رسالة إلى وزير التعليم العالي
وليد عبدالحسين
أستبشرنا خيرًا بتوجهكم الأخير في تغيير بعض مناهج الكليات، ومنها كليات القانون في جامعاتنا العراقية، وجعل مناهج الدراسة فيها مواكبة لما طرأ من تطورات كبيرة في الفقه القانوني والقوانين وأحكام القضاء. فلا يعقل أن يبقى طالب كلية القانون يدرس نتاج ما قبل أكثر من نصف قرن، وفي كل يوم تتطور فكرة وتنتج مبدأ ونظرية واتجاه. لذا، فإن قراركم بتغيير بعض مناهج الدراسة منجز يُحسب لكم في إدارتكم لهكذا وزارة عريقة.
المنهج الذي يدرسه طلاب كليات القانون في مرحلتهم الأخيرة حول موضوعة الحقوق العينية الأصلية والتبعية سيحتاجه رجل القانون، سواء كان محاميًا أو ممثلًا قانونيًا أو أكاديميًا أو في أي وظيفة أخرى، سيحتاجه كثيرًا في مهنته. غير أن المقرر الخاص بهذه المادة، في جميع كليات القانون في الجامعات العراقية، ومن ضمنها جامعات كوردستان، ومنذ بداية عقد الثمانينات من القرن المنصرم، بقي على حاله بدون أي تغيير أو تحديث أو تطوير، ولا سيما أنه مؤلف من كتب في حقبة السبعينات، ومر على كتابته ما يقارب نصف قرن. ومع اعتزازنا بمضامينه، لا سيما الجزء الخاص بالحقوق العينية التبعية، الذي كتبه الأستاذ المرحوم محمد طه البشير، لما يحتويه من معلومات قيمة، وجهود تُحمد وتقدر عليها، إلا أن لسنة الحياة كلمتها، فالتطور الذي أصاب نظريات القانون الخمس التي ذكرناها، خلال هذه العقود التي مرت، والأحداث التي حصلت ليست بشيء أمام التطورات الهائلة التي وقعت في دائرة اختصاص التأمينات العينية، وقد سجّل فقهاء ومؤلفو القانون الآن خلو الكثير من المؤلفات التي وضعت لشرح القانون المدني في مجال الحقوق العينية التبعية، من ذكر مُجمل هذه التطورات. واليوم ومع وجود هذا المقرر الذي يتلقاه طالب الحقوق، في نهاية مشواره الأكاديمي، بعد أن تكونت له ملكة، لا بأس بها، عن نظريات القانون المدني، وهو يستعد لمواجهة حياته العملية، أضحى من المهم أن يعلم ما هو الائتمان؟ وما فحوى العلاقة التبادلية بينه وبين الضمان؟ وما هي القروض المصرفية التي يصحبها ضمان عيني؟ وما هي قصة أزمة الرهون العقارية؟ وما هي حكاية ضمان الحقوق في الأموال المنقولة؟ وما هو أثر المعاملات الإلكترونية على عقد الرهن؟ وما هي أنماط الرهن الشائعة في الوقت الحاضر؟ وما إلى ذلك من تساؤلات أخرى كثيرة، خلت الكثير من كتب الحقوق العينية التبعية عن الإجابة عليها. لقد كان هناك اعتقاد في الماضي أن ثمة حدًا فاصلًا بين الائتمان المدني والائتمان التجاري، يضع بين مجال أحكامهما برزخًا لا يبغيان، إلا أن التطورات التي أخذت تحدث في مجالات تشجيع الاستثمار وتدعيم الائتمان، ونظم حماية المستهلك، ألقت بظلالها على امتزاج ماء الائتمانين معًا، فلم يعد الائتمان التجاري مقتصراً على الائتمان الإنتاجي، كما أن الائتمان المدني لم يعد ينحصر في الائتمان الاستهلاكي، وإزاء هذا التمازج، أضحت نظرية التأمينات العينية، نظرية شاملة، بما تضعه من قواعد عامة في الائتمان لا غنى عنها في أي نوع.
وحيث إن كليات القانون في جامعات كوردستان قامت بتغيير هذا المنهج واعتمدت كتاب الفقيه البروفيسور محمد سليمان الأحمد، وقد اطلعت على جزئي الكتاب فكانا قمة في العمق والإيجاز واللغة والمعلومة والفكر القانوني الرصين، لذا من واقع المسؤولية والاهتمام والمتابعة وبصفتي محاميًا أُلقي محاضرات على دورات انتماء خريجي القانون لنقابة المحامين ألتمس من معاليكم الالتفات لذلك واعتماد منهج الحقوق العينية الأصلية والتبعية للبروفيسور محمد سليمان الأحمد لأنه سيصنع لنا رجل قانون ذو ملكة مهمة في هذا الجانب ولكم منا فائق التقدير.
محام / الصويرة