زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان
غفران حداد
تأتي زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر مطلع ديسمبر/ كانون الأول إلى لبنان بمرحلة سياسية وأمنية دقيقة وأكثر الأوقات حساسية في تاريخ البلاد الحديث، وتحمل الزيارة البابوية دلالات روحية ورسالة سلام وتأكيدا أن لبنان، رغم كل الحروب الإقليمية والصراعات الداخلية، لكنه لا يزال قادرا أن يكون مختبرا عالميا للحوار والسلام، لكن هل ستكون زيارة الحبر الأعظم مجرد أيام روحية عابرة أم منعطفا يصنع سلاما حقيقيا في جنوب لبنان ومناطق الضاحية وحتى في مدن بيروت؟ وهل ستثمر زيارة البابا إلى البلاد بنهاية الحرب المستمرة منذ عامين بين إسرائيل وحزب الله؟
ينظر اللبنانيون زيارة رئيس الكنيسة الكاثوليكية بحب روح روحي وأمل كبير وهي زيارة صلاة وتأملات أعطي لها عنوان (طوبى لصانعي السلام). لبنان الذي طالما كان نموذجا للعيش المشترك المسيحي- الإسلامي وتأكيدا لدفع البلاد نحو الاستقرار والسلم في الظروف الصعبة التي يمر بها في وقت يكثف العدو الإسرائيلي ضرباته على العاصمة بيروت والجنوب اللبناني واغتيال أهم قادة عناصر حزب الله، بينما تضغط أميركا على الحكومة اللبنانية لنزع السلاح حزب الله قبل نهاية العام، ولكن اليوم وبعد مرور أكثر من 12 شهرا على اتفاق وقف إطلاق النار 2024 والحكومة اللبنانية تتفق على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وتعتبر القوى المسيحية وحتى بعض الطوائف في لبنان إن وجود سلاح حزب الله يشكل تهديدا حقيقيا لاستقرار أمن البلاد، خصوصا أن هنالك قوى خارجية لديها مصلحة لبقاء الحزب واستمرار مواجهته للعدو
الإسرائيلي الذي لطالما شكّل الأخير تهديدا حقيقيا لأمنها ويهدد أيضا، وينفذ اغتيال قاداتها وعلمائها وتدمير منشآتها النووية، يعلم الجميع أن انتزاع سلاح حزب الله بالقوة يعتبر بالنسبة للبنان مغامرة انتحارية.
بإيجاز إن الزيارة لن تلقى في هذه المرحلة سوى نجاح روحي وإعلامي هائل، تعيد إلى لبنان شعورًا بالاعتراف الدولي ودعم الفاتيكان الدائم له، لكن تأثيرها السياسي سيظل محدودًا وسط واقع العواصف السياسية القادمة والأجواء العسكرية المضطربة والمشحونة التي يواجهها البلد على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لكن رغم ضبابية المشهد السياسي والإقليمي تأتي زيارة البابا ليكون مع اللبنانيين، وإلى جانبهم ولطالما يرى الفاتيكان إن لبنان لا يزال النقطة المضيئة الوحيدة في المشرق، ويتمتع بحضور المسيحيين
فاعلاً، على الرغم من كل ما جرى في العراق وسوريا نتمنى أن تكون هذه الزيارة بلسماً لجروح الشعب اللبناني المتراكمة.