الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الواحد والصفر

بواسطة azzaman

الواحد والصفر

نزار محمود

 

مما يثير الدهشة حقاً أننا نقف عاجزين أمام فهم سياسات الغرب، مثلاً، تجاه قضايانا العربية. وليس هذا فقط، وإنما نروح نستغيث بندب ونواح، أو صراخ وشتائم دون أن يكون لها أي أثر غير المذلة!

منذ عصر النهضة الاوروبية عشنا نحن العرب، المكلفون بحمل رسالة السماء وأصحاب الخلافتين الأموية والعباسية، حال خمول وكسل وتخلف. لست ممن يلقي اللوم على الخلافة العثمانية التي جنحت الى تركيتها في العقود الاخيرة من حياتها، وبالتالي تبرير ساحة العرب من ذلك التخلف والضعف.

انتهت الحرب العالمية الاولى مطلع القرن الماضي وانكشف عنا الستار وبتنا على حقيقتنا المتشتتة والضعيفة في علومها وفنونها وآدابها الحضارية المؤثرة. ليس لنا رؤية سياسية واحدة، ولم تكن وسائل انتاجنا منافسة، كما لم يجنح ساستنا الا الى الجلوس في كراسي حكم مصنوعة من بردي الغازي والمحتل أو الوصي الأجنبي القوي المتقدم.

وحينها، وكما هي طبيعة وعادة البشر، كانت هناك قوى ودول تتنافس على تقدمها حد الصراعات الدموية والتي انتهت الى قيام الحرب العالمية الثانية وتلتها الحرب الباردة والتي اسميها بالحرب العالمية الثالثة ونحن نعيش اليوم حرباً عالمية مفتوحة بأشكال اخرى متقدمة.

واذا كانت فترة ما بين الحربين العالميتين الاولى والثانية قد استمرت فيها الدول الغازية لمنطقتنا العربية والمحتلة لها والوصية المباشرة عليها، الا انها وجدت في ذلك تكاليف باهضة فذهبت الى الاستعانة بطرق اخرى تحقق لها اهدافها بكلف اقل بالكثير من طرقها الأولى.

ما الذي زرعته وشجعته القوى المتقدمة الكبرى للسيطرة على جمعنا ونهب ثرواتنا وتسفيه أحلامنا وتهميش ثقافتنا هو سياسة فرق تسد، التي عوضتها عن الحرب والغزو والاحتلال وأوجاع رأس الوصاية والادارة المباشرة. لقد درسوا جيداً ما يحتاجونه منا وفينا. مصادر مواد اولية وطاقة وقوى عاملة رخيصة وأسواق مستهلكة ومواقع ومياه.

بدأوا بترويج سياسات التنوع السياسي في فعلها التفتيتي بالعلاقة مع اوضاعنا الثقافية والاقتصادية والعرقية والدينية والمذهبية وطبائعنا البدوية وميلنا الى السلطة والرئاسة، فكانت فينا جميع الأحزاب السياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، وبأساليب العصبية القبلية العمياء.

وهكذا تركونا نتصارع على العمالة ونتسابق الى الخيانة! ولم يكتفو بذلك فقد زرعوا لهم معسكراً محارباً في قلب اوطاننا، وغضوا البصر عن الذئاب الاقليمية، وكل يجري في اطار نسق موحد.

اسرائيل واحدة تدعمها دول النيتو، والفلسطينيون فصائل متناحرة، والعرب أمة وهم!!

لم يسمحوا لنا ببناء، لا بل وشجعونا على التدمير، وهكذا بتنا تلعن كل أمة ما سبقتها وما عاشرتها من أمم! وحين أحسوا بولادة كبش يريد ترؤس أغنام له، سارعوا الى تربية كبش مقابل، وزرعوا الشقاق بينهما ارتكازاً على ميل كل كبش الى حمل الجرص حول عنقه!

كل ذلك يدور واعلامنا غاط في جهل أو كسب عيش او ارتزاق أو عمالة مكشوفة.

حتى العلماء فينا ملوا الصعاب، منهم من انزوى وضاع بين رفوف الكتب، ومنهم من انتهى الى وسادة اجنبية مريحة.

نعم، لقد نجحوا في معادلتهم السياسية تجاهنا:

واحد ناقص واحد يساوي صفر.

وها نحن نعيش قيمة الصفر في الحساب والجبر!!


مشاهدات 32
الكاتب نزار محمود
أضيف 2025/11/21 - 11:12 PM
آخر تحديث 2025/11/22 - 12:25 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 27 الشهر 15450 الكلي 12676953
الوقت الآن
السبت 2025/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير