الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فنتازيا الرومانسية في شعر إياد البلداوي : بين الحلم والواقع وافتتان اللغة بالأنثى”


فنتازيا الرومانسية في شعر إياد البلداويبين الحلم والواقع وافتتان اللغة بالأنثى

 عبدالكريم الحلو

 

القصيدة :

 

تسلقي سطوركِ

كلماتكِ

أفكاركِ

حتى الطبشور الذي يلامس أناملكِ

كل صفحات الكتاب الذي بين يديكِ

وأنتِ تقرأين سطوركِ

تصادفكِ حروف اسمي

وفي غفلة من أمركِ

تحدثين حباً طالما ترجاكِ

أن هدهدي قلبي

الذي ينتظركِ

 

الاديب أياد البلداوي

 

مقدمة:

* إياد البلداوي شاعر يمتلك حساسية خاصة تجاه اللغة العاطفية، لكنه لا يقدّمها بطريقة مباشرة أو سطحية،

* بل يخلق عبرها عالمًا من الفنتازيا الرومانسية،

* حيث يمتزج الحُبّ بالحلم، والمرأة بالرمز، واللحظة اليومية بحكاية متخيلة أو مرمّزة.

* في نصه “تسلقي سطوركِ” نلاحظ هذه النزعة بوضوح.

 

أولًا:

 سمات الفنتازيا في النص

* الفنتازيا هنا ليست خيالًا عبثيًا، بل هي إعادة تشكيل الواقع بلغة مدهشة. في هذا المقطع:

 

تسلقي سطوركِ

 كلماتكِ

 أفكاركِ

 

        * يمنح الشاعر للحبيبة سلطة خارقة فوق النص، وكأنها قادرة على التسلق لا فوق الجبال، بل فوق الكلمات نفسها

        * . إنها أنثى متعالية على اللغة، متفوقة حتى على أدوات الكتابة ذاتها، تصل حتى إلى:

        *

حتى الطبشور

 الذي يلامس أناملكِ

 

        * وهذا الطبشور  وهو أداة الكتابة والتعليم البسيطة  يتحول إلى رمز للبدء والاكتشاف والتعليم، لكنها تُقدّم في سياق عاطفي حميمي.

 

ثانيًا:

التداخل بين الواقع والحلم

هنا تتجلّى الفنتازيا بشكل أوضح:

 

وأنتِ تقرأين سطوركِ

 تصادفكِ حروف اسمي

 

        * وكأن الشاعر يريد أن يقول: حتى حين تنشغلين بذاتك، بكلماتك، بأفكارك، لا يمكنكِ الفرار من حضور اسمي في تفاصيلك.

        * إنه حلم يقظ للشاعر بأن يكون هو المحور الخفي وراء حكايات الحبيبة، حتى دون وعيها.

 

وفي غفلة من أمركِ

 تحدثين حباً طالما ترجاكِ

 

        * الغفلة هنا عنصر من عناصر الحلم واللاوعي. الحب الذي طالما ترجاكِ هو الحب الصامت، المنتظر، الحائر بين الإفصاح والكتمان.

 

ثالثًا:

لغة الحنين والتوسّل الجمالي

 

أن هدهدي قلبي

 الذي ينتظركِ

 

        * يطلب الشاعر من الحبيبة أن تقوم بفعل الأم تجاه طفلها  الهدهدة .

        *  لكنه هنا توسلٌ عاطفي، فيه من الخضوع والرغبة،

        * وفيه من الحنين ما يجعل القصيدة أقرب إلى مناجاة فنتازية منه إلى غزل مباشر.

 

رابعًا:

الفنتازيا والرومانسية في بناء الصورة

* الشاعر لا يقدم مشهد حب واقعي:

* لا لقاء، لا عناق، لا حديث مباشر.

* بل يقدم صورًا تتنقل بين الحواس: السطور، الكلمات، الطبشور، الكتاب، الحروف، الاسم. كل شيء في محيط الحبيبة يتحول إلى رموز تقود في النهاية إلى فكرة واحدة:

*

أنا فيكِ دون أن تنتبهي لي

 

* وهذا ذروة الفنتازيا العاطفية:

* أن تكون الحضور الغائب، أن تكون الاسم المتخفي في هوامش القراءة اليومية للحبيبة.

 

خامسًا:

أثر الفنتازيا في تشكيل الرومانسية

ما يجعل هذه القصيدة رومانسية ليس مضمونها وحده بل طريقة صياغتها:

* لا توجد مباشرة في العاطفة

* لا توجد شكوى بل تمني وتوسل

* المرأة ليست مجرد محبوبة بل عالَم يقرأه الشاعر، يحاول الصعود إلى أعماقه، ويتمنى أن تلتفت إليه من غفلتها.

 

خاتمة:

* فنتازيا الرومانسية عند إياد البلداوي ليست هروبًا من الواقع، بل خلق واقع آخر أكثر شاعرية ودهشة.

* النصوص عنده لا تكتفي بوصف الحب، بل تعيد تشكيله بلغة استعاراتية تجعل من الحبيبة كائنًا يتجاوز الجسد إلى المعنى، ومن العلاقة العاطفية رحلة عبر طبقات النصوص والرموز.

 

* إنه شاعر يكتب الحب كما لو كان يكتب الحلم  بحروف مرئية، لكن بمعانٍ تتجاوز الحرف نحو التوهّج الداخلي للمعنى.

 

 


مشاهدات 163
الكاتب  عبدالكريم الحلو
أضيف 2025/07/07 - 3:34 PM
آخر تحديث 2025/07/12 - 7:31 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 400 الشهر 7217 الكلي 11160829
الوقت الآن
السبت 2025/7/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير