الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الراحة والإستمتاع ما بين الحقيقة والتمثيل

بواسطة azzaman

الراحة والإستمتاع ما بين الحقيقة والتمثيل

محمد صالح البدراني

 

نظرة عامة

التعب عنوان في الحياة، هو السعي لما تحب والصبر والصمود والعمل لإزالة ما تكره أو التعب من الاستسلام وبقاء الظلم رابضا على النفس وتصدير الألم إلى الجسد، الراحة مجرد تمثيل لحالة نريدها وليس لها واقع فهي وهم نتخيله ونسعى إليه ولا ندركه إن كانت هدفا لكنها لحظات من الرضا بعد نجاح الجهد أو حصول امر متوقع أو يتجاوز التوقعات في معنى النجاح الملموس أو الموعود.

فالراحة إذن حلم تعشق طيفه دون معرفة كنهه فلم يصل أحد إلى الراحة ليخرج ويصفها، فالفقير يتصور أن الراحة بالغنى وان اغتنى سيتعب من اجل إبقاء الغنى فلا يرتاح وإنما يحيط نفسه بالكماليات وما يعرف انه الرفاهية ولكن داخله لم يصل الراحة وإنما يمثلها بالمظهر فهو يتعبه القلق ويتعبه كم التجاوزات التي يفعلها والجهد من اجل تمثيل الراحة.

الأبعاد النفسية والملموسة

الراحة مفهوم معقد يجمع بين العوامل النفسية والجسدية، وقد يبدو وهماً للبعض بسبب صعوبة تحقيقه أو استدامته الراحة هي حالة من الراحة النفسية أو الجسدية، غالباً ما تتميز بغياب الصعوبات. يمكن تحقيق الراحة النفسية من خلال إعادة تجارب مرتبطة بذكريات سارة، مثل الأنشطة المألوفة، وجود أشياء مألوفة، أو تناول الأطعمة المريحة. هذا يجرد الحدث من سلبياته ليبقى ممتعا فيدعم فكرة خداع الذات أو الوهم

الأشخاص يسعون إلى الراحة من خلال سلوكيات مثل تأكيد القيم أو الانخراط في أنشطة مألوفة عندما يشعرون بتهديد لمعتقداتهم، وقد يبدو الأمر حقيقيا لكنه تحقيق الرضا دون الذهاب إلى نوايا التصويب.

التكيف والمتعة يجعل الناس يعودون بسرعة إلى مستوى أساسي من السعادة بعد تجارب إيجابية، مما يجعل الراحة المستمرة صعبة التحقيق. هذا يمكن أن يخلق انطباعاً بأن السعي وراء الراحة هو مطاردة لشيء غير موجود.

مكان مريح هو انبهار يفضي لتعود كئيب أحيانا لأن كل شيء في الحياة يتغير باستمرار ورفض هذا هو السبب بالكآبة، قال لي صديق: كنت اعمل في موضع اعتدت عليه فلم أر الجمال فيه مبهرا، وتصادف أن قرر صديق أن يوصلني بسيارته إلى هناك لعطل سيارتي تصرف كأنه يذهب إلى موقع عمل كئيب، لكنه وعلى المنحدر المواجه لبحيرة انبهر بجمال لم اعد أراه لدرجة أنى أمسكت بمقود سيارته كيلا تنحرف إلى الوادي وقلت له بهدوء توقف وتمتع بالمنظر فلدينا وقت واسع لا شك أن المشكلة في أسلوب التعامل مع المكان وربطه بظرف من الاسترخاء وهو لا يحصل غالبا بشكل مستمر يموت مع التعود الذي يقضي على الحس بالمتعة، لذا لابد من الإحساس بكل ما يمر بالإنسان وهو يغير المكان وبالتالي يتجدد الإحساس عند العودة إلى المكان الذي أحسست بالراحة فيه أول الأمر.

السعي وراء الراحة كهدف يؤدي إلى تجنب التحديات، مما يخلق دورة من القلق قد يبهت الراحة تبدو وكأنها وهم، لأنها قد تكون قصيرة الأمد أو غير مستدامة وبالتأكيد استدامتها ليست ممكنة فهي بالتالي ليست وفق المتوقع.

الراحة تعبير عن ومضة السعادة والسعادة لحظة إنجاز وقد تكون عابرة أو نقطة تحول مهمة في حياة الأفراد.

في زمن الحروب تستبعد فكرة المتعة والسعادة وهذا طبيعي فحيثما يحل القلق يحل الحزن الخفي والظاهر وحتى الهروب منه بالمتعة فإننا نتجه لإيهام الذي يشاهدنا أكثر من إيهام أنفسنا بالسعادة، فهو إخفاء مشاعر وتمثيل عكسها وهذا يزيد التوتر.

الراحة عند الأطفال

الطفل لا يفكر بالغد، ليس هنالك مسؤولية يتحملها أكثر مما يرضي والديه وهو نوع من التدريب، تحديات الحياة ليست مسؤوليته انزعاجه يتحول سعادة بقدر رغبته في استحصال شيء ما، فان حصل عليه فرح وان لم يحصل نسيه، فنجد الطفل ينام بعمق ويضحك بكل أحاسيسه ولا يهتم لمشاعر من لا يرغب بقربه، وهكذا نجد أن الأساس في راحته هو انه لا يدرك مسؤوليته القادمة وان القلق يأتي من دخوله إلى المسؤولية الأولى وهي المدرسة، عندها إما أن يتفاعل معها فينمو ذكاؤه أو يهرب منها فيضعف اهتمامه ونستنتج من معالجة الموضوع أن الإنسان كلما احس بثقل التحديات كلما ضعفت السكينة عنده واصبح قلقا فغابت الراحة ومظاهرها.

الاستدلال على السعادة

من خلال السطور لاشك أننا نقرأ أن السعادة أو الراحة أو أي حس معبر عن الرضا لا يأتي بذاته وإنما يأتي كمفصل أو بداية ظهور نتيجة أو النجاح في امر ما، فهو مقترن بنشاط يسبب لك الإحساس المريح والاسترخاء، فلا الراحة بالاسترخاء والدعة ولا السعادة بان يأتيك امر بلا جهد وإنما هو من مخرجات عمل ما، لذا فاختيارك لعملك وبرمجة نفسك لإنتاج وهدف هو الطريق الحقيقي إلى تلك الساعات أو الدقائق أو اللحظات من الراحة وليس السفرات والتجوال بأكثر من وسائل تغير المكان لتعود وتحس بالراحة في مكانك، أما من يظن أن الراحة بها فليتأمل انه يبذل جهد في التنقل وان فهمه للجديد من يريحه ويسعده وليس التجوال ذاته، ومن هنا فليس الراحة بإيقاف المنظومة العقلية بل بإعمالها وليس باسترخاء الجسد بل بتنشيطه والموضوع ممكن أن يتوسع في ذهن القارئ.

 


مشاهدات 62
الكاتب محمد صالح البدراني
أضيف 2025/06/28 - 12:16 AM
آخر تحديث 2025/06/28 - 5:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 170 الشهر 17197 الكلي 11151851
الوقت الآن
السبت 2025/6/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير