الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العراق وكردستان وأزمة التمثيل النيابي

بواسطة azzaman

العراق وكردستان وأزمة التمثيل النيابي

عدالت عبد الـله 

 

تستمر ظاهرة الفساد في أي بلد، بل وتشتد أكثر بلا شك، إذا طال غياب الدور المنشود للمؤسسات الرقابية الوطنية والمدنية التي تحد من تفشيها وتعمل على مكافحتها. وعلى رأس هذه المؤسسات، بل أبرزها، البرلمان أو المجالس الشعبية العامة، التي يُفترض أن تضم من وصل إليها بحجة تمثيل مصالح الشعب والحفاظ عليها، لا سيما في مراقبة السلطة التنفيذية ومواجهتها، وهي الجهة التي تدير الشأن العام وتوجه سياسات الدولة الداخلية والخارجية وكل ما يتعلق بمصالح المواطنين.

نرمي من التطرق إلى هذا الموضوع إلى التذكير بأزمة ذات صلة وثيقة بما يعانيه العراق من فساد متواصل وخراب تدريجي في العلاقة بين الدولة والمجتمع، والمقصود هنا أزمة التمثيل النيابي، التي أصبحت ظاهرة عالمية إلى حد ما، إلا أنها بلغت أعلى وأسوأ مستوياتها في الدول النامية والعالم الثالث.

إصلاحات داخلية

هذه الأزمة، التي تُعد منبعًا رئيسًا لتفشي أشكال متعددة من الفساد في عموم الدولة العراقية، ترتبط بأزمة أخرى تتمثل في فشل الأحزاب والقوى السياسية في البلاد في إجراء إصلاحات داخلية حقيقية، مبرمجة ودورية، تُفضي إلى التجديد السياسي والفكري الحقيقي. ويبرز ذلك بشكل خاص في عدم تفضيل الكفاءات والقدرات العلمية والمهنية في اختيار مَن يُمثّل الشعب، الأمر الذي أدى إلى تفشي ظاهرة المحسوبية والمصالح الشخصية والفئوية، التي طغت على واقع أغلب القوى والأحزاب، وأسفرت عن بروز وتضخيم إعلامي مُضلّل لأشخاص يفتقرون إلى المستوى الثقافي والسياسي والعلمي، لكنهم في الوقت نفسه مرغوبون من قِبل القيادات السياسية لأسباب تتعلق بمصالح خاصة وحسابات ضيقة تخصهم فقط، دون غيرهم.

وقد أدى ذلك، وما يزال، إلى إجهاض المهام الرقابية المنوطة بلجان عديدة وأعضائها في مجلس النواب، في أغلب دوراته النيابية المتعاقبة.

تستمر أزمة التمثيل هذه في وقت لا يزال فيه البلد يُصنف ضمن الدول التي تعاني من مستويات عالية من الفساد، حيث يحتل المرتبة الثامنة بين أكثر الدول فسادًا في العالم العربي، في ظل تفاقم الأزمات السياسية والإدارية والمالية والأمنية، من دون وجود آفاق حقيقية لاحتوائها أو تجاوزها.

إن هذه الأزمة هي نتاج الفساد الداخلي للأحزاب، وسيطرة أشخاص وجماعات محددة فيها، يتحكمون بواقع الحزب ومن خلاله بمصير البلاد والعباد، خاصة عندما تتبوأ هذه الشخصيات والمجموعات المواقع الرئيسية في الحزب وتستولي على إمكانياته المالية والمعنوية، وتوظفها لتعزيز مواقعها ومواقع الفئات التابعة لها، على حساب الكوادر الكفوءة والواعية والمبدئية، لا سيما أولئك الذين يتخذون مواقف نقدية تجاه الفساد والمحسوبية وعدم التزام الحزب بأدواره السياسية تجاه المجتمع ومؤسسات الدولة.


مشاهدات 40
الكاتب عدالت عبد الـله 
أضيف 2025/05/10 - 4:19 PM
آخر تحديث 2025/05/11 - 4:33 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 266 الشهر 12893 الكلي 11006897
الوقت الآن
الأحد 2025/5/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير