الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مؤسسة ثقافية تحتفي بكتاب السردية البغدادية التراثية


مؤسسة ثقافية تحتفي بكتاب السردية البغدادية التراثية

 

بغداد - الزمان

بمناسبة صدور كتابه الجديد (السردية البغدادية التراثية) أقامت مؤسسة للثقافة الشعبية ندوة لتكريم محافظ بغداد الأسبق صلاح عبد الرزاق ، تضمنت عرضاً لكتابه ، وتوقيع نسخ أهداها للحاضرين ، أدار الندوة الأستاذ فتاح الكعبي ، وحضرها جمهور من المهتمين بالتراث البغدادي والباحثين والأكاديميين والإعلاميين.

ابتدأ الباحث فتاح الكعبي بالحديث عن كتابة تاريخ المدينة ومدى صعوبته لدقته وشموليته. وإذا كان ياقوت الحموي في كتابه (البلدان) وابن بطوطة في رحلته وغيرهم قد زاروا بغداد فإنهم اهتموا بعدد المساجد والمدارس والأسواق والحمامات أكثر مما كتبوا عن روح المدينة ، وتفاصيل أبنيتها التي حفظت الذاكرة البغدادية فيها ، ونقشتها على جدرانها.

عهد عثماني

وكتاب السردية البغدادية أورد العديد من الأبنية التراثية ، بعضها يعود للعصر العباسي ، والآخر للعهدين العثماني والملكي العراقي. ولم يكتف بوصف البناء وتفاصيل معماريته ، بل كتب عن الشخصية التي سكنت فيه ، أو دفنت فيه. فرغم أن الكاتب يصف الأبنية في العصر الحالي ، لكن لكي يكتب عن الشخصية عاد إلى بطون التاريخ والمصادر العباسية والعثمانية ، كما فعل مع الشريف الرضي و عبد القادر الكيلاني والشيخ معروف الكرخي وبشر الحافي والسيد ادريس وغيرهم ممن تضمنهم الكتاب بجزئيه.

كلمة الدكتور صلاح عبد الرزاق

في مقدمة الكلمة تناول دور بغداد الحضاري الذي امتد خمسة قرون ، من القرن الثامن (762م تأسيس بغداد) إلى القرن الثالث عشر (1258م سقوط بغداد على يد المغول). كانت بغداد فيها قبلة العالم ، يقصدها العلماء والفقهاء والمتصوفة والأولياء والأطباء والمتكلمون والنحاة والفلكيون والمترجمون ، إضافة إلى الشعراء والأدباء والموسيقيين والمغنين والتجار والشطار والحرفيين . كانت بغداد مدينة عالمية يقصدها الناس من أنحاء العالم ومن كل الشعوب والأمم، ولن تكن آنذاك فيزا للدخول.

في بغداد ولد الكتاب الملحمي (ألف ليلة وليلة) الذي يتحدث عن تجارها وشطارها وغانياتها وجواريها وغلمانها وأمرائها وقادتها وسحرتها. الكتاب الذي ألهم أوربا أدب الرحلات والعجائب والغرائب وقص الخيال والحيوانات الأسطورية ، وأخبار الجن والتجار المغامرين واللصوص وغيرهم. كتاب قال عنه الأديب الفرنسي فولتير (لم أصبح قاصاً إلا بعد أن قرأت ألف ليلة وليلة أربعة عشرة مرة). كتاب أمتع العالم بقصصه وخرافاته وخياله وشخصياته وأبطاله الخارقين.

كتاب استمتعت به شعوب أوربا وآسيا وأفريقيا منذ ترجمته الأولى عام 1704م ، ونهل منه الشعراء والأدباء في الغرب والشرق رواياتهم وقصصهم . وقام بعضهم بتأليف كتب على منوال (ألف ليلة وليلة) مثل كتاب (الديكاميرون) للكاتب لإيطالي جيوفاني بوكاشيو ، و(حكايات كانتربري) للشاعر الإنكليزي جيوفري تشوسر ، و(روبنسون كروزو) لوليم بكفورد ، ورواية (أناستازيوس) لتوماس هوب وغيرهم. كما تأثر بها أدباء أوربا وشعراؤها أمثال جورج بايرون ومنتسكيو وهوغو ولافونتين وستاندال وأناتول فرانس وغوته.

