ما هي حكايتي مع ( سونار) المطار اللعين ؟

مطبّات جوية مرعبة وحزام الأمان رفيقنا طيلة الرحلة

قصة 48 ساعة من التنقل بين الفنادق والمطارات والطائرات

بغداد - منذر العذاري / موفد الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية

وصل بغداد في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة الماضي وفد منتخب الشباب قادماً من الأرجنتين بعد مشاركته في بطولة كأس العالم دون 20 عاماً التي انطلقت يوم 20 آيار الماضي بمشاركة 24 فريقاً ،وأخفق الفريق في مواصلة مشواره في البطولة بعد احتلاله المركز الرابع في المجموعة الخامسة التي ضمت منتخبات انكلترا وأوروغواي وتونس .

ويبدو إن سوء الحظ الذي رافق الفريق العراقي في مبارياته في البطولة بعد أن قدم أداء جيداً في مباراتيه أمام تونس وانكلترا ، أبى أن يتركه فكان مرافقاً له في رحلة العودة التي كانت غريبة بجميع تفاصيلها ، فبعد أن كان مقرراً أن تستمر رحلته إلى بغداد 23 ساعة ، تعرضت طائرة الخطوط الجوية التركية التي أقلته من بوينس أيريس إلى عطل مفاجئ بعد هبوطها في مطار ساوباولو في البرازيل لنبقى في المطار أكثر من 21 ساعة بعد أن كانت مدة (الترانزيت ) المقررة ساعة و35 دقيقة فقط .

رحلة صعبة

انطلقنا من فندق دازلير في مدينة لابلاتا الأرجنتينية في الساعة الثامنة مساء بتوقيت بوينس أيريس الثانية فجرا بتوقيت بغداد من صباح يوم الأربعاء 31 آيار 2023 متجهين إلى مطار مينيسترو بيستاريني الدولي في بوينس أيريس برحلة قصيرة بالباص لمدة ساعة واحدة تقريباً ، وبعد إكمال الأجراءات المطلوبة في المطار والانتظار لمدة ثلاث ساعات بدأت رحلة العودة التي يمكن أن نطلق عليها ( رحلة العذاب ) على متن طائرة الخطوط الجوية التركية في الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت بغداد .

كان الجو بارداً ودرجة الحرارة بحدود 10 درجات مئوية ، لكن الأمطار أخذت بالهطول بغزارة ونحن نقترب من مطار ساوباولو حيث كان مقرراً أن تهبط الطائرة لإنزال بعض المسافرين وصعود آخرين على متنها . وصلنا المطار حوالي الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت بغداد ( الثالثة صباحا بتوقيت ساوباولو ) ، على أن تستأنف الطائرة رحلتها بعد ساعة و35 دقيقة أي في الساعة العاشرة و35 دقيقة بتوقيت بغداد .

غزارة الامطار

بقينا ننتظر داخل الطائرة لعدة ساعات فيما كانت الأمطار تهطل بغزارة على أرضية المطار ، بعدها طلبوا منا النزول من الطائرة ، لكننا لم نكن نعرف ما حدث ، وكنا نعتقد إن سوء الأحوال الجوية هو سبب عدم إقلاع الطائرة .

في داخل المطار أخذوا ينقلوننا من مكان لآخر وبعدها أدخلونا صالة ( الترانزيت ) ، ولم يكن أحدا يخبرنا بحقيقة الأمر أو سبب عدم إقلاع الطائرة أو أي تفاصيل أخرى ، والحقيقة إن تعامل المسؤولين في الخطوط الجوية التركية معنا ومع بقية المسافرين لم يكن مثالياً ، وافتقدوا لحسن التعامل المطلوبة في هكذا ظروف , خاصة وإن الشركة هي من تتحمل أسباب ما حدث .

بعد ساعات من التنقل هنا وهناك نقلونا إلى فندق داخل المطار على حساب شركة الخطوط الجوية التركية ، وهو نفس الفندق الذي أقمت به خلال رحلة الذهاب من بغداد إلى بوينس أيريس لطول فترة الترانزيت التي بلغت أكثر من 22 ساعة والغريب إن شركة الخطوط وقتها رفضت تحمل أجور الفندق رغم إن البروتوكولات العالمية تنص على تحمل شركات الطيران مسؤولية إسكان المسافرين الذين لديهم 9 ساعات ترانزيت فأكثر .

ارهاق العودة

بقينا في الفندق لأكثر من 21 ساعة ولا أحد يعلم شيئاً عن موعد رحلة العودة ، وكانت فرصة لنا بأخذ قسط من الراحة بعد حالة الإرهاق التي تعرضنا لها ، وفي الساعة الخامسة صباحا بتوقيت بغداد (الحادية عشر مساء بتوقيت ساوباولو) جاءت الأخبار للوفد بأن موعد اقلاع الطائرة سيكون في الساعة السادسة والنصف فجرا بتوقيت بغداد ( الثانية عشر والنصف مساء بتوقيت ساوباولو ) . كنت مع الزميل زيد السراج مراسل قناة الشرقية نغط في نوم عميق في غرفتنا بعد أن غادر الجميع الفندق دون أن يوقظنا أحد ، وفجأة سمعنا طرقا شديدا على الباب حيث كان إداري الوفد السيد عدي جبار يطلب منا الاستعجال بالنهوض لأن الطائرة ستقلع بعد دقائق قليلة وكانت الساعة تشير إلى الثانية عشر ليلا ، وقد علمنا بأنه عاد مشكوراً لاستصحابنا بعد أن افتقدنا على متن الطائرة ، وكانت المسافة بعيدة بين الفندق والبوابة ولضيق الوقت كنا نهرول داخل صالة المطار للحاق بالطائرة قبل اقلاعها .

كانت الطائرة ممتلئة بالمسافرين رغم ضخامتها عكس الطائرة التي كنا قد قدمنا فيها من بوينس أيريس والتي كانت فيها الكثير من الكراسي الفارغة التي منحت الكثير من أعضاء الوفد فرصة الاستلقاء والراحة عليها . اقلعت الطائرة من ساوباولو في الساعة السادسة والنصف فجرا بتوقيت بغداد ( الثانية عشر والنصف مساء بتوقيت ساوباولو ، ووصلنا مطار اسطنبول الدولي حوالي الساعة التاسعة مساء يوم الخميس 1 حزيران الجاري .

كانت الرحلة من ساوباولو إلى اسطنبول متعبة جدا ومرعبة في الوقت نفسه لكثرة المطبات الجوية التي تعرضت لها الطائرة التي كانت تهتز بين مدة وأخرى ويُطلب منا ( ارتداء الأحزمة ) ، خاصة خلال طيرانها فوق المحيط ، وكنا نتوجس خيفة من ذلك خاصة بعد العطل الذي أصاب الطائرة التي أقلتنا إلى ساوباولو والخشية من ( عطل جديد ) لا ينقذنا منه إلا الله عز وجل خاصة وإن لا مطارات قريبة للهبوط الاضطراري ولا لغيره .

بعد وصولنا مطار اسطنبول أخبرنا السيد نديم كريم المدير الإداري للمنتخب أخبرنا بأن الرحلة ستكون في الساعة العاشرة 45  دقيقة مساء أي بعد وقت قصير من وصولنا وعلينا الاستعجال بتبديل تذاكر السفر بأخرى جديدة والانطلاق نحو البوابة (F - 9B) بأسرع وقت .

مشكلة البوابة

المشكلة إن البوابة كانت بعيدة جدا وكان علينا الانتقال من مكان إلى أخر بسرعة ورشاقة ونحن نعاني من التعب والسهر ، وعندما وصلت إلى نقطة فحص الحقائب أصر ( السونار ) بأنني أحمل موادا ممنوعة ، فتم فحص حقيبتي ، ووجدوا قنينة ماء نسيت أن اخرجها من الحقيبة لأنني أعرف إنها ممنوعة ، وفي المرة الثانية منعني السونار من العبور لوجود ( اللابتوب ) فأخرجوه وأعادوني مرة أخرى للفحص ، ولكن السونار أصدر صوتا خاصاً مرة ثالثة ، ففتحوا الحقيبة ووجدوا قنينتي عطر كنت قد أقتنيتها من السوق الحرة في مطار بوينس أيريس ، فأعادوني مرة أخرى للفحص ، وأصر السونار اللعين على معاكستي فأصدر صوتاً بوجود ما يمنع مروري ، فكان هذه المرة معجون أسنان . خمس مرات تم فحص الحقيبة واستغرق ذلك وقتاً طويلا لأجد نفسي وحيداً بعد أن غادر الجميع نقطة الفحص ، وهنا بدأ مشوار (هرولة ) جديد للوصول إلى البوابة التي كانت تبعد كثيراً عن محطة فحص الحقائب .

أقلعت طائرة الخطوط الجوية التركية التي كانت صغيرة الحجم هذه المرة ، حوالي الساعة الحادية عشر مساء لنصل بغداد الحبيبة في الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم الجمعة 2 حزيران الجاري بعد أن استغرقت رحلتنا 47 ساعة و30 دقيقة بالتمام والكمال .