الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أكتبُ لِمَن لا يقرأ

بواسطة azzaman

أكتبُ لِمَن لا يقرأ

رعد البيدر

 

سألُني احدَهُم لماذا تكتُب ؟

أكتبُ، لا لأنّني أعتَقِدُ بأنَّ الكلمات ستُغيِّر من لا يَتغيّر، بل لأنَّ الصمتَ صار وجعاً لا يُحتمَل. أكتبُ في زمنٍ تهاوّت فيه المعاني، وتحوّلت فيه الصفحات إلى مَرايا تُعكسُ ما في دواخلي. أكتبُ لِمَن لا يقرأ، لأنّ الكتابة ليست ترفاً، ولا بهجة، ولا انتظاراً لتصفيقٍ، بعد إتمام السطور، بل أنها مقاومةٌ ناعمة في وجه الخمول المُستَشري، فينا وبَينَنا.

عزفَ ذوي القلم عن الكتابة وكسّرَ الكثيرُ منهم أقلامهُم؛ تجنُباً مِن عبارة ( أنتَ شَعليك ؟ ) فتجاوّبَ و أجاب: بنعَم صَدَقت ( شَعليّة آني ) حين وجد أنَّ صوت وصدى حرفه يموت قبل أن يصل إلى أُذنَ القارئ. لكنَّني سأبقى أكتب، لا عن عنادٍ مع أحد ؛ بل لأنَّ الكتابة تحولت إلى ضرورةً أخِفِفُ بها هُموماً تتفاقم، أكتبُ لكي لا أموت من فَرط الوّجَع، أكتبُ لأنَّ هناك ما لم يُقال بعد، يختنقُ في صدوري، ويطلبُ الخلاصَ بأي لونٍ من الحبر، المُهم أن أبوح ولا اكتم. لا تَحسَبْني ( بَطراناً ) يا صديقَ طفولتي المُمتدّةَ إلى المَشيب ، إذا نفَّستُ بقلمي عمّا أراهُ وأسمعُه، فليس في الكتابةِ زهوٌ ولا ادّعاء، بل هي حاجةُ مَن اختنقَ برؤية المُنكراتِ وسماعِها، فيكتبُ ليبقى في دائرةِ الإحساس، وليس على مُحيط الصَمت.

أكتبُ لأنّي أُؤمِنُ بقولِ النبيِّ (ص):

(مَن رأى مِنكُم مُنكراً فليغيِّرهُ بيدِه، فإن لم يستطع فبلسانِه، فإن لم يستطع فبقلبِه، وذلكَ أضعفُ الإيمان).

ختاماً ..أكتبُ لا لكي أُرضي من يُريد أن يرضى، ولا أجامِلُ من يُريد أن يزعَل، بل لأحميَ ما تبقّى من إنسانيّتي، أتنفّسُ بالحَرفِ لكي لا أختّنِق، وأتنفّسُ بالصدقِ لكي لا أُغالط نفسي المُتعبة... لعلَ جوابي واضحاً.


مشاهدات 48
الكاتب رعد البيدر
أضيف 2025/11/18 - 3:52 PM
آخر تحديث 2025/11/19 - 4:39 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 139 الشهر 13499 الكلي 12575002
الوقت الآن
الأربعاء 2025/11/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير