إلتقيتُ أوّل مرة بالصديق المبدع الراحل
وائل المرعب
( رزاق إبراهيم حسن ) في دائرة الشؤون الثقافية ( مجلة آفاق عربية ) أواسط فترة الثمانينات من القرن الماضي حيث كنتُ أعمل رسّاماً فيها ومصمماً لأغلفة الكتب المطبوعة وكان هو يعمل مصححاً لغوياً فيها ، وقد جمعتنا صداقة متينة خاصة بعد أن علمت من خلال لقاءاتنا أن ثقافته تتعدّى النصوص الأدبية واللغوية بشتّى صنوفها ( شعر ، قصة ، سرد روائي ، نقد) الى معرفة بالفن التشكيلي سواء الأكاديمي أو المعاصر وله إلمام طيب بالمسرح وكذلك الموسيقى .
ينحدر ( رزاق إبراهيم حسن ) من أصول عمالية مكافحة ورث عنها الطيبة والأيثار وحب الآخرين ، وقد عمل في بواكير حياته كاتباً ومحققا في الصحافة العمالية قبل أن ينتقل الى المجلات الرصينة التي كانت تصدر في بغداد حيث إتسعت دائرة معارفه لتشمل أغلب الكتاب والشعراء والصحفيين ، وكان محبوباً من قبل الجميع ... وقد إعتدنا أنا وهو بعد إنتهاء دوامنا الى الذهاب الى إحدى المقاهي أو أحد البارات وكان يشغل همنّا مصير البلد الذي كان يخوض حربا ضروس مع إيران .
ومن صفاته الطيبة مساعدة الآخرين وخاصة الأصدقاء فمرة كان معي في سيارتي نقطع شارع الرشيد بإتجاه الباب الشرقي لمحنا من بعيد الشاعر الصعلوك ( عبد الأمير الحصيري ) فطلب مني رزاق وبرجاء أن أقف لإيصاله لأنه كان على معرفة بفقر حاله وهذا ما تم فعلا ، ولمّا سأله عن وجهته أجاب بناية أمانة بغداد حيث أن أمين العاصمة قد طلب منه نظم قصيدة أحتفاءا بذكرى 17 ـ 30 تموز لغرض إلقاءها على أن يكون سعر البيت دينار واحد ، وحين وصلنا لم يتركه رزاق وحده بل ذهب معه وطلب مني أنتظر قليلا لعلمه أن عبد الأمير بسيط جدا ولا يعرف كيف التعامل مع الآخرين ، وهذا ما تم فعلا .
وللأسف بعد إحتلال الكويت وجرى ما جرى من مصائب ودمار شامل للعراق وفرض الحصار إنقطعت صلتي به إذ أصبح كلٌّ منا يبحث عن مصدر رزق يعينه إذ كنت دائم السفر الى عمان ثم إقامتي في الدوحة وبعدها الإمارات وأخيراً كندا وقبل ثلاث سنوات التقيته صدفة في مقهى الشابندر / شارع المتنبي وقال لي إنه يعمل الآن في صحيفة الزمان ويروم إجراء لقاء صحفي معي وهذا ما حصل فعلا ، وقد كان من أكثر اللقاءات الصحفية التي أجريت معي قيمة وشمولية ، وللأسف كان هذا آخر لقاء به بعدئذ سمعتُ بالخبر الصادم برحيله الفاجع ..
رحم الله ( رزاق إبراهيم حسن ) الأنسان والمبدع الموسوعي الرائع .