الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صدمة الشعبين العربي والإسلامي بالجزائر وباكستان

بواسطة azzaman

صدمة الشعبين العربي والإسلامي بالجزائر وباكستان

سعد ناجي جواد الساعاتي

 

منذ ان تم توقيع اتفاقات كامب ديفيد، واعتراف مصر باسرائيل، ثم تلا ذلك انهيار الاتحاد السوفييتي الذي كان يدعم حركات التحرر، وكذلك غياب القيادات التاريخية المتحدية للمشاريع الغربية، وظهور الولايات المتحدة كقوة وحيدة تفعل ما تشاء وتشتري من تشاء وترهب من تشاء دون وجود اي طرف قادر على مواجهتها، استسهلت أنظمة وشخصيات وأحزاب في العالم الثالث خاصة فكرة الارتماء في حضن السياسة الأمريكية او إتباعها بدون مناقشة، حتى وان كانت هذه السياسة تعمل بالضد من مصالح الأمتين العربية والاسلامية. ان تاتي المواقف المتخاذلة من بعض الأنظمة العربية او الاسلامية التي قامت واستمرت بالدعم الأمريكي والغربي، او أنظمة تشعر بالعجز الاقتصادي، فهذا مفهوم وتعَّوَد عليه الشارع في الأمتين، ولكن ان يأتي هكذا موقف من الجزائر والباكستان فهذا يشكل صدمة ما بعدها صدمة او في اقل تقدير امر مستغرب جدا.  والمستغرب اكثر ان لا تكترث الحكومتين الجزائرية والباكستانية بنداءات المقاومة الفلسطينية التي ناشدتهما رفض القرار المجحف والظالم والذي لا يمثل ولا حتى 1 بالمئة من طموحات الشعب الفلسطيني.

مليون شهيد

الكل يعرف ان الجزائر حصلت على استقلالها بالكفاح المسلح، وقدمت مليون شهيد من اجل ذلك، واصبحت نموذجا لحركات تحرر اخرى مثل فيتنام وجنوب افريقيا. وهذا الامر لم يكن ليحدث لولا اصرار الجزائريين على النضال والمقاومة، ولولا الدعم العربي الرسمي والشعبي لها. ومن المؤسف ان تنسى الجزائر ان أنظمة عربية تحررية انذاك دفعت ثمنا غاليا بسبب مواقفها الداعمة للجزائر، مثل قيام فرنسا بتزويد اسرائيل باحدث الطائرات المقاتلة والأسلحة المتطور لشن حربي 1956 و1967 على مصر في عهد خالد الذكر جمال عبد الناصر، وقالت صراحة انها فعلت ذلك بسبب دعم مصر للثورة الجزائرية. وكذلك فعلت مع العراق الجمهوري الذي اندفع هو الاخر في دعم الثورة الجزائرية بالسلاح والأموال، وساهمت فرنسا، مع بريطانيا والولايات المتحدة، ومن خلال شركات النفط التي يمتلكونها داخل العراق، بالإطاحة بالنظام الجمهوري الاول لنفس السبب. اما باكستان فلقد حازت على الدعم العربي السياسي والاقتصادي منذ ان ظهرت كدولة بعد تقسيم الهند في 1947، وظل الدعم لها مستمرا في مسعاها للحصول على السلاح النووي وفي كل مواجهاتها المسلحة مع الهند.. ان كل محاولات البحث عن سبب واحد مقنع يجعل الحزائر تتخذ هذه الخطوة لم تأت بنتيجة، أضف إلى ذلك، واذا ما اردنا ان نفكر بالطريقة والعقل السياسي الجزائري، فان الولايات المتحدة الأمريكية تبنت وايدت قبل أسابيع قرارا اتخذ في مجلس الامن يمنح المغرب الحق في ضم الصحراء الغربية وتطبيق قانون للحكم الذاتي فيها، وبالضد من رغبة الجزائر التي كانت ولا تزال تصر على ان يكون هناك استفتاء لتقرير المصير في الصحراء، وامتنعت عن التصويت على ذلك القرار في إشارة لرفضها. لقد كانت الجزائر مطالبة (كأضعف الإيمان) ان ترد على الموقف الأمريكي الذي تقول انه اتى (ضد مصلحة الجزائر الوطنية)، وان تظهر للولايات المتحدة عدم رضاها عن موقفها تجاه القضية الصحراوية وتصوت ضد المشروع الامريكي، وفق مبدأ المقابلة بالمثل.

وما يقال عن الجزائر ينسحب على باكستان التي وقفت إلى جانب الحق الفلسطيني منذ قيامها كدولة، ولكنها هي الأخرى ايدت المشروع الأمريكي الأخير ولم تمتنع او ترفض، بينما هي امتنعت، اكراما للجزائر، عن التصويت للقرار الذي صدر بشان الصحراء الغربية.

الاخوة والتضامن العربي

رحم الله المواقف العربية السابقة التي كانت لا تخشى احد وتتخذ الموقف التي تظهر تمسكها ببعض المباديء التي قامت وتقوم عليها الأخوة والتضامن العربي، وخاصة في مجلس الامن. في عام 1990 بعد اجتياح القوات العراقية للكويت، وفي السنة التالية عندما شنت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا هجوما تدميريا على العراق، وقفت اليمن، الدولة العربية العضو في مجلس الامن انذاك موقفا مشرفا تمثل في الامتناع عن التصويت او رفض اي قرار وجدت فيهه إساءة او ضرر للشعب العراقي، وظلت كذلك حتى نهاية فترة عضويتها في المجلس، (وساندتها كوبا انذاك).

بصدور هذا القرار وتاييده والسكوت عليه تكون حلقة خذلان غزة وفلسطين عربيا وإسلاميا قد اكتملت وصدق الشاعر طرفة بن العبد الذي قال:

وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً

عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ

ولم يبق للشعب الفلسطيني ومقاومته إلا سواعدهم وإصرارهم على الثبات في نضالهم حتى يحققوا أملهم وحلمهم في قيام الدولة الفلسطينية، وهذا الهدف سوف يتحقق مهما طال  الزمن.


مشاهدات 55
الكاتب سعد ناجي جواد الساعاتي
أضيف 2025/11/21 - 11:45 PM
آخر تحديث 2025/11/22 - 1:05 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 68 الشهر 15491 الكلي 12676994
الوقت الآن
السبت 2025/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير