هدوء المواقف يوازن بغداد
حسن الحيدري
شهدت الساحة الاقليمية في السنوات الاخيرة تحولات ضاغطة على القوى الشيعية في لبنان وسوريا ترافقت مع اعادة تشكيل التوازنات داخل العراق هذه التطورات لم تكن منفصلة عن بعضها بل تراكبت لتنتج مزاجا سياسيا جديدا انعكس بوضوح في نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة ففي لبنان تعرضت البيئة الحاضنة لمحور المقاومة الى ضغط هائل نتيجة التصعيد الاسرائيلي المستمر اما في سوريا خسرت القوى الحليفة لطهران مساحتها الجغرافية وممرات الامداد التقليدية مااضطرها للمغادرة حين اصبح الوضع الامني اكثر تعقيدا الى جانب ذلك جاء تغير السلطة في دمشق ليعيد رسم المشهد السياسي هناك مع بروز خطاب مركز على الحاكمية الجديدة ما اثار هواجس اضافية لدى القوى الشيعية في المنطقة عموما والعراق الملاصق على وجه الخصوص
هذه التطورات لم تكن بعيدة عن المشهد والتي تحضى بالمتابعة الآنية فكل حدث يمكن ان يمس امنها قابل للتحليل في لحظات الضعف والتهديد موقفها السياسي متحفزا وحذرا اما في لحظات الاستقرار واستعادة القوة فان علاقتها مع شركائها تتغير بصورة ملموسة . في اجواء الانتخابات الاخيرة كان الشعور السائد داخل البيئة الشيعية ان مرحلة النصر قد عادت وان الخطر الإقليمي تراجع نسبيا ما جعلها اكثر ليونة تجاه من وقف معها ومن تجاهلها او ضغط عليها في لحظات صعبة
في هذا السياق يرى المراقبون الكتل الفائزة داخل البيت السني
من التي تجنبت الخوض في ملفات تعبوية تتعلق بلبنان وسوريا وابتعدت عن الاستثمار في خطاب الهزائم ولم تحول الصراع السوري الى اداة انتخابية داخليا كما وانتقدت بعض التيارات ذات الثقل السني نفسه هذا المسار من وجهة نظر مراقبين اعتبرته القوى الشيعية توازنا مسؤولا يخفف الاحتقان ويقدم مقاربة اكثر واقعية لعلاقة المكونات العراقية بعضها ببعض خصوصا في لحظات إقليمية مضطربةماانعكس هذا في صناديق الاقتراع القوى الشيعية كافأت من اعتبرته متفهما لمخاوفها وعاقبت من رأت انه لم يقرأ المشهد أو تجاهل الضغوط التي مرت بها ان ما يحدث في العراق ليس معزولا عن لبنان وسوريا فالتحولات هناك شكلت ظرفا ضاغطا على القوى الشيعية ماجعلها تعيد تقييم علاقاتها مع الفاعلين السنة داخل العراق وفي المقابل قدم الفاعلين نموذجا لتوازن سني يتعامل مع الواقع بدل الصراع ويحاول تثبيت الشراكة في دولة تمر بمرحلة سياسية حرجة
مشهد معقد لكنه يوضح قاعدة ثابتة في المنطقة عندما تتغير موازين القوة خارج العراق تظهر آثارها بعد حين داخل بغداد..