الكناني يعيد الحياة لأقدم آلة موسيقية
القيثارة السومرية تنبض بالصوت تاركة وجع الصمت
بغداد - ياسين ياس
من بين رماد الزمن ومن أعماق حضارة تمتد لالاف السنين تنهض القيثارة السومرية من جديد لا كتمثال صامت فــي المتاحف بــل كنبض حــي وصوت عــذب يشدو باصالــة العراق وروعــــة تاريخه هذا الانجاز جاء بيد الصانع العراقي المبــــدع علي الكناني الذي كرس جهده وخبرته الطويلة في صناعة الآلات الموسيقية لاعادة الحياة إلى اقدم الة موسيقية عرفتها البشرية قيثارة سومر التي لم يعرفها العالم الا عبر الصور والنقوش باتت اليوم اله تنبض بالصوت والجمال بفضل اصرار الكناني على إعادة تشكيلها بكل تفاصيلها الدقيقة ووفقا لابعادها الأصلية فكان ان تولد من جديد.
لم تكن القيثارة السومرية مجرد الة موسيقية بل كانت قطعة مقدسة في معاهد بلاد الرافدين تستخدم في انشاء التراتيل والادعية والتوسل إلى الالهة وكان راس الثور المثبت على مقدمتها اكثر من مجرد عنصر زخرفي فقد كان يعتقد انه يمنحها الحماية ويضفي عليها طابعا مقدسا لتكون صلة روحية بين الانسان والاله.
متاحف كبرى
الكناني ذو الجذور المتاصلة في حضارة سومر واور أعاد للقيثارة روحها وصوتها بعد ان ظلت لعقود حبيسة المتاحف الكبرى رمزا صامتا لمجد مضى واليوم يصدح مجدها الساحر بيننا بعد ان جمع الكناني بين الدراسة الاكاديمية والتحليل الفني والعمل الحرفي الدقيق ليقدم قيثارة يليق بها ان تكون رمز العراق الاول وصوت حضارته الاقدم.
لقد أبهر الكناني المهتمين بالشان الموسيقى، وأولهم المايسترو علاء مجيد مدير عام دائرة الفنون الموسيقية والذي دعم المشروع منذ انطلاقته واستضاف الكناني وفرقة سومريات للعزف المنفذ على القيثارة في مهرجان بابل. مؤكدا (ضرورة اعتماد هذه الآلة كجزء من الهوية ألموسيقية العراقية). كما أبدى عدد من اساتذة معهد الدراسات الموسيقية اعجابهم الكبير بالقيثارة وعلى رأسهم مدير المعهد علي حسن. بالإضافة إلى الدعم الكبير من الملحن المعروف جعفر الخفاف الذي زار الورشة واثنى على الجهد المبذول في صناعة القيثارة والة الهارب. ولا يقف الطموح عند هذا الحد فقد تم التواصل مؤخرا مع الموسيقار نصير شمة الذي أبدى إعجابه بآلة الهارب وتجري حاليا ترتيبات لادخالها ضمن اعماله الموسيقية في المستقبل في خطوة ستسلط الضوء اكثر على عبقرية الصناعة الموسيقية العراقية المعاصرة.واليوم بعد ان ظلت القيثارة السومرية لقرون صامته على جدران المتاحف بات صوتها العذب ينساب بين أنامل العراقيين ليعلن ان الحضارة لا تموت .بل تتجدد حين تجد من يؤمن بها انه اعلان ولادة جديدة لصوت العراق صوت سومر.
وتعود جذور آلة القيثارة إلى عهد الملكة بو آبي شبعاد 2450 ق.م الذي اقترن اسمها بالذوق الفني الرفيع إلا أنه لم يتم العثور عليها حتى عام 1929م على يد المنقّب البريطاني ليونارد وولي في القبر رقم 1237 العائد إلى الملكة شبعاد في أور جنوب بلاد الرافدين.