حضارة عربية

كما أوحت لياليها للموسيقيين بأوبرات عالمية مثل (أوبرا معروف الاسكافي) و (باليه شهرزاد) للروسي ريمسكي، وأعمال موسيقية مثل (حلاق بغداد) و (علاء الدين). كما وجدت قصص ألف ليلة وليلة طريقها للسينما الغربية وهوليوود مثل (لص بغداد) و(علاء الدين) و(السندباد البحري) وغيرها

تلك الحضارة العربية الإسلامية تركت بصماتها في حجارة بغداد وأبنيتها وعمارتها، فقد أبدع المهندسون والمعماريون والبناؤون والخطاطون والنقاشون والنجارون والحدادون في إنتاج العمارة البغدادية الأصيلة التي تمثلت في مراقدها ومساجدها ومدارسها وخاناتها وقصورها وأسواقها التي ما زالت بغداد تحتضنها رغم القرون المتطاولة من الغزوات والحروب والفتن الداخلية والتخريب والأوبئة والفيضانات وغيرها من الكوارث. وما زالت أبنية وعمائر بغداد الآثارية والتراثية قائمة تصارع الزمن لتثبت للعالم أن أبناء بغداد قد عمروا حضارة مجيدة وتراثاً تليداً يحق للمرء أن يفتخر بها دوماً.

يتألف الكتاب من ستة أبواب وكل باب يتضمن عدة فصول :

يتناول الباب الأول قصور وبيوت السياسيين والأثرياء في بغداد. ويحتل الحديث عن صاحب الدار الجزء الأكبر من البحث ، حيث تناولت أسرته ومولده وأسرته ودراسته ونشاطاته السياسية ومواقفه تجاه القضايا الهامة والأحداث التي عاصرها. فكانت مناسبة لتناول السياسة العراقية في العهد الملكي. وكانت لي نظرة نقدية تجاه مواقف السياسي وأفكاره ، فلم أحابِ أحداً لأنه كان رئيس وزراء أو وزير سابق ، ولم أجامل أحداً منهم لأنه من العائلة الفلانية الوجيهة. لذلك تجد سيرة هؤلاء السياسيين هي دراسة سياسية وتاريخية ونقدية.

ولا أقصد بالنقد الهجوم بلا مبرر ، بل أبرزت مكامن الإيجابيات والإنجازات ، كما بينت السلبيات أيضاً ، وهم:

١-عبد المجيد الشاوي

٢- أمين المميز

٣- موسى الشابندر

٤- رشيد عالي الكيلاني

٥- إقبال الدولة النواب

٦- عبد القادر الخضيري

٧- عبد الرحمن الكيلاني

٨- محمد الوتار

٩- توفيق السويدي

١٠- أجاثا كريستي

١١- خليل باشا آخر ولاة بغداد

١٢- كامل الجادرجي

١٣- بيت فهمي دولت في الشواكة

يتناول الباب الثاني مراقد الصوفيين في بغداد بعد انتشار حركة التصوف وحلقات الذكر ومواقفهم وأدعيتهم ودروسهم ومواعظهم. وقد وجدت أن كل الصوفيين البغداديين من أصل إيراني ، تركوا بلدهم في صغرهم أو في شبابهم واستقروا ببغداد ، فوجدوا فيها كل الترحيب والاحترام بل والتقديس والتبجيل. لقد آمن البغداديون بقدرات وكرامات أولئك المتصوفة فاجتمعوا حولهم وآزروهم وناصروهم ودافعوا عنها ، حتى احتلوا تلك المكانة الرفيعة في حياتهم ، وصارت مراقدهم مزارات يتزود فيها طالبو الحاجات من كل الطبقات. وهذا ما يؤكد أن المجتمع البغدادي كان منفتحاً ، بعيداً عن التعصب القومي والطائفي بشكل عام ، وهم:

