الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
من نحن.. السؤال الذي يركل في العراق

بواسطة azzaman

من نحن.. السؤال الذي يركل في العراق

محمد الغزي 

 

لم يستكمل سؤال الهوية الوطنية في العراق جوانبه لأسباب عديدة ومعروفة وقد يكون ابرزها المنشأ الإيديولوجي الذي يركل الجواب على سؤال الهوية الى الامام دوما ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .

سجل التاريخ إن الدولة العراقية الحديثة التي تأسست عام 1921 دخلت في إشكالية حينما وجه الملك فيصل الأول عام 1931 رسالة استغرب فيها عدم وجود شعب اسمه الشعب العراقي ، حين تحدث عن كتل بشرية وان الولاءات الضيقة الفرعية هي الغالبة حيث تعلو قوة العشائر على قوة الدولة ، حتى شهد العراق بعد ذلك تكريسا للهوية الغالبة وهوية الهامش المغلوبة مع غياب الهوية الوطنية ، في مشهد تُستبدل ادواره اليوم .

فشلت الانظمة الحاكمة للعراق في بناء هوية وطنية جامعة ما ساهم في بروز هويات فرعية عرقية و طائفية ، شجعتها الأنظمة نفسها تارة والزعامات الدينية تارة اخرى وكان ذلك مرة في وجه الشيوعية واليسار ومرة في وجه البعث حتى رفع شعار الاسلام هو الحل في العتمة والعلن .

بعد عام 2003 فشلت احزاب الاسلام السياسي في بناء وطن للجميع وهوية جامعة وتجلى فشلها هذا في صراع الهويات والاقتتال الداخلي ودوامة الاحتقانات الطائفية تحت مسميات القومية والدين والمذهب، ما ادى الى بروز الهويات الفرعية، الشيعية والسنية والكردية، ومن ثم بدأت عملية الانشطارات والمشاكل الداخلية الى الشيعية الشيعية و السنية السنية والكردية الكردية ، انشطارات كانت في حقيقتها ذات بعد سياسي، لكن تشظيها اجتماعيا وامنيا كان واضحا. هذه الانشطارات لم يخفها الاشتراك في السلطة فليست المحاصصة نتاج توافق بل نتاج فساد ومحسوبية تكرر صورة التواطئ ومعادلة الهوية الغالبة وهوامشها .

مصالح آنية

ولم يمكن للتجمعات السياسية القائمة على مصالح آنية رغبة في ان تجيب على سؤال الهوية الوطنية الجامعة 

يقف العراق اليوم على اعتاب مرحلة تاريخية جديدة فلم يأت التفاخر بالهوية الفرعية مع كل موسم انتخابات وحسب ، بل في ظل صراعات تعصف بالمنطقة ، اذ استحوذت عليه الهويات المتنافرة الطائفية والمذهبية والعرقية والتي باتت مرآة اقطاب الصراع الاقليمي داخليا وصورة التخندق الذي ينحر الهوية الوطنية حيث تَسربت السلطة بيد قوى ما قبل الدولة  .

ان ما يحدث في العراق هو تأسيس وتعميم وعي هوياتي مزيف ومؤدلج هدفه التعبئة والتحريض وبيان التمايز والاختلاف وبات توصيفا سياسيا ومؤشرا على احتمالات الانفصال والتقسيم القائمة ، حتى عد البعض ان استشعار الهويات القومية خطوة متقدمة وذلك بعد استفتاء اقليم كردستان على الاستقلال في مفارقة لم يلتفت معها اصحاب هذا الراي الى ان تجسيد ذلك سياسيا يعني الانتقال الى خندق الى اخر .

من يستبعد هذه الاحتمالات، احتمالات التقسيم ، عليه الاجابة عن اسباب تغييب النواة الصلبة ، صورة المواطن في الوطن ، و متى كانت الهوية الوطنية العراقية قائمة وقد قامت الدولة على حقوق الجماعات وليس الفرد المواطن ؟

هذه هي صورة «الدولة المكوناتية» الدولة  التي لا غالب فيها ، الوطن وحده هو المغلوب ، المغلوب المواطن «النواة الصلبة» ومعه غُلبت المواطنة فسادت الهشاشة في كل مفصل.

دولة متوقعة

وكل الولادات الحكومية والسياسية في هذه الدولة متوقعة ، ودوما ما تأتي على مقاييس نظامها السياسي من حيث الهشاشة فتمتع الجميع بالهشاشة نفسها .

الهشاشة مطلوبة للنظام العراقي الحالي كما يقول الكاتب سهيل سامي نادر، وهي تضم قوى العرقلة وقوى التسوية في آن واحد.

المعادلة الواضحة اليوم في تفسير «ان الدولة كيان قائم على الغلبة» هي ان «العراق .. السلطة السياسية اللص والمواطن المسلوب» وبالتالي بقاء هذا الكيان اصبح قائما على النصب اضافة الى القوة ولكن اي قوة تلك ، تلك القوة التي تحترف ركل سؤال الهوية ومعه توصد ابواب المستقبل فتستمر الهشاشة ويبقى الجواب على سؤال «من نحن» الجامعة سياسيا وثقافيا واقتصاديا و تبنى الهوية الوطنية الجامعة مرهونا بوجود دولة قوية تكون قيمتها العليا العدالة الاجتماعية بقوة القانون وذاكرة جمعية مشتركة وتنمية حقيقية بأقتصاد متين ومتطور يلبي حاجات الفرد وعقد اجتماعي قائم على حقوقه والتفكير في الوحدة كقوة محفزة للتنوع، وليس كأداة للانصهار.


مشاهدات 328
الكاتب محمد الغزي 
أضيف 2024/02/03 - 1:12 AM
آخر تحديث 2025/07/12 - 8:17 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 622 الشهر 7439 الكلي 11161051
الوقت الآن
السبت 2025/7/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير