كتاب ثلاث نساء وقيروانة نص مسرحي عربي–إنكليزي للكاتب اليمني حميد عقبي
باريس – الزمان
صدر حديثًا عن دار فكرة كوم للنشر والتوزيع – ورقلة، الجزائر، وبدعم من الناقد الجزائري الدكتور حمزة قريرة، النص المسرحي الجديد «ثلاث نساء وقيروانة» للكاتب والمخرج والناقد اليمني المقيم في باريس حميد عقبي، في كتاب ثنائي اللغة (عربي/إنجليزي)، بترجمة المترجم اليمني محمد المخلافي. وبهذا الإصدار يواصل عقبي مشروعه المسرحي التجريبي الذي يزاوج بين الشعر والصورة، والاشتغال العميق على الجسد والذاكرة والهامش الإنساني في زمن الحرب.
تدور المسرحية في فضاء واحد مكثف، يتمثل في فناء بيت ريفي، تتحول فيه تفاصيل الحياة اليومية—حبال الغسيل، الملابس، الماء، والقيروانة—إلى علامات رمزية حادة، تستحضر الغياب والانتظار وانكسارات الحرب. ثلاث نساء فقط على الخشبة: مريم، سارة، وليلى، يمثلن أجيالًا وتجارب مختلفة، لكنهن يشتركن في مواجهة الفراغ الذي خلّفه الرجال الغائبون إلى جبهات القتال. النص لا يتكئ على حبكة تقليدية، بل يبني توتره عبر الحوار الشعري، والحركة الجسدية، والتناوب بين السخرية والحزن والحنين، في مناخ يقترب من الفانتازيا الواقعية التي تميز كتابة عقبي.
في تقديمها للنص، وصفت الكاتبة والشاعرة اليونانية مارتا فاسكانتيرا العمل بأنه «نشيد للمرأة»، مؤكدة أن حميد عقبي يقترب من نفسية المرأة بحساسية وتعاطف عميقين، ويرفع من شأن روحها ووجودها، كاشفًا التضحيات التي تقدمها تحت وطأة الأعراف الصارمة والحروب التي «تدمّر العائلة، القيم، والإنسان، وتترك جراحًا لا تندمل». كما رأت أن المسرحية تحمل رسالة واضحة ضد الحرب، ومن أجل السلام والإنسانية.
ويكتسب هذا الإصدار أهمية إضافية بكونه مقدّمًا بصيغة ثنائية اللغة؛ إذ يأتي النص العربي كاملًا، متبوعًا بترجمته إلى الإنجليزية، في محاولة جادة لاختراق حاجز اللغة ونقل عمق التجربة المسرحية إلى قارئ عالمي. وقد واجهت الترجمة الإنجليزية تحديات واضحة، لكنها سعت بجدّ إلى قراءة العمق الدلالي والجمالي لنص عقبي المشحون بالفانتازيا، واللغة الشعرية، والإيقاع المسرحي، دون تبسيط مخلّ أو تسطيح للرموز.
كتاب «ثلاث نساء وقيروانة» للمخرج السينمائي والمسرحي اليمني حميد عقبي، مسرحية عن الحرب، وعن ما تتركه الحرب خلفها من نساء يواجهن الزمن والجسد والذاكرة، ويحاولن—وسط الخراب—اختراع معنى، أو لعبة، أو أغنية، كي لا يتحول الانتظار إلى موت بطيء. وبهذا العمل يؤكد حميد عقبي حضوره كأحد الأصوات العربية التي تكتب المسرح بوصفه فعل مقاومة جمالية وإنسانية، فيما تواصل دار فكرة كوم دورها في دعم النصوص العربية الجريئة والانفتاح بها على ثقافة أوسع.