الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
(الذئب المحارب) من السينما إلى السياسة

بواسطة azzaman

أذن وعين

(الذئب المحارب) من السينما إلى السياسة

عبد اللطيف السعدون

 

الذين تعرفوا الى أفلام «الأكشن» التي صنعتها السينما الصينية في العقد الأخير خرجوا بانطباع أن الصين تعيش عملية تحضير لمرحلة جديدة، تهدف إلى استكمال خروجها من أسر الداخل الى الساحة الدولية، والذي بدأته مع انفتاحها الاقتصادي أواخر القرن الماضي، إذ تحولت إلى أكبر مصدر للسلع التجارية في العالم، كما حققت نسبة نمو عالية في الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وثمّة توقع أن يتخطى اقتصاد الصين مثيله في أميركا في مدى قريب، وهو ما أرعب الأميركيين، ودفعهم إلى محاولة السعي إلى خنقها، وإذا كانت سياسة الصين الخارجية في السابق تقوم على قاعدة العزلة المرنة المقرونة بانفتاح محدود فإنها في المرحلة الجديدة التي تسعى إليها تقوم على قاعدة فعل «الذئب المحارب» التي تجسّدت في سلسلة أفلام عبرت عن خصائص هذه السياسة وآفاق تطورها.

زرع ثقة

يركز فيلم «الذئب المحارب» الأول الذي أنتج عام 2015 على زرع الثقة في نفس المواطن الصيني الذي انقطع عن الارتباط بالعالم الخارجي عقودا طويلة بقدرته على التفاعل مع ما يجري خارج بلاده وقبول تحدّي الآخر، وعبر سلسلة من مشاهد لنزالات بين ملاكمين شباب، ثمة رسائل تفصح عن شعاراتٍ يمكن أن تشكل علامات طريق: «الدقة تهزم القوة والتوقيت يهزم السرعة»، و»لا تدع خصمك يجذبك من ظهرك.. تماسك وأبق التحدّي داخلك»، وما بين هزيمة ونصر يتعلم بطل الفيلم أن المهم أن يكون شجاعا، وألا يدع الخصم يرتاح،وهنا يتطلع البطل لكسب النزال الذي سيجري في اليابان، والذي يأمل أن يحصل فيه على الجائزة الكبرى، كذلك هي الصين التي تتطلع إلى الخارج، وعينها على الجائزة الكبرى.

ينقل فيلم «الذئب المحارب»، في نسخته الثانية التي عرضت عام 2017، المتلقي إلى عملية عسكرية تحدث في مكان ما، جنوب القارة الآسيوية للقضاء على عصابة مخدرات ونشاطات إرهابية، هنا تبرز البطولة الصينية في أوضح تجلياتها المطلوبة، إذ البطل «لا يفكر بقتل الناس إنما إنقاذ الناس»، وتقول الصين كلمتها بصرامة: «لا تستخفوا بالصين، فسوف تعرفون ما الذي تواجهونه..»! تهدف الرسائل التي تنثال عبر «الذئب المحارب» إلى إثارة النزعة القومية التي ترفض التعصبوالاستعلاء، وتريد الإسهام في خدمة العالم، وبناء جسور مشتركة مع الآخر كي يعيش الكل في أمن وسلام، كما تفصح عن قوة الصين وقدرتها على مواجهة التحدّيات.

محاولةً اقتحام

ويتذكر المعنيون كيف توجهت الصين، بعد جائحة كورونا، إلى المساهمة في إنقاذ العالم من الوباء، ونشرت بعثاتها الطبية مع معدّاتها وتقنياتها في أكثر من مكان من العالم، الأمر الذي أغاظ الولايات المتحدة التي رأت فيه محاولةً لاقتحام عالم محظور عليها اقتحامه، في حينه حذرت الصين من «حرب أميركية باردة»داعية الأميركيين إلى إيجاد سبل لتعايش سلمي لأنهما ستخسران معا إذا ما دخلتا في مواجهات.

لوثة النيْل من الصين والكيد لها ظلت تلازم ادارة واشنطن خاصة بعدفشل خطوة فرض رسوم على البضاعة الصينية، وتعثر مخطط زرع العقبات أمام مشروع «طريق الحرير»،والخشية من إفرازات تخلي الصين عن الدولار،والقلق مما يمكن أن تسببه تقنية الجيل الخامس التي لبكين الذراع الطويلة في صنعها.

تظل هناك نقاط حمراء قد تفكر واشنطن في استثمارها، وتوفير عيدان الثقاب لإشعال النار فيها: هونغ كونغ التي تسعىبكين للحد من سلطة الحكم الذاتي الذي تتمتع به، وجزيرة تايوان التي تسعى إلى الحصول على الاستقلال، فيما تصر الصين على ضمها إلى الوطن الأم.

هذا كله يفسر حجم التحدي الذي شكله خروج «الذئب المحارب» من عزلته المحسوبة، والذي دفع بعديدين من رجال السياسة والاستراتيجيا إلى طرح سؤال: هل نحن مقبلون على حرب عالمية ثالثة؟ الجواب ببساطة: نعم.. ولا.

 


مشاهدات 40
الكاتب عبد اللطيف السعدون
أضيف 2025/12/20 - 12:09 AM
آخر تحديث 2025/12/20 - 2:07 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 82 الشهر 14425 الكلي 12998330
الوقت الآن
السبت 2025/12/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير