الشاعر الشعبي والمشهد السياسي
ضحى عادل البوفرادي
ايام معدودات وننتظر بتفاؤل وامل النسخة السادسة من انتخابات مجلس النواب العراقي في 11 تشرين الثاني،وكلنا نتطلع في ترسيخ تجربة ديمقراطية حقيقية تعبر عن ارادة العراقيين في بناء دولة المؤسسات والعدالة . ففي حين يتنافس اكثر من 7 الاف مرشح على مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 329 مقعدا ، فان هؤلاء المرشحين موزعين على مئات الاحزاب والكيانات السياسية في ظل اجواء مشحونة بالخلافات وعمليات تسقيط سياسي غير مسبوقة. ويبقى وعي الناخب العراقي حجر الزاوية في تحديد من يمثله. و يقع على عاتق المجلس انتخاب رئيس جمهورية جديد ورئيس حكومة جديد ، والكل يامل بعهد جديد .
لفت انتباهي وانا احضر مؤتمر انتخابي التواجد الكثيف للمهاويل ، وتساءلت في داخلي مااثر المهوال في المشهد السياسي وانا اتذكر اثر الأهزوجة العراقية (لا تتمادى نخبزك خبز العباس)، وقد انتشرت عربياً، بل إن بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي من الأجانب، أقدموا على ترديد مفرداتها والرقص على طريقة «الدبج» العراقي، من دون أن يعرفوا معنى هذه الأهزوجة وامتداداتها التاريخية وارتباطها بوجدان العراقيين وذكرياتهم عنها ، عرفت مدى تاثير الاهزوجة الشعبية في الوجدان العراقي ..
والمهاويل :هم شخصيات تقوم بمدح الأحياء والأموات من شيوخ العشائر والشخصيات العادية أثناء حفلات الزفاف ومراسم تأبين الموتى من الشخصيات الاجتماعية مثل زعماء القبائل وغيرهم، ويطلق الناس على هؤلاء المداحين تسمية «المهوال»، وعادة ما يؤلف ما يدعى بـ»الهوسة» ويجمع الآخرين حوله ليرددوا معه ما يقول .وغالبا ما يتميّز المهوال بقدرته على الإلقاء الحماسي في مختلف المناسبات، فهو يبرع في مدح القبائل والوجهاء في مختلف المناسبات لينال استحسانهم وعطاءهم ويحصل على مبالغ مجزية لقاء مدحه تلك الشخصيات
وعلى الرغم من أن ظاهرة التكسّب ليست حديثة، إذ اشتهر العديد من الشعراء في التاريخ العربي القديم بتقرّبهم من الولاة والسلاطين ومدحهم بأبيات شعرية لقاء حصولهم على الأموال والهدايا الثمينة، لكن الاختلاف بين الشعراء المذكورين والمهوال هو أن الأخير يلقي شعره باللهجة الجنوبية الدارجة او لهجة الفرات الاوسط مستخدما الشعر الشعبي . يمكن القول ان المرشحين قد تنبهوا ان اللهجة الشعبية عموما هي الاقرب الى مدركات المجتمع كونها مشتبكة مع اعصاب الناس في يومياتهم وحديثهم . لذا استشعروا ان الاهزوجة الشعبية هي اكبر مؤثر ثقافي ادبي له وجود وتاثير في المجتمع. لان الاهزوجة الشعبية ببساطة منظومة خاصة منفردة تمثل كينونتها ولا يمكن ان تتصرف بوجودها الى جنس ادبي اخر. والراجح ان المرشحين ارادوا ان يدغدوا عواطف ناخبيهم لاحساسهم ان الشعر الشعبي كان الاكثر قبولا من بين حقول الثقافة ويمكن تبرير ذلك في ضوء سهولة حفظ الاهزوجة الشعبية وسرعة فهمها وانتقالها ، لا سيما ان المهوال بطبيعته ينتقل من مكان الى مكان اخر.