وطني كظل خفيف
ثامر محمود مراد
أحيانًا يأتيني الوطن بلا قدمين، بلا علمٍ ولا نشيد.
يأتيني كظلٍّ يتبعني حين أمشي، لا أراه إن التفتُّ إليه، ولا يفارقني إن مضيت.
أمدّ يدي فلا أمسكه، لكن قلبي يعرف ثقله، كأن الغياب نفسه صار وطنًا.
يمرّ بي كنسمةٍ تعرف اسمي، تلامس وجهي وتمضي، وتترك خلفها رعشةً لا تشبه البرد.
لا يسألني أين كنت، ولا لماذا تأخرت، فقط يهمس:
أنا هنا… حتى حين تظن أنني ضعت.
الوطن لا يسكن الخرائط، بل يسكن تلك اللحظة التي يضيق فيها العالم،
فتجد في صدرك متسعًا لذكرى، لرائحة تراب، لصوتٍ بعيدٍ لم يكتمل.
هو ليس ما نراه، بل ما نخاف أن ننساه.
وحين أبحث عنه في الطرقات ولا أجده،
أفهم أخيرًا أنه كان يمشي في داخلي،
كظلٍّ خفيف…
لا يُمسَك،
ولا يُنسى.