نظرية (الشرقية)

فراس الحمداني

حين تفتح هاتفك على صورة مضحكة وبعد لحظات تجد نفسك وانت تعرف آخر الأخبار وكأن هاتفك جعل منك خبيراً دولياً دون إذنك .. هنا فقط تدرك أن الإعلام يعرف كيف يوجهك ويؤثر فيك دون أن تشعر وهنا تأتي نظريات الاتصال الإعلامي لتفسير هذه اللعبة اليومية بينك وبين الشاشة ..

تعد نظريات الاتصال الاعلامي اطاراً علمياً يفسر كيفية انتقال الرسائل الاعلامية وتأثيرها على الافراد والمجتمعات وقد ظهرت هذه النظريات استجابة لتطور وسائل الاعلام وتحولها من وسائل تقليدية محدودة التأثير الى وسائل رقمية تفاعلية عابرة للحدود وتهدف هذه النظريات الى فهم علاقة المرسل بالرسالة والجمهور والسياق الاجتماعي والثقافي الذي تتم فيه عملية الاتصال .

و من اوائل نظريات الاتصال الاعلامي نظرية الرصاصة السحرية او التأثير المباشر التي افترضت ان الرسالة الاعلامية تؤثر بشكل مباشر وقوي في الجمهور الا ان هذه النظرية وبعد فترة من ظهرورها لم تعد صالحة بشكل كامل في ظل وعي الجمهور وتعدد مصادر المعلومات لتظهر نظرية التأثير المحدود التي رأت ان وسائل الاعلام لا تؤثر بشكل مطلق بل يتوسط هذا التأثير عوامل اجتماعية وثقافية وقادة رأي .

ومع تطور المجتمعات برزت نظرية الاستخدامات والاشباعات التي تنظر الى الجمهور بوصفه فاعلا» يختار الوسيلة الاعلامية التي تشبع حاجاته المعرفية او الترفيهية او الاجتماعية وتعد هذه النظرية من اكثر النظريات حضورا» في بدايات العصر الرقمي لان المستخدم هو من يحدد ما يشاهده ومتى يتفاعل معه خاصة عبر شاشات التلفاز او وسائل التواصل الاجتماعي . و برزت نظرية الأجندة التي تركز على قدرة وسائل الاعلام على تحديد اولويات القضايا لدى الجمهور دون ان تفرض عليهم كيفية التفكير فيها وهذه النظرية قريبة جدا» من الواقع الاعلامي المعاصر وذلك لان بعض القنوات الفضائية و المنصات و وسائل التواصل تساهم في ابراز قضايا معينة وجعلها محور اهتمام عام من خلال التكرار والتركيز والطرح باحترافية و مهنية عالية.وفي المرحلة الحالية تعتبر نظرية حارس البوابة ( بنسختها الحديثة ) من اقرب النظريات تطبيقا» حيث لم يعد دور الحارس فيها مقتصرا» على المحرر او المؤسسة الاعلامية .. بل اصبحت الخوارزميات والمنصات الرقمية تتحكم في تدفق المحتوى وانتشاره وهذا ما يجعل فهم هذه النظرية ضروريا» لتحليل الاعلام الجديد .

خلاصة القول ان نظريات الاتصال الاعلامي تتكامل اكثر من كونها قد تتعارض وفي كل مرحلة تاريخية تبرز نظرية اكثر حضورا» غير ان نظريتي الاستخدامات والاشباعات ووضع الاجندة وحارس البوابة الرقمية تعد الاقرب لتفسير واقع الاتصال الاعلامي في هذه المرحلة التي تتسم بالتفاعلية والسرعة وتعدد الفاعلين في العملية الاتصالية وقد تتجلى لنا ظاهرة اتصالية تمزج كل هذا في خلطة اعلامية سحرية يضيف القائمين عليها عصارة خبرتهم لتنتج لنا صورة الاعلام الجديد المستخلص للموروث الاصيل والمواكب للحديث الجميل وهو ما جسدته لنا (الشرقية) في كل ما تقدمه عبر شاشتها وكل تطبيقاتها الالكترونية..

ولربما نكون نحن مقبلين فعلاً على نظرية جديدة اسمها نظرية (الشرقية).