شروط الهجرة والعودة إلى العراق

فيصل عبد الحسن

المهاجرون العراقيون في كل العالم يعانون معاناة حقيقية أثناء الاختبارات النفسية، قبل قبولهم كمهاجرين في البلدان الأجنبية، فهم على سبيل المثال خصوصا مع أولئك الذين يرون فيهم آثار تقوى وإيمان، ويلاحظونهم يسبحون ويستغفرون ويبسملون، طوال وقت انتظار موعد الاختبار، لمن يريد الهجرة إلى الدنمارك مثلاً، فهو معرض لاختبار رؤية نساء عاريات الصدور، فإن تعتع وزمجر واستغفر وقدم قدما وأخر أخرى وسعل، واختنق النفس في صدوره أقيم عليه حد الشطب، وشطبوا إسمه من قائمة المقبولين، وتبريرهم لهذا الرفض واضح لا جدال فيه، فالذي يعيش في الدنمارك سيرى السابحين على الشواطىء عرايا ربي كما خلقني، وليس من اللائق أن يبقى يراقب، وهو بكامل ملابسه، فعليه أن يخلع ملابسه مثلهم، ويصير عريانا حتى لا يشعر أحد من المواطنين بالخزي من مراقبة جنس محتشم غريب على ثقافتهم وتقاليدهم، لما يجري في مجتمعهم، وما تعلموا عليه من أسلوب حياة، وما مارسوه من أسلوب عيش، فهو لا يعيش في العراق أنه يعيش في الدنمارك!!

الدفن مع الكلاب

اختبار آخر يتعرض له طالب اللجوء إلى هولندا، هو غير الموافقة على الدفن مع الكلاب والقطط بعد الموت ولا النظر إلى صدور نساء عاريات بل سيضعونه وجها لوجه مع رجل يقبل رجلا آخر، ويسمعهم يتبادلان كلمات الغرام، ونظرات الشوق، ويتركونه ساعات يرى تصرفات المثليين إناثا وذكورا، ومن أظهر قرفه مما رأى أو استغفر الله عما يحدث، فإن مسطرة الشطب ستشطب إسمه من سجل المرشحين للهجرة لهذا البلد، فالتيار اليميني الهولندي والدنماركي والنرويجي، وهي تيارات متعصبة بدأت تطرح الكثير من القوانين على برلمانات دولها للحد من هجرة أهل الشرق لبلدانهم بدعوى عدم التلاؤم مع ثقافات البلدان التي ينوي المهاجرون العيش فيها.

أما العراقي الذي ينوي الإقامة في إحدى الدول العربية فعليه أن يوفر عدة أمور أن يتعهد بعدم العمل في تلك الدولة، حتى لا يضايق أهل البلاد في رزقهم، وأن يملك شركة أو عقارا في الدولة العربية المزمع الإقامة فيها، وأن يكون له رصيد مالي في البنك الوطني لتلك الدولة لا يقل عن 15 الف دولار كدليل على أنه يستطيع العيش في البلاد من دون عمل ولا يضطر للتسول ومزاحمة متسوليهم في ضنكهم.

شروط العراق

أما شروط عودة العراقي المهاجر إلى وطنه الغير معلنة، لكنها فاعلة، وتساهم عند عدم استيفائها لدى المهاجر إلى عودة تالية له وطوعية هذه المرة إلى المنفى، وأولها أن يكون موافقاً على إعطاء الرشوة بكل صنوفها والأرتشاء عن أي شيء ينوي الحصول عليه ابتداء من تجديد أوراقه الثبوتية إلى تجديد هوية انتساب إلى نقابة أو مؤسسة، وأن يكون مستعدا لإحماء الماء للاستحمام على الجولة عند انقطاع الكهرباء من دون تأفف أو استحمار، وعليه أن يكون مستعدا للعيش في بيت مؤجر إن لم يكن له بيت يملكه إيجاره ليس أقل من 450 ألف دينار، وأن يجد عملا يدرُّ عليه مليون دينار للعيش الكريم شهريا كمصاريف طعام وشراب، ومراجعة أطباء ومراكز تحليل مختلفة؛ لضرورة التأكد من نوع مرضه أو أحد أفراد عائلته؛ وإن لم يجد عملا يدرُّ عليه هذا المبلغ عليه أن لا يتأفف وعليه أن يهيىء نفسه وعائلته للبحث يوميا عن موائد المعازي والأعراس والثوابات الأخرى، وأن يوطد النفس على الأكتفاء بوجبة واحدة خفيفة كنوع من الرجيم الأجباري؛ وعليه أن يثبت لغيره من الجيران الجدد في وطنه، أنه إبن عشائر، ولم تغير جلده الغربة، فعليه أن يعيد صلته بعشيرته ويؤدي ما يتطلب ذلك من الوديات والحشوم والفصول العشائرية كنوع من الحماية له وأسرته من أي اعتداء يتعرضون له من عشيرة أخرى؛ وعليه أن لا يتأفف من المشي في الشوارع إلى جوار مكبات غناء بالطحالب من مياه المجاري العادمة، وأن لا يتأفف لقرص البعوض ليلا وعض الذباب نهارا، وغارات كلاب الشوارع.

   أن يكون مستعداً لتحمل سف التراب ورمال العواصف، ونكت الملابس والأثاث بعد كل عاصفة ميمونة؛ وعليه أن يبتدع طرقه الخاصة في العلاج من الأمراض، فعليه البحث الدؤوب في نافذة كوكل عن أفضل الأدوية العشبية، فإن لم تنفع؛ فالبحث عمن يقرأ عليه من المبروكين وأهل الخطوة شيئاً من الأدعية بنية الاستطباب.

وأخيرا وليس آخرا أن يرضى ويصفق بلا كلل لبيع خورعبدالله وغيره من خورات وأراض زائدة عن حاجة العراق، مادام ثمن ما يباع يُقبض سلفا في جيوب الفاسدين والمرتشين، فأن قبل بكل هذه الشروط، فهو على العين والرأس، وسيرضى ملاك الوطن، على العائد من هجرته، وسيبصم له بالعشرة على أنه مواطن عراقي صالح، وله الحقوق الكاملة في التظاهر السلمي في ساحة التحرير متى شاء ليعلن عن متاعبه وخيبته بالعودة إلى العراق!!

  كاتب مقيم بالمغرب ديمغراطية نص ستاو