ذكرى الإنتصار على داعش وتحرير الموصل.. ملحمة وطنية خالدة
أحمد فكاك البدراني
في العاشر من تموز/يوليو ، يستذكر اهل الموصل ونينوى خاصة والعراقيون والعالم أجمع بشكل عام ، واحدة من أعظم صفحات التاريخ الحديث ، وهي ذكرى تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم “داعش” الإرهابي الذي استباح كل شيئ في غفلة من الزمن ، وبعد معركة شرسة وطويلة شاركت بها قوات عراقية عديدة وأخرى من دول التحالف ، استمرت قرابة تسعة أشهر بشكل متواصل ، وانتهت بانتصار عسكري كبير وأخلاقي عالي يُسجل بمداد من الفخر والدماء الزكية ، سواء من استشهد من اهل المدينة او من القوات العسكرية.
الموصل.. المدينة الجريحة
في عام 2014، اجتاح تنظيم داعش مدينة الموصل رأس العراق جغرافياً ، وسلة خبزه اقتصادياً ، ثاني أكبر مدن العراق ، وأعلن منها ما سُمي بـ”الخلافة”. وخلال ثلاث سنوات عجاف من الحكم الإرهابي المتعسف ، عانت المدينة من القمع والدمار والتهجير والتنكيل ، وبات سكانها مابين نازح هارب من جورهم وراضخ تحت وطأتهم ، وتعرضوا لابشع أنواع الانتهاكات الإنسانية والأخلاقية فضلا عن التجويع . فُرضت قوانين متطرفة ، اجبرت الرجال على إطلاق الذقون وتقصير الثياب ، واجبرت النساء على الخمار ووضع القفازات في الكفوف وغيرها ، وأقسى من كل ذاك تدمير معالم تاريخية ودينية عمرها الاف السنين ، وتحوّلت المدينة إلى ساحة للدم والرعب. التحرير.. بداية الانتصار الوطني .. في أكتوبر/ تشرين أول من عام 2016، أعلنت القوات العراقية ، بمشاركة الجيش ، والشرطة الاتحادية ، وقوات مكافحة الإرهاب ، والحشد الشعبي ، والبيشمركة ، انطلاق معركة تحرير الموصل. كانت العملية واسعة ومعقدة جدا ، نظراً للطبيعة الجغرافية والعدد الكبير من المدنيين المحتجزين داخل المدينة. ورغم كل التحديات الصعبة ، صمد العراقيون ، وقاتلوا بشجاعة منقطعة النظير. قدموا آلاف الشهداء من مختلف أطياف الشعب العراقي ، ليثبتوا للعالم أن وحدة العراق أقوى من الإرهاب ، وأن إرادة التحرير لا تُكسر. وفي 10 تموز 2017 ، أعلن القائد العام للقوات المسلحة تحرير مدينة الموصل بالكامل ، لتُطوى صفحة سوداء وتُفتح صفحة جديدة من الأمل والبناء. الرمزية الوطنية والانسانية للانتصار .. لم يكن الانتصار في الموصل مجرد انتصار عسكري ، بل كان دليلاً على وحدة العراقيين وتلاحمهم في وجه أخطر تهديد واجه الدولة الحديثة. لقد أثبت هذا الحدث أن العراق ، رغم تنوعه الديني والعرقي والمذهبي ، قادر على الوقوف صفاً واحداً في الدفاع عن وجوده ومستقبله. كما كانت المعركة امتحاناً حقيقياً للمجتمع الدولي في فهم طبيعة الإرهاب ، وحجم الكارثة التي خلفها تنظيم داعش على الصعيد الإنساني والثقافي والاجتماعي في عموم المنطقة وليس فقط في العراق .
ما بعد التحرير.. ؟
التحديات مستمرة
ورغم الانتصار العسكري ، فإن تحديات ما بعد التحرير لا تزال قائمة. وملفات طويلة تنتظر الحسم ، منها على سبيل المثال لا الحصر .. إعادة إعمار المدينة ، وعودة النازحين ، وتحقيق العدالة للضحايا ، وتفكيك الفكر المتطرف ، كلها مهام تحتاج إلى وقت وجهد وإرادة سياسية وشعبية مستمرة. اليوم، تقف الموصل على أعتاب النهوض مجدداً ، بسواعد أبنائها ، وبذاكرة نازفة لا تنسى ، لكنها تتطلع إلى غد أفضل ، يحمل معها وعد الحياة والسلام.
خاتمة
إن ذكرى تحرير الموصل هي مناسبة وطنية بامتياز ، تذكرنا بالتضحيات الجسيمة التي قُدمت من أجل الحفاظ على وحدة العراق وكرامته.
هي دعوة للتأمل ، ولتجديد العهد ببناء وطن يسوده السلام والعدالة ، وطن لا مكان فيه للكراهية والإرهاب. فلنقف إجلالاً لكل من ضحى ، ووفاءً لكل من انتظر النصر بصبر وجلد ، ولنواصل مسيرة البناء التي لا تقل أهمية عن معركة التحرير نفسها. ومن باب الامانة ان نذكر موقف الرئيس محمد الحلبوسي الذي ساهم باعادة الأموال المتراكمة من رواتب ومستحقات الموظفين من الذين بقوا في المدينة ولم يتمكنوا من الخروج. والشيئ بالشيئ يذكر ، ان دولة رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني اولى اهمية قصوى لاعادة بناء وإعمار نينوى ووضع حجر الاساس لبناء المستشفيات والمطار والفنادق والمدن السياحية والصناعية والطبية وملاعب الرياضة ، وفضلا عن هذا كله فان السيد محمد شياع وجه مجلس الوزراء بزيارة المحافظات وخصوصا المحرره والمحافظات الاكثر فقرا .
وزير الثقافة والسياحة والاثار