١-الشيخ عبد القادر الكيلاني

٢- الشيخ عمر السهروردي

٣- الشيخ معروف الكرخي

٤- الحسين الحلاج

٥- الجنيد البغدادي

٦- بهلول الكوفي

٧- بشر الحافي

٨- أبو بكر الشبلي 

الجزء الثاني

أما الباب الثالث فيسلط الضوء على مراقد أولاد وأحفاد أئمة أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم وأنصارهم ، ممن اضطرتهم الظروف للقدوم إلى بغداد في زمن متقدم من صحابة الرسول (ص) أو من أحفاد الأمام الكاظم عليه السلام أو الإمام الصادق عليه السلام، أو من المتأخرين منهم. ورغم الظروف السياسية الخانقة في العهد العباسي لكن هؤلاء الأحفاد والأتباع وجدوا محبة واحتراماً في نفوس البغداديين الذين وجدوا فيهم ريح النبوة ونسل الطهر والوحي. فكانت مراقدهم منارات للعلم ومزارات للدعاء والصلاة وطلب الحاجة ، وهم:

١-السيد ادريس الحسني في الكرادة الشرقية

٢- السيد إبراهيم حفيد الامام الكاظم (ع) في الشيخ عمر

٣- السيدة مريم بنت الامام الصادق (ع) في كرادة مريم

٤- الشيخ محمد الكليني في مدخل شارع النهر

٥- الصحابي سلمان المحمدي في المدائن

٦- السيد إسماعيل حفيد الامام الكاظم (ع) في سوق الخفافين

٧- الصحابي عبد الله بن الخباب في المدائن

٨- الشريف الرضي في الكاظمية

٩- جامع براثا في العطيفية

ويسلط الباب الرابع الضوء على أقدم كنائس بغداد إحداها في القرن السادس عشر والأخرى في القرن التاسع عشر. كما يتناول أحد مساجد بغداد (جامع الحيدرخانة) الذي لعب دوراً في الأحداث السياسية في عشرينيات القرن العشرين. كما تناول أثراً عباسياً شهيراً هو مرقد زمرد خاتون.

١٠- كنيسة اللاتين في الشورجة

١١- كنيسة العذراء مريم في الميدان

١٢- جامع الحيدرخانة في شارع الرشيد

١٣- زمرد خاتون في الكرخ

ويتناول الباب الخامس أربع مدارس أهلية كانت لها الريادة والرصانة في التعليم ببغداد. فتم البحث عن تاريخ تأسيسها وأهداف المؤسسين وسيرتهم . إضافة إلى مناهجها ودورها في الأحداث السياسية. كما ذكر أبرز الطلاب الذين تخرجوا منها وأصبحوا رؤساء جمهورية ورؤساء وزارات ووزراء وسفراء ودبلوماسيين وأطباء وأدباء مشهورين ، إضافة إلى أبرز مكتبتين تراثيتين ، وهي:

١٤- كلية بغداد في الأعظمية

١٥- الإعدادية المركزية في القشلة

١٦- الغربية المتوسطة في باب المعظم

١٧- المدرسة الجعفرية

١٨- مكتبة مكنزي في شارع الرشيد

١٩- مكتبة الجوادين في العتبة الكاظمية

أما الباب السادس فيتناول الأبنية الحكومية والأهلية التراثية مثل مبنى وزارة الخارجية القديم في باب المعظم ، ومحطات قطار الشرق السريع التي بنيت في العهد العثماني ، وخان مرجان الذي يعود تاريخه إلى سبعة قرون خلت، والعروج على مقاهي بغداد التراثية ودورها في الأحداث والتظاهرات السياسية في القرن العشرين.

