة في تطورها بعد ان سمحت للميليشيات والفصائل المسلحة والتنظيمات الأخرى من امتلاك الأسلحة المختلفة علنا والتوسع في تشكيلاتها والتعاون مع جهات أجنبية لحمايتها وتزويدها بالأسلحة والمعدات والأموال والأخطر من هذا كله ان هذه الميليشيات والفصائل جعلت من الدول الإقليمية مرجعا لها تأتمر بأوامرها لا بأوامر الحكومة التي تستلم هذه الفصائل رواتبها وأسلحتها والياتها ومعداتها منها فأصبحت عملية حصر السلاح بيد الدولة عملية صعبة جدا ومعقدة وتحتاج الى إجراءات وقرارات جريئة وتحتاج الى عمل جدي وحقيقي لا يخلو من المخاطر, ومهما كانت المخاطر والصعوبات كبيرة وعديدة فلا بد من حصر السلاح بيد الدولة إذا أرادت الدولة بسط هيمنتها وفرض القانون ليكون الفيصل في حل كل الخلافات والمشاكل الأمنية وتحقيق سيادتها داخل حدود البلد أولاً وتحقيق الأمن المجتمعي وحماية شعبها وتحقيق الأمن والأمان له ثانياً وإبعاد العراق عن النزاعات الإقليمية والدولية التي تشترك فيها فصائل مسلحة عراقية وتسبب للبلد مشاكل أمنية كبيرة لا ناقة ولا جمل للعراق بها ولا طاقة له في مواجهتاها ثالثاً فمن خلال عمليات حصر السلاح بيد الدولة الحقيقية والفاعلة ستحضى الدولة باحترام المواطنين لها من خلال احترام القانون والنظام وتحضى باحترام دول الجوار والمجتمع الدولي لها واحترام المنظمات الدولية مما يعزز قوتها وسيادتها وبغير الإجراءات الحقيقية والفاعلة لحصر السلاح ستبقى مشكلة حصر السلاح بيد الدولة قائمة بل وتتفاقم ما دامت الإجراءات الحكومية روتينية وغير فاعلة وغير مؤثرة وغير قوية وسنبقى نسمع عبارة يجب حصر السلاح بيد الدولة من رؤساء الوزارات الجدد ومن المسؤولين الحكوميين ومن حتى أحزاب السلطة دون أية إجراءات تنفيذية حقيقة وسيبقى امن المواطنين بل امن الوطن محفوف بالمخاطر .