اللقطة الشعرية  في ديوان وحدي معي  للشاعرة حميدة العسكري

 علي إبراهيم

 

في منجز الشاعرة الراحلة حميدة العسكري  تفاصيل تتوزّع  بين  الأنا  مساوية لوحدي ،وحالة التمّسك بالانا. لا تأتي من فراغ، بل من مهارة لغويّة. رافقت الشاعرةوهي تستحوذ على شعر العمود بآفاق مجتمعة  ترتبط/ بالوطن/ المرض/ محنة الإنسان/ومرحلة المرض الذي لازم الراحلة في نصّ / سأعبر فوق جرحي/ص٥٢ وبما استجمعته بفعل الحاضر من تحّدٍ في / سأعبر/ اكتم/ يمّد/ يبلغ/ا ضمّد/ أقاطع/مع وصف لحالها مع المرض٠

سأعبر فوق جرحي  والسلام… وأكتم  غصّةً بي لا تنام٠

هو الوجع. الملوّن في المرايا…يمّدُ شبابه هو س الظلام٠

 بلا اسعاف يدرك نزف صوتي…فيبلغ. سَمع طِبٌ لا يرام٠

وفي ذكر موضع الألم في الجسم ،ومحاولة استعادة الحنين المفقود رغم فقدان الحُبّ بكناية ارض قاحلة ، مع. حالة الرفض للضعف والوهن ان يكونا طريقاً لها٠

اقرفصُ ركبة تمشي خطاها…. على  جمر القطيعة باهتمام

اُضمّد ما تمزّق من حنينٍ… واُلقٍمُهُ لصحراء الهيام

ولكن ليس بعد اليوم ضعفُ…يُقطّعُ. حبل. عزمي إذ  اُضام

ساضفر. من شعوري بالتحدّي…جسورا نحو قارعة الختام٠

ولم تفارق الشاعرة المرض حتّى  تسمع. عن مرض كوفيد-١٩-الذي حلّ. على البشريّة  فتبدي رغبة في البكاء لضحايا المرض الجديد من خلال نص. نشيج  الناي/ص٥٦ وهي تلتقط مفردات  /الفقد/ الاسى/ البكاء. المُرّ،حين. يقف الطّب حائرا في وصف. المرض٠

 احتاج ان ابكي بُكاءً مُرّا…علناً يكون أمامكم لا. سِرّا٠

فالقلب. فطرّه مصاب. احبتي…بالفقد. ما أقسى الاسى وامرّا٠

وتستفهم عن خطورة المرض حين. يتوغّل بين ثنايا الإنسان كانّه. في حفرة٠!

هل راقه سقي. الدموع لماطر… ادنى خطاهُ حقل روحي حفرا؟؟

 ودنا. الحصاد بكفّه كم منجلٍ… يأتي. طموحاً. كي يحرز الّتمرا

فإذا  به لاقى من الخذلان ما… يُجنى. يسيراً من حصادٍ صِفرا٠

وكانّ الشاعرة تلتقط صورا من الحياة مزامنة لكوفيد -١٩- فهي. تصف حالة امرأة كانت حاملاً في الشهر الثامن  قضى الفايروس عليهما. معاً بفعل اغتصاب لصحّة الإنسان ،تبدّا بحرف النداء، ويعقبه استفهام مع التحسّر  على المفقود. القادم.للحياة. من مرض اربك البشر في نصّ من أصداء كورونا /ص٢٦/ وإستعارة. في البيت الثاني( بنابه)

 يا. غصن. روحي. لا تخف. لن نفترق… وطنُ سيؤوينا. معا. فلنتفق٠

هل. رابك. الكورون ( آفة حقلٍنا)…قطفَ الورود بنابه، لاك المدقّ٠

آه  ونبضكَ في الحشا. متورّد…حسبي من الأنفاس ما قد يُسترق٠

وتجعل من صدر الام مهداً بعد فقدان الطفل ومهده٠

 ساجهّز المهدالذي تغفو. به… بالقرب من صدري الحنون ستلتصق٠

 وتقرّ الشاعرة. بانَّ التراب الذي خرجنا منه فإنّه سيضمّنا من بغض كوفيد ٠

 في الترب حيث يضمّنا بيت  بلا…ازعاج كوفيد البغيض المخترق٠

 ومن خلال ثمانية وثلاثين نصّاً يمكن ان نجمع. بعضها مع بعض. ومن ذلك نص/ مطر٠ص١٦/ومطر أيلولي ٠ص٧٥/ ويا قطرة المطر٠ص٨٢/ وبعثرات. مطر ٠ ص ٩٣/

 وفي. الرثاء  تجمع الشاعرة مشهدا بينها. ،وبين أمّها الغائبة. لتقول لها كلّ الذي مرَّ عليها من. الحياة بنصّ /في غياب أمّي /ص٩٨

 وامَّي في الغياب تمّدُ لي … روحا. وتدعوني للمرح قربها

لم. تدرِ انَّ نوارسي موتورة… كانت اضاعت. منذعهد سربها .

 مذ بضعّتني  للضياع مشارطُ… نسيتْ. جراحي ان تصافح طِبَها٠

ولعلّ الراحلة قد وجدت في الفصول  متنّفساً لتلوّن لنا كلّ فصل اشبه ببانو راما  ماذا تحّبُ منها،  او تشكو منه ٠ ولنا ان نقف عند رأي الدكتور جاسم. محمّد العجّة( الذي يرى انّ  النص الأدبي حافل. باللقطات يلتقطها الأديب محوّلا إياها. إلى لقطة لامعةبين المسموعة، والمرئية، والملموسة ، والمشمومة، والمستذاقة) مجلة. علامات - الموصل عدد ٤ص٦ فأجد انَّ الشاعرة. قد التقطت من. الفصول وبما يجعلها. تفضّل فصلا على آخر٠

……………………………………………

 وما الفصل الذي يُسرًها في ص٧٧ في صورة الشتاء تشكو  مما تلمسه ُوتلاقيه من ألم ووجع، وفيه لقطات من الملموس، والمسموع٠

 في شتاء العمر لا معطف لي… يستر الأشواك من أوجاعي

مطر يمشي اختياراً مضرماً…  لفحة الأشواق بالأضلاع

 يا شتاء كان لي مبدؤهًُ…كرنين الآه في الاسماعِ

 أمّا الربيع  فنجد الشاعرة قريبة منه ، ربيع تضحك فيه كلّ المحسوسات ، والملموسات ،وتفرد الشاعرة بالضحكة ، وقد تناولها الشاعر العباسي البحتري في وصف الربيع٠

 أتاك الربيع الطلق يختالُ ضاحكاً…. من الحُسن حتّى كاد ان يتكلّما

وتقول الشاعرة: وربيع. يلبس الالوان زهوا… صار للمطرود من اُنسٍ كماوى

                       ضحكت فيه الأراجيح تمادت…فتحت للغيم باباً نحو نجوى

                        كُلّ شيء نبضت فيه الأماني…كُلّ. شيء. قد تناهت عنه شكوى

 وكما شكت من الشتاء فهي تشكو من الصيف،من لهيب الحرارة في البصرة بمقدار ستّة اشهر في السنة! وهو غير مناسب لمرضها المزمن ٠

 وإذا الصيف لهيباً في الحنايا… مرَّ ضيفاً  لرئات بالمنايا

لم تمتْ لكن احسَّتْ باختناق… خطف الأنفاس من تلك الزوايا

وأديم الأرض يكسوه لهيب … فارهُ الحّرِ بنيران النوايا

 وفي وصف الخريف كناية بالأصفر حيث تتساقط اوراقه الخضر التي نزلت من خدمة الأشجار  لتملأ. الارض٠ مع استعارة. بالبيت الثاني في شبح٠

لبس الأصفر فصل راقهُ…. ملبس الأفراح من غير فرح

صارت الاشجارُ فيه مثلما… يرتدي الأثواب بالوهم شبح

ربَّما  كان حريّاً كونهُ…انسبُ الأزمان حِلاًّ. للترح

ونختم الديوان من الغلاف وعنوانه وحدي معي/ص ٣٧، وهو  بداية بيت /وحدي معي وأظنني في نص شهادة طواحين الحياة/ ص١٣  وبيت في نص مطر/ص ١٦ / ألانني وحدي معي/ وبيت ليلفَّني فاظنني. وحدي معي/ص٤٣/ ويمكن ان نرّد ذلك هو ترافق عنوان الغلاف مع ثلاثة نصوص،هو إنّ كلّ ما بثّته الشاعرة يؤكد ذلك. من خلال الأنا والغربة، والفقد وحتّى النصوص التي تمّ ادراجها في القراءة تدّل على ذلك٠

 وفي نصّ وحدي تجمع  الشاعرة بين الذكريات ، الهمّ ، العزلة، المحنة نصّ فيه من العاطفة ، والمشاعر ليكون وحدي حقيقة بعد وحدي معي والظّن ،والشّك في ص١٣،١٦،،٤٣

وحدي معي والذكريات  سماء… والورد أشرعتي وإلفي الماء

في  بحر همّي موجه لتمرّد…مكسورة الجناحين فهي جُفاء

 وألوذ بي من. محنتي فتحيلني…خطا إلى جوفي وحيث ألدّاء

 والراحلة بين التلعثم ،والضياع لما ستؤول  إليها أمور حياتها، تناشد الخاطر المكسور٠

 فتلعثمت  منها الخطى وتعطرت…وخز الرياح ترجَّ الادواءُ

وتناثرت طيَ الضياع وحلّقت… في أفق تيهِ المبعدين بَراءُ

 وتشبه الحياة. كانّها مطحنة، وما. ستلوكه. هو،وخيبة الأشياء التي تريدها من الحياة٠/ص٣٩

وحدي وتطيحني بفكّيها رحى… لأكون أرغفة يلوك بلاءُ

 والديوان قد كشف عن حجم الشكوى،والمحنة بمشاعر متدفّقة ولغة واضحة متكررة ، ومعان تدخل أسلوب البلاغة في الإستعارة،والإزاحة لهدف واحد هو محاولة الشاعرة التخلص بما علق بها من همّ وشكوى لا تكاد تفارقها مع أسلوب السّرد. والحوار في نص/ارهاصة. الوله/ص٦٧ بينها وبين. شاعر. بضمير الغائب هو- هي٠

يُذكر إنَّ ديوان وحدي معي للشاعرة الراحلة حميدة العسكري هو من إصدار الإتحاد العام للأدباء. والكُتّاب في العراق- المركز العام- بغداد ٢٠٢٢ ،ولها ديوان قافية   المطر طبعة  أولى ٢٠٢٢  عن دار كيوان  للطباعة والنشر  سوريا والصادر من اتحاد الأدباء والكُتّاب في البصرة٠