٢٠-وزارة الخارجية في باب المعظم (مبنى ديوان الوقف الشيعي حالياً)

٢١- محطات قطار الشرق السريع (في الكاظمية والتاجي)

٢٢-المصرف العقاري في الميدان

٢٣- خان مرجان في الشورجة

٢٤- مقاهي بغداد (الشابندر ، الزهاوي ، حسن عجمي )

ثم افتتح باب الحوار واسئلة الجمهور ومداخلاتهم ، التي أخذ كتاب (ألف ليلة وليلة) حيزاً من النقاش .

كلمة الدكتور علي حداد مدير المؤسسة

 يختلف الدكتور صلاح عبد الرزاق عن السياسيين الذين استلموا السلطة . فبالإضافة إلى مسؤوليته الإدارية والتنفيذية ، يبقى الجانب الأهم في شخصيته وهو الجانب الثقافي والفكري. ورغم خروجه من المحافظة منذ اثني عشر عاماً ، لكنه بقي أحد معالم الثقافة البغدادية. وظل يواصل التأليف والكتابة ، وليس إلا هذا الكتاب واحداً من مؤلفاته.

ولا أعرف لماذا لم تستفز جهود الدكتور بقية السياسيين ، لأنهم لن يبقوا في منصبه ، ويطويهم النسيان ، إلا إذا كتبوا في الثقافة والفكر.

والجميع يتذكرون إنجازه الرائع وهو تأسيس المركز الثقافي البغدادي ، وتأهيل مبنى القشلة في شارع المتنبي. وسيبقى شاهداً في الحاضر والمستقبل.

وأنا شاهد على إنجاز آخر لا يعرفه الجميع ، ولا يتحدث عنه الدكتور. وهو قيامه بنصب تمثال للرحالة البغدادي ابن فضلان ، في إحدى الجامعات الروسية. وان ولدي درس في هذه الجامعة وشاهد التمثال فيها. وابن فضلان أول عربي مسلم يصل إلى روسيا والدول الاسكندنافية.

من الأمور المحزنة أنه كان في السابق مركز توثيق تراث بغداد ، التابع لجامعة بغداد. في عام ٢٠١١ تم إلغاء هذا المركز ، بدلا من توسعته ، او نقله إلى مبنى مستقل به ، وتوفير كوادر مختصة له.

للأسف الأبنية التراثية تتعرض للتلف بفعل التقادم وعوامل الجو ، وتحتاج إلى صيانة ، لكننا نرى بعض الأبنية تتهدم وتنهار.

لا يوجد اهتمام باللهجات البغدادية التي تتميز بعباراتها وألفاظها وطريقة نطقها ، في لهجات أهالي الكاظمية والأعظمية والكرادة وباب الشيخ وغيرها من محلات بغداد القديمة. فهذا جزء من التراث البغدادي الذي يجب العناية به.

وكل ذلك بسبب أننا لا نتملك مؤسسة رسمية تعنى بتراث بغداد الملموس وغير الملموس كالعادات والتقاليد والفولكلور والأغاني والتعاويذ والأمثال وغيرها.

وأدعو الدكتور صلاح عبد الرزاق إلى إعادة فتح مركز توثيق بغداد ، ليهتم بكل تراث بغداد. وأن الجهود الفردية ليست كافية ، كما أنها ستنقطع يوما ما لأسباب كثيرة. بينما المركز مؤسسة رسمية تتوفر لديه أسباب العمل والديمومة.

وفي الختام تم توقيع الكتاب ، وإهداء نسخ منه إلى الحاضرين.

وإهداء درع للدكتور المحاضر ، وشهادات تقديرية لمدير الندوة والمحاضر ، قدمها الدكتور روبين هاشم عضو المجمع العلمي العراقي.


مشاهدات 43
أضيف 2025/05/06 - 3:32 PM
آخر تحديث 2025/05/07 - 5:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 267 الشهر 7651 الكلي 11001655
الوقت الآن
الأربعاء 2025/5/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير