الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ورشة فن المذكّرات والسيرة واليوميات في نادي السرد

بواسطة azzaman

ورشة فن المذكّرات والسيرة واليوميات في نادي السرد

كتابة الذات بين الذاكرة والإعتراف

 

بغداد - حمدي العطار

تأتي ورش كتابة المذكرات والسير واليوميات بوصفها فضاء معرفيا وثقافيا يساعد الكاتبات والكتاب على إعادة اكتشاف ذواتهم عبر الكتابة، والاقتراب من جوهر التجربة الإنسانية كما تتجلى في الذاكرة والسرد والاعتراف. فالكتابة الذاتية ليست مجرد تدوين للأحداث، بل هي عملية تأمل وإعادة بناء للذات، ومحاولة لفهم العالم من خلال القصص التي نحملها في أعماقنا، تلك التي تتشابك فيها الحقيقة مع رؤية الكاتب، وتتحول معها الحياة الشخصية إلى نص قابل للتأويل والإضافة.

ومن هذا المنطلق، جاء تنظيم نادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق لورشة (فن كتابة المذكرات والسيرة واليوميات)، ليضع المشاركين أمام أحد أكثر الأنماط الأدبية قربا من الروح الإنسانية، وأشدها قدرة على كشف الداخل وإعادة ترتيب خبراته.

 أقام نادي السرد في اتحاد أدباء العراق ورشة بعنوان: «فن كتابة المذكرات والسيرة واليوميات»، بمشاركة مجموعة من الكاتبات والكتاب، وبتقديم السارد القدير زهير الجزائري والسارد د. ميثم هاشم طاهر، فيما أدار جلساتها الكاتب خضير فليح الزيدي على قاعة الجواهري يومي الخميس والجمعة.

في الجلسة الأولى، أشار الزيدي إلى أن النقاشات ما بعد الحداثية باتت تطرح سؤالا حول مستقبل الأدب في ظل التحولات العالمية المتسارعة، رغم بقاء الأدب عنصرا جوهريا في تشكيل وعي الشعوب وتكوين ذاكرتها الثقافية.

تحليل الجلسة

فن كتابة المذكرات والسيرة واليوميات» إطارا معرفيا يتجاوز الجانب التقني للكتابة، ليمس جوهر العلاقة بين الكاتب وذاته، وبين الذاكرة والاعتراف بوصفهما مركز الفعل السردي. ويمكن قراءة المادة المقدمة في الورشة من خلال المحاور الآتية:

1. الكتابة الذاتية كفعل وجودي

أظهر طرح زهير الجزائري أن المذكرات ليست مجرد تسجيل لأحداث الماضي، بل هي فعل وجودي يعيد فيه الكاتب تشكيل حياته داخل اللغة. فالذاكرة – وفق باشلار – ليست مخزنا جامدا، بل كيانا ديناميا يعاد بناؤه مع كل كتابة، وهو ما يفسر طبيعة المذكرات كاختيار لا فقط توثيق.

2. تداخل الأجناس السردية

قدم د. ميثم هاشم طاهر مقاربة حداثية تؤكد أن الحدود بين المذكرات والسيرة والرسم الذاتي ليست صارمة. فالكتابة الذاتية اليوم تميل إلى التهجين، وإلى تمثيل ما هو واقعي وما يتجاوز الواقع. وهذا التحول يشير إلى أن النص السيري لم يعد يقاس بمدى تطابقه مع الحقيقة، بل بقدرته على كشف البعد الإنساني.

3. الاعتراف والجرأة السردية

تطرق المحاضران إلى أهمية الاعتراف في بناء نص ذاتي صادق، وهو ما يفتح قضايا تتعلق بالجرأة، وبقدرة الكاتب على مواجهة ذاته لا تجميلها. الاعتراف هنا ليس فضحا، بل تحولا في وعي الذات؛ «لحظة كشف» تمنح النص عمقه ودلالته.

4. وسائل التواصل كذاكرة ثانية

إشارة الجزائري إلى دور فيسبوك تعد قراءة معاصرة لدور التكنولوجيا في إنتاج ذاكرة جديدة. فالنصوص القصيرة، والصور، وتسجيل اللحظات اليومية، تحولت إلى “هوامش سيرية” تتيح إعادة قراءة الذات خارج القوالب التقليدية للسيرة الذاتية.

5. إشكالية الحقيقة والزمن في السيرة

أكّد د. طاهر استحالة تدوين كل تفاصيل الحياة، وهو ما يعيد سؤال الحقيقة في السرد: أي حقيقة نكتب؟ هل الحقيقة كما حدثت أم كما نتذكرها؟ هنا تتجلى قيمة النقد في محاسبة النص السيري على قدرته في كشف الذات لا في دقة تأريخها.

خلاصة التحليل

الورشة لم تقتصر على تعريف أجناس الكتابة الذاتية، بل قدمت مقاربة نقدية لحدود هذا الفن، وتحولات الذاكرة، ودور الاعتراف في بناء نص أكثر صدقا وعمقا. وهي بذلك تفتح أمام الكتاب الشباب أفقًا جديدا لفهم أنفسهم عبر الكتابة، وفهم الكتابة بوصفها مرآة للذات والوجود.


مشاهدات 25
أضيف 2025/12/01 - 6:04 PM
آخر تحديث 2025/12/02 - 1:23 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 62 الشهر 850 الكلي 12784755
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير