الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هيئة النزاهة والصمت الفعّال

بواسطة azzaman

هيئة النزاهة والصمت الفعّال

سمير علي الحسون

 

رحلة وسط أمواج الفساد المتلاطم،لا شكّ أن من يقترب من عمق عمل هيئة النزاهة سيدرك منذ اللحظة الأولى أنّه يدخل بحرًا هائجًا؛ أمواجٌ من الملفات المعقدة، وقضايا تتشابك فيها خطوط الفساد الإداري والمالي، وتمتد جذورها عبر مؤسسات الدولة، بعضها يبدا من مستويات متقدمة في هرم الدولة  إلى أدنى مفاصلها.

فالفساد ليس لونًا واحدًا، ولا وجهًا واحدًا؛ منه ما وُلد من رحم المنافسة السياسية على المناصب، ومنه ما تفرّع عن رغبة في توظيف المال العام لخدمة حزب أو جماعة أو فرد، عبر نفوذ أو امتيازات أو عقارات أو أموال تُستنزف من خزائن الدولة بلا وجه حق.

وهذا النوع من الفساد لا يولد من الجوع ولا ينتهي بالشبع؛ بل هو صراع نفوذ، وتكريس سلطة، وتفريغ مؤسسات الدولة من روحها وعافيتها. ومع ذلك، تبقى هيئة النزاهة جزءًا أساسيًا من بنية الدولة العراقية، تُمارس دورها رغم ما يحيط بها من ضغوط وتحديات.

ومن يقف في الصف الأول لقيادة هذا الصراع، لا بد أن يتحلى بقدر كبير من الثبات والحكمة… وهنا يبرز اسم رئيس الهيئة محمد اللامي؛ الرجل الذي دخل هذا البحر بعقل هادئ، وبأعصاب تعرف كيف تعمل في صمتٍ محسوب، وبقدرة واضحة على إدارة أشرعة هيئة تصارع رياحًا لا تهدأ. فمن يتابع كواليس عمله يدرك حجم التحديات اليومية التي يواجهها؛ تحديات قادرة على إنهاك أي مسؤول، غير أن اللامي استطاع، بصبره وحنكته، أن يوازن بين مبدأ حماية المال العام وبين الواجب الإداري والقانوني الذي يلتزم به. ولعل ما لا يعرفه كثيرون أن أدراج الهيئة، خصوصًا في دائرة التحقيقات، تضم آلاف الملفات والقضايا، تمتد من المخالفات البسيطة إلى القضايا الكبرى التي تتطلب وقتًا وجهدًا وشجاعة. ورغم هذا الثقل، تمكنت الهيئة في عهدها الحالي من رفع مستوى الأداء، وتطوير أدوات العمل، والابتعاد عن الضوضاء الإعلامية المشتتة، لصالح “الصمت الفعّال” الذي يسبق النتائج الحقيقية. واليوم، بعد سنوات من العمل المتواصل، بات واضحًا أن هيئة النزاهة ليست دائرة كبقية الدوائر، بل خط الدفاع الأول عن المال العام، وجدارًا يحاول الوقوف في وجه ماكينة فساد ضخمة، لم تتوانَ يومًا عن محاولة إضعاف كل مؤسسة تسعى لكبح جماحها.

ومهما كان الطريق طويلًا وشاقًا، سيبقى تمسك الهيئة بنهجها رسالة مهمة:

أن معركة النزاهة ممكنة… وأن من يختار طريقها، عليه أن يمتلك شجاعة مواجهة الأمواج، لا الخوف منها.

 

 

 


مشاهدات 21
الكاتب سمير علي الحسون
أضيف 2025/11/23 - 3:45 PM
آخر تحديث 2025/11/24 - 4:03 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 137 الشهر 17272 الكلي 12678775
الوقت الآن
الإثنين 2025/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير