الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة تحليلية في الحرب الإيرانية - الإسرائيلية بعد قصف القاعدة الأمريكية في قطر

بواسطة azzaman

قراءة تحليلية في الحرب الإيرانية - الإسرائيلية بعد قصف القاعدة الأمريكية في قطر

 أنتهى الجزء الصعب وجاء الجزء الاصعب

حمدي العطار

 

المقدمة:

تعود أجواء التوتر في الشرق الأوسط إلى الواجهة من جديد بعد التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، وما تخلله من تدخل أمريكي مباشر عبر ضربات استهدفت مواقع نووية إيرانية. وفي خضم هذا الصراع المركّب، برز سؤال جوهري: من الرابح ومن الخاسر في هذه الجولة الحربية القصيرة ولكن العنيفة؟ هذا المقال يحاول تقديم قراءة تحليلية لما جرى، مسلطا الضوء على أبعاد المواجهة، وخلفياتها، والدروس التي خرجت بها الأطراف المتحاربة.

 التحليل:

بعد انتهاء الضربة الإيرانية للقاعدة الأمريكية في دولة قطر، يمكن القول إن الجزء الصعب قد مر، ليبدأ الجزء الأصعب فعليا: مرحلة ما بعد الحرب، أو ما يسمى بـ"التفاوض تحت الرماد".

لقد تجاوزت إيران خطر استمرار العدوان وتوسعه نحو استهداف البنى التحتية، مثل قطاع الكهرباء والجسور والمرافق المدنية الحساسة، وهو ما كان من شأنه أن يؤدي إلى كارثة إنسانية تتمثل في تعطيل الحياة العامة، وارتفاع الخسائر، وتهجير السكان.

وعلى الرغم من أن المواقف غير المحايدة قد ترى أن لا غالب ولا مغلوب في هذه الحرب، فإن القراءة الموضوعية تشير إلى أن إيران خرجت أكثر تماسكا مما كان يتوقع، في حين فشلت إسرائيل وأمريكا في تحقيق أهدافهما الأساسية، المتمثلة في تدمير البرنامج النووي الإيراني وإنهاء التهديد الصاروخي الإيراني.

لقد أكدت طهران أن مخزونها من اليورانيوم المخصب تم نقله إلى أماكن آمنة، مما أفقد القصف الأمريكي عنصر المفاجأة والتأثير. أما إسرائيل، فقد تلقت ضربة قاسية من الصواريخ الإيرانية، ربما فاقت في أذاها ما تعرضت له إيران نفسها، وهو ما ساهم في تعجيل وقف إطلاق النار.

اليوم، تتجه الأنظار إلى مفاوضات ما بعد الحرب، حيث ستسعى واشنطن لانتزاع مكاسب سياسية كانت عاجزة عن تحقيقها عسكريا. وستلعب الوكالة الدولية للطاقة الذرية دورا محوريا من خلال زياراتها للمفاعلات الإيرانية، وإعداد تقارير مفصلة عن حجم الأضرار، والتي ستستخدم كأداة ضغط في أي مفاوضات قادمة.

يتوقع أن يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم ضمن حدود مشروطة، إما بالتعاون مع أطراف دولية مثل روسيا، وبإشراف رقابي صارم. لكن الخط الأحمر الذي يجب على طهران عدم تجاوزه، هو إدخال ملف الصواريخ الباليستية ضمن أجندة التفاوض، لأن ذلك قد يمهد لعدوان جديد في المستقبل.

لم تكن المواجهة العسكرية التي دامت 12 يومًا مجرد "مسرحية" كما روج البعض، بل كانت صراعا حقيقيا كشف موازين القوة وحدودها. ورغم أن إيران لا تستطيع خوض حرب شاملة ضد تحالف تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل ومعظم قوى العالم، إلا أنها أثبتت قدرتها على الرد، ونجحت في تغيير قواعد الاشتباك.

التحدي الأكبر الآن يكمن في مرحلة التفاوض، فهي الأصعب، لأنها تتطلب ذكاء استراتيجيا أكبر من الصمود العسكري. على إيران أن تدافع عن حقها في التخصيب لأغراض سلمية، وألا تمنح خصومها في طاولة المفاوضات ما لم يستطيعوا انتزاعه عبر القصف والهجمات.

 الخاتمة:

انتهت جولة الحرب، لكن الصراع لم يحسم بعد. فما فشلت فيه الصواريخ قد تحاول المفاوضات أن تحققه. إلا أن إيران، التي خرجت من هذه المعركة مثخنة لكنها واقفة، أمام اختبار جديد في الدبلوماسية الدولية، يتطلب منها التوازن بين حماية سيادتها والحفاظ على أمنها، دون التفريط بما حققته من صمود سياسي وعسكري في وجه أعتى القوى.


مشاهدات 180
الكاتب حمدي العطار
أضيف 2025/06/25 - 3:58 PM
آخر تحديث 2025/06/26 - 3:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 331 الشهر 16305 الكلي 11150959
الوقت الآن
الخميس 2025/6